الأحد، 30 مايو 2010

صباح الخير


।youtube.com/v/7EYAUazLI9k&hl=en_US&fs=1&">

صباح الخير

علي طريقة صوت الموسيقي

عندما ننطلق سوياً في عالم يملئه المرح والسعادة ..........


Let's start at the very beginning
A very good place to start
When you read you begin
with - A - B - C
When you sing you begin
with DO - RE - MI
DO - RE - MI , DO - RE - MI
The first three notes
just happen to be DO
- RE - MI
DO - RE - MI
DO - RE - MI - FA -
SO - LA - TI...
(Oh let's see if I can
make this easier)
DO - a deer, a female deer
RE - a drop of golden sun
MI - a name, I call myself
FA - a long long way to run
SO - a needle pulling thread
LA - a note to follow SO
TI - a drink with jam and bread
That will bring us
back to do oh oh oh
Doe! - a deer, a female deer
Ray! - a drop of golden sun
Me! - a name I call myself
Far! - a long long way to run
So! - a needle pulling thread
La! - a note to follow SO
Tea - a drink with jam and bread
That would bring us back to do!
A deer, a female deer
RE, a drop of golden sun
MI, a name, I call myself
FA, a long long way to run
SO, a needle pulling thread
LA, a note to follow SO
TI, a drink with jam and bread
That would bring us back to do...
DO - RE - MI - FA -
SO - LA - TI - DO! -
SO - DO!

Maria: Now children
, do re mi fa and so
on are
only the tools we use
to build a song.
Once you have these notes
in your head you
can a sing a million
different tunes by
mixing 'em up.
Like this...ah...:

SO - DO - LA - FA - MI - DO - RE

Can you do that?

SO - DO - LA - FA - MI - DO - RE

SO - DO - LA - TI - DO - RE -DO

SO - DO - LA - TI - DO - RE - DO

Maria: Now put it all together...

SO - DO - LA - FA - MI - DO - RE
SO - DO - LA - TI - DO - RE - DO

Maria: Good!
Brigitta: But it doesn't mean anything.
Maria: So we put in
words, One word for
every note, like this:

When - you - know - the -
notes - to - sing
You - can - sing -
most - any-thing

Maria: Together!

When you know the notes to sing
You can sing most anything!
(Biking scene)
DO....
A deer a female deer
RE...
A drop of golden sun
MI...
A name I call my self
FA...
A long long way to run
SO...
a needle pulling thread
LA...
A note to follow so...
TI...
A drink with jam and bread
That will bring us back to do
(Carriage Scene)
Gretl: DO
Martha: RE
Brigitta: MI
Kurt: FA
Louisa: SO
Friedrich: LA
Liesl: TI
Maria: DO, DO

TI - LA - SO - FA - MI - RE - DO

Gretl: DO
Brigitta: MI - MI, MI
Louisa: SO - SO
Martha: RE
Kurt: FA - FA
Friedrich: LA
Liesl: TI - TI

(DO - MI -MI, MI - SO
- SO, RE - FA - FA, LA
- TI - TI)

Maria: When you know
the notes to sing
You can sing most...

All: anything!
(Fountain Scene)
DO - a deer a female deer
RE - a drop of golden sun
MI - a name I call myself
FA - a long long way to run
SO - a needle pulling thread
LA - a note to follow SO
TI - a drink with jam and bread...
That will bring...us...back...to...

Maria:-
DO...
RE...
MI...
FA...
SO...
LA...
TI......
TI - DO...oh...oh!!! SO - DO!
Children
SO - DO
LA - FA
MI - DO
RE...
SO - DO
LA - FA
Friedrich & Kurt: LA - SO
Friedrich, Kurt, Liesl & Louisa: SO - FA
All: MI - RE


الجمعة، 28 مايو 2010

سِفر العودة‏

الجزء الثاني من عاد بعد مائة عام

وضع الصور في مكانها وبجوارها الميدالية واغلق درج المكتب ...
أمسك الشمعة وخرج من الغرفة واغلقها ثانيةً وخرج من البيت ووقف وخلفه الباب في الخارج
ناظراً للفراغ وللعالم
لا يعلم من أين عاد ولا أين سيذهب ؟؟
جلس اسفل شجرة الثرو القديمة بجوار الارجوحة التي انتشر عليها الصدأ ...
هبت رياح غربية ثقيلة حركة الارجوحة فاحدثت انيناً حزيناً يخرج منها كأنها تبكي ذكريات السنين وتشكو وحدتها للفراغ المحيط ...
تساقط بجواره بعض اوراق الثرو الصفراء المنتشرة حوله في كل مكان ، نظر للطريق الطويل الذي امامه مباشرة وظل يتذكر ربما اكون قد اتيت من هذا الطريق ربما يكون هو طريق الخروج الذي لا يعلم زمنه بعد ولا الي اين خرج ....
في الازمان القديمه خرج موسي عليه السلام بقومه من مصر هرباً من بطش فرعون وحاشيته فأنجاه الله واغرق فرعون ، ودخل موسي بقومه الي سيناء فكان في العهد القديم سِفر الخروج من مصر
واذنب قومه وعصوا الله ورفضوا دخول الباب سجداً فلعنهم الله بالتيه اربعين عاماً في سيناء ...
فهل يكون هو قد اذنب ايضا وحُكم عليه بالتيه
تيه القلب والمستقبل والأمال
لا يتذكر لماذا حُكم عليه ولا يتذكر لما حُكم عليه بسِفر عودته الأن ....
نظر للأرجوحه الباكيه وتذكر بصور مشوشه في عقله وماضيه عن ملعب صباه
عن اطفال كان يجري معهم ، اولاد وبنات أصوات ضحكات متقطعه ، بالونات تطير في الهواء ، فتاه تلهوا بدراجه ، نساء يعددن الطعام ورجال يتسامرون ويضحكون لم يميزهم بعد !!
عجوز طيبه جالسه تمسك سكيناً وتقشر البرتقال الشتوي وبجوارها طفل ينتظر ثمرته بعد انتهائها ...
فتح عينيه بعد وابل الذكريات المشوشه التي اجتاح عقله فلم يجد غير الريح وتطاير اوراق الثرو وانين الارجوحه مازال شاكياً ....
اتجه الي الطريق الطويل ونظر الي الافق البعيد محاولاً ادراك نهايته لكن لم تظهر له نهاية بعد !!
كان الطريق ينتشر علي جانبيه اجمات متكاثفه من الشجيرات المتشابكه والطريق ترابياً ليس عليه اثار بعد ماعدا اثار قدميه هو نفسه عندما عاد عليه ....
وقف برهة ينظر الي بيته القديم وتردد داخله أيترك ذكرياته ويبحث عن طريق جديد
أم يظل مكانه مؤتنساً بهذا الماضي المشوش ؟
لم يختار بعد لكنه مشي قليلاً في الطريق ينظر تارة امامه وتارة اخري خلفه فيبتعد البيت تدريجيا بشجرتي الثرو والارجوحه ، وأمامه لم يظهر غير الافق الا متناهي ....
استكمل سيره عاقداً العزم علي الاستمرار ، مازالت الغابات الجانبيه تشاركه المسير ولم تنتهي
يسمع اصوات علي الجانبين فلم يبالي !!
كانت الشمس ساطعه في كبد السماء تحتجب مع مزاحمة السُحب لها وتطل مرة اخري ، فكان الجو خريفيا لطيفاً ....
اغمض عينيه مرة اخرى فرأى طفل يلعب بين اخوته وينظر اليهم وهما يستدعون للذهاب الي مدراسهم ، وأم تتحرك بنشاط لتجهيز مستلزماتهم وأب يفرغ من صلاته ويخرج قبل ابنائه
وأخ اكبر يقبل الطفل ويتركه ويذهب الي مدرسته ، وجلس مع امه وحيداً يراقبها وهي تكتب في بعض الاوراق وهو يراقبها ويلهو بألعابه البسيطه ....
فتح عينيه واستكمل سِفر عودته ماشياً في طريقه ،،،،،،
بدأت تخف اجمات الشجيرات المتشابكه علي جانبي الطريق ويظهر بدل منها بعض اشجار النخيل،،،،،،
نظر الي الأفق البعيد كانت الشمس تاخذ منحنى للغرب يحاوطها بعض الشفق ،،،،
وجد بعضاً من الطيور تحلق بعيداً فنظر اليها ربما اقترب من النهر ،،،،،
لا يدري الي اين سينتهي طريقه ،،،،،،،،،،،،،،
لكنه مازال ماشياً ،،،،،،
مستكملاً سِفر العوده ،،،،،،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللوحة لفان جوخ

الثلاثاء، 25 مايو 2010

يوم جديد

لقد مضى الموسم بذكرياته الجميله ليعطي لها جزئاً من التقاط الانفاس واكتشاف شيءٌ جديد في حياتها قد تكون غافلة عنه او يأتيها بدون ميعاد منتظرة غداً ويوم جديد اخر لتستكمل رحلتها في الموسم القادم مع أولادها ،،،،،

استيقظت اليوم بفتور وحزن لم تعتاد عليه من قبل ذلك وهي ذاهبة الي عملها وملاقاة تلاميذها او اولادها كما تحب ان تسميهم ، ربما حزنها هذا اليوم بسبب انه اليوم الاخير في الموسم الدراسي وانه يوم وداع أولادها التي لم تفترق عنهم الا نادرا طوال هذا الموسم الشاق المليء بالذكريات الجميله والاحداث الطفولية الرائعه ....
توضأت وصلت ركعتي الصبح كما تعودت وقامت بأعداد القهوة بالحليب  ووقفت امام مرأتها لكي تُظبط ملابسها وحجابها الرقيق فهي بسيطة في كل شيء في ملابسها وتعاملتها منطلقه بشوشه بالتالي سريعا تكتسب حب واحترام الاخرين .....
الساعه وصلت للسابعه ونصف وقد فرغت تواً من قهوتها وافطارها السريع ودعت امها وابيها بالقبلات واخذت سيارتها وانطلقت الي مدرستها التي تعمل بها ،،،،،،
كان صباحاً صيفيا جميلاً مازالت نسمات الصباح باردة لم تكتسب بعد حرارة الشمس ، فتحت زجاج سيارتها وقامت بتشغيل القرأن الكريم كما اعتادت ان تبدأ يومها ، لم تبالي بالطريق ولا بالسيارات حولها او بالمارة بل كانت شاردة الذهن في يوم وداع أولادها وانتهاء الموسم الدراسي ,,,,,,,
وصلت الي مدرستها في ميعادها الثامنه صباحاً ، لحقت طابور الصباح بين أولادها  وتحركت معهم الي حجرة تدريسها الخاصه ....
كان الاطفال يتحدثون فيما بينهم وعندما نظرت اليهم سكتوا جميعا ونظروا اليها ، تحركت اليهم وجلست بالقرب منهم وسألتهم عن احوالهم اليوم وماذا اعدوا للعطلة الصيفيه ومن سوف يعود الي وطنه ومن سوف يستمر بالمُقام هنا ؟؟
ضحكت معهم وكانت ضحكاتهم كتغريدة طيور انطلقت تواً من أعشاشها  في صباح يوم صيفي كي تكتشف مستقبلها البعيد ....
كان الفتي الاشقر الجميل ذو الوجنتين الحمراوين الانجليزتين يجلس بالقرب من مُعلمته حزيناً محاولاً الهروب بعينيه عنها كان شديد التعلق بها يحبها حباً شديداً وكان غير مصدق انه سيفترق عنها في هذا اليوم ويعود الي وطنه حيث بلاد الضباب بعد ذاق هنا دفئ وحنان الشرق .....
كانت هي مشفقة عليه تُخفي دمعتها عنه حتي لا يتأثر فهي قادرة علي التحمل لكنه طفل غير قادراً بعد
ظلوا يلعبون ويضحكون حتي يكون هذا اليوم ذكري جميله في عقولهم البريئة
وقفت ونظرت من النافذة مستعيدة ذكرياتها كيف كانت تلعب معهم الكرة ، كيف تلقنهم دروس القران الكريم واللغه العربية ويقوموا سويا بتمثيل بعض الدروس كي يسهل فهمها عليهم  وكيف تشرف علي مسابقات السباحه تنظر علي ساحة ركوب الخيل البعيدة فتتذكر ايام ماكانت تراهم وهم يتدربون علي ركوب الخيل واصرارهم علي ان تشاركهم وهي ترفض بشدة ......
قطع عليها شريط ذكريتها ذاك الفتي الاشقر الوسيم واعطاها هدية طفولية جميله علي شكل فرس خشبيا صغير كفرس طرواده وقال لها : هذه هديتي يا مُعلمة ............
انتهي اليوم الدراسي سريعاً مثلما انتهى  الموسم الدراسي  بالكامل ، وقفت تودعهم وجلست في وسطهم تذكرهم ان يحافظوا علي انفسهم وصحتهم وهم يضحكون ويودعونها
اخذت سيارتها وانطلقت ببطيء فوجدتهم يركضون ورائها ويشاورون لها
وهي تتحرك ببطء تُخرج يديها لهم مودعه
لقد مضى موسماً بذكرياته الجميله
وحان الان لاكتشاف شيئاً جميلاً اخر يشعرها بالسعادة
وفي الخريف يأتي موسماً دراسيا جديداً بأولاداً اخرين
صداقه جديدة وفتي جميلاً اخر
فهي في كل عام يرزقها الله بأولاداً اخرين
لتستكمل رحلتها من جديد ،،،،،،

الأحد، 23 مايو 2010

يا لور حبكِ



يا لور حبك قد لوّع الفؤاد
وقد وهبتك الحب والوداد
ألا تذكري ليالي الصفا
وعهداً عهدناه على الوفا

الليل والأنسام والبلبل الشاكي
وسترة الأنغام والقلب يهواكِ
كم أزهرت أحلام بالحب والصفا
ظهرت بها الأيام مثل الغفا

الليل والأحلام والشاطئ النادي
والشوق والأنغام والموطن الهادي
يا طيبها أيام أحلى من الصفا
وتنشد الأنغام على الوفا


الاغنية بصوت فيروز



الاغنية من مسرحية ميس الريم



الجمعة، 21 مايو 2010

سفر الأحلام

كان يمشي بسرعة لكي يلحق ميعاد القطار الذي قد حان ميعاده بعد خمس دقائق ، ظل يمشي ويخترق الزحام الكثيف في مثل هذة الساعة التي تشهد عودة الموظفين الي مدنهم القريبة من العاصمة ...
كان الجو خريفياً جميلاً الشمس ساطعة تزاحمها في السماء بعض السحب الخفيفه التي تلطف من الجو مع نسمات باردة تأتي كل حين ،،،،،،
كانت السيارات تقف مصطفه امام بوابات المحطة الكبيرة تنتظر من أتي وبعضها يودع من سيرحل ، الزحام اعاقه كثيراً للوصول في الموعد المناسب ، وصل الي باب المحطة راكضا في البهو المتسع لصالة الركاب وارصفة المحطة وعندما وصل الي الرصيف المطلوب وجد القطار قد رحل  مخلفاً في الأفق القريب دخانه واخر عربه فيه ،،،،
وقف ساخطاً وحزيناً لانه لم يصل في الوقت المناسب وعليه انتظار ساعتين لكي يلحق بالقطار الاخر ....
وقف حائراً ينظر حوله ماذا سيفعل في هذا الوقت ، تمشى قليلاً بأتجاه بائع الكتب والجرائد  وقف ينظر الي عنواين المانشيتات وبعض الكتب المعلقة في فاترينة الكُشك ....
كانت هي ايضاً قد فاتها القطار ربما نفس القطار الذي لم يلحقه وللمصادفه كانت تنتظر قطاراً اخر بعد ساعتين ربما ايضاً يكون هو القطار الذي ينتظر !!
اخذت جريدتين واحده مستقلة والاخرى مُعارضه ، اخرجت النقود ورقة بعشرين جنيهاً واعطتها للبائع فقال لها ليس معي فكة ...
وقفت محتاره وكادت ان تُعيد الجريدتين مكانهما لكنه سمعها هي والبائع وقال لها اعطيني العشرين جنيهاً انا معي فكه ،،،،،
شكرته وانصرفت وتمشيت قليلاً بأتجاه الرصيف لا تدري ماذا تفعل حتي ميعاد القطار ربما يتأخر والوقت يمر ببطء !!
كانت قد تجاوزت الثامنة والعشرين منذ ايام وجهها طفولي يخبر من يراه انه اصغر من ذلك بكثير وزاده الارهاق عذوبة ونظرتها كانت اقرب الي برائة الاطفال فكل هذا يعطي انطباعاً انها اصغر من سنها كثيراً ...
كان يقف بالقرب منها ينظر اليها احس من وقوفها وتململها وذهابها وايأبها كل حين انها قد تكون منتظرة نفس قطاره
كان هو تقريبا في نفس سنها لكن ملامح وجهه تدل علي انه اكبر من ذلك ربما الحياة قد تجعل الانسان يكبر قبل الاوان ....
تمشي اليها ووقف بجانبها وقال لها هل فاتك القطار الذي رحل منذ دقائق ؟
لم تنظر اليه انما نظرت لشريط السكك الحديديه وقالت : نعم اكيد واضح ان كل منا فاته القطار
فأبتسم ونظر الي ماتنظر اليه ورد عليها : واكيد كل منا ينتظر قطار اخر !
رجعت قليلاً للوراء مبتعده عن حافة الرصيف وقالت : لكن دائماً الثمن في الوقت الذي يضيع في انتظار القطار الجديد
اقترب منها قليلاً وقال لها : قد يكون التعويض فيما نقابلهم في الرحلة الجديدة ؟
نظرت للجريدة متظاهرة انها تقرأها لكنها طوتها مرة اخري وقالت : ربما لكنها ماهي الا رحلة وستنتهي !!
كان يحس بالعطش الشديد بعد مجهوده في محاولته للحاق بالقطار  وكان شديد التوق لكوب من الشاي يزيح عن كاهله بعض ارهاق اليوم فعرض عليها ان يعزمها علي الشاي فلم تمانع ....
جلسا سوياً في الكافتريا القريبة من الرصيف وضعت شنطتها الصغيرة بجوارها وهو وضع شنطته علي الكرسي المجاور له ...
كانت تحس بنسمة باردة اشعرتها بالبرودة مع ارهاقها الشديد فضمت الشاي بين يديها حتي تستمد الدفء منه واخذت تنظر علي مانشيتات الصحيفة التي امامها ...
فقطع عليها قرائتها وبادرها بالسؤال عن مدينتها المتجهة اليها وردت هي عليه بنفس السؤال واخذا يتعارفان علي بعضهما من اسامي وعمل ودراسة وهكذا ،،،،،،
كان ميعاد القطار قد اقترب كثيرا فبعد ان نظر الي ساعته قال لها : قد تكون الرحلة بداية لرحلة اخري اكبر ؟ 
فأبتسمت وهي تلملم الجريدة ونظارتها الشمسية استعدادا للذهاب الي رصيف القطار وقالت : لا احد يعلم ماذا يخبيء القدر للمسافرين ....
انطلق صوت السيدة في ميكرفون المحطة معلنه وصول القطار رقم كذا القادم من مدينة كذا والمتجه الي مدينة كذا ،،،،،،
فاتجها سوياً الي القطار وركبا معاً ،،،،،،،،
جلست بجوار الشباك وجلس بجانبها ،،،،،،
وانطلق بهما القطار  رويدا رويدا ،،،،،،،
مخلفا وجوهاً كثيرة علي جانبيه ،،،،،،،
وربما اخرين قد فاتهم هذا القطار ،،،،،،،،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللوحة لمونيه

الأربعاء، 19 مايو 2010

ليس اليوم وربما غداً

قد تصبح الوحدة والألم دافع للسخط والقسوة علي الاخرين وربما يأتي اليوم الذي لا تستطيع فيه ان تستعيد ماضاع منها من ايام لتعيشها وتستمتع فيها بالود والرحمه ....
أيقظت خادمتها التي كانت لا تزال نائمه في المطبخ علي فرشتها البسيطة ، كانت عصبية المزاج كالمعتاد وزادت عصبيتها عندما تأخرت الخادمة في نومها  فهو يُعتبر أهمال جسيم من وجهة نظرها ....
كانت الخادمه تُقيم معها منذ سنين طويله من قبل وفاة الوالد والوالدة  ، فكانت تعتبرها من ارث عائلتها ومن ارث الماضي ...
أما هي فكانت وحيدة أبيها وأمها لذا نشأت عنيدة من كثرة تدليل والدها لها ، لم تتزوج  في حياة أبيها بسبب طبعها العنيف واندفاعها امام كل من يتقدمون لها من خُطاب ، وبعد موت أبوها وأمها وتاخرها في سن الزواج قررت ان لا تتزوج وتعيش هي والخادمه يؤنسان بعضهما ....
البيت كبير يُعتبر من البيوت القديمه ذات الاسقف العالية التي تتميز به اغلب بيوت مصر الجديدة ، باب البيت مميز بالضلفتين العتيقتين  والصاله الكبيرة المنقسمة لجزئين جزء للصالون المكون من صالون قديم من المذهب البلجيكي ، يحاوطه علي الجدران المرايا البلجيكيه المزينه بزخارف وتماثيل صغيرة لفتيات عاريات،،،
والجزء الثاني من الصاله به السفرة الصغيرة من الخشب الابانوس ، قوائمها علي شكل فتيان من الرومان يحملون الطاوله بأيديهم ،،،،،
بجوار السفرة كرسين كبيرين من الجلد القديم ....
في مقابلهما علي الحائط صورة قديمه بالابيض والاسود لزفاف الاب والام ، وعلي الجانب الاخر صورة كبيرة للسيدة العذراء بالوشاح الازرق ، وبجوارها صورة اخري للسيد المسيح وهو علي صليبه  وبينهما طاوله صغيرة عليها شمعدان جفت شموعه وتيبست منذ سنين .....
كانت تغلق دائما غرفة المكتب الخاصه بأبيها الا في اوقات معينه كانت تدخلها وتجلس فيها وحيدة وتغلق علي نفسها الباب ، كان بها مكتب كبير ، خلفه مكتبه تحتوي علي كتب عدة في القانون حيث كان الوالد محامي مشهور بين الجالية الارمنية في مصر الجديدة ، المكتب مفروش بالسجاد الايراني العتيق ، يوجد علي يمين المكتب جرامافون وبجواره بعض الاسطوانات لمطربين اتراك وفرنسين عفا عليهم الزمن ، شيش البلكونه الطويل لم يُفتح تقريبا منذ وفاة الوالد من سنين عديدة ، تحاوطه ستائر سويسرية رائحة التراب تنبعث منها ، والتراب نفسه طغى علي لونها الاصلي ....
أما الغرفة الاخري فأستخدمتها لتخزين الاشياء الغير مفيدة لها ، غرفة نومها بها سرير كبير ودولاب ايطالي عتيق بعرض الحائط الغربي للغرفه وتسريحة بمرأه بلجيكيه كبيرة ملتصقه بالحائط  ، يزين الغرفة نجفة تشيكي كبيرة ...
أيقظت خادمتها بتشنج وعصبية وطلبت منها ان تذهب وتسأل علي بائع الجرائد وموزع الجريدة الخاصة بالجالية الارمنية التي كانت تصدر باللغة اللاتينيه الارمنية فكان يتم توزيعها صباح كل ثلاثاء واليوم تأخر الصبي الذي كان يوزعها ....
كانت معتاده ان تشرب التيليو مع الجرائد  في الفراندة الكبيرة المطلة علي كنيسة المارون البازليك التي تتوسط ميدان الكوربه وتأتيها الخادمه بفطورها .....
وميعاد الغداء لا يتخطى الرابعة بأي حال من الاحوال ،،،،،،
علاقاتها بجيرانها محدودة جدا وكانت تكره الاختلاط ، كانت نادرا ماتتكلم مع جيرانها المتزوجين منذ فترة قليلة حيث ورث الشاب الصغير الشقه عن أبيه فتزوج فيها ، وكان عنده طفلة صغيرة عندها خمس سنوات ، وفي مرة الطفلة فتحت الباب فخرجت قطتها الصغيرة وكانت الخادمه في شقة العجوز تُخرج القمامه فدخلت القطة الى البيت ...
فأثار هذا غضب العجوز وطلبت من الخادمه ان تلقي بالقطه خارج البيت وصرخت في وجه الطفلة وأغلقت الباب ،،،،
كان هذا سلوكها دائما مع الجيران او كل من يحاول التقرب منها ....
اعتادت الخروج يوم الأحد في الصباح اذا كان الجو شتائاً ، وقبل المغرب لو كان الجو صيفاً ،،،،،

كان الوقت شتائا وقد اخذت خادمتها لكي تتمشى قليلاً في شوارع مصر الجديدة وكانت تتسائل مع نفسها بصوت عالي وليس مع الخادمه ، عندما ترى اختفاء احد القصور وظهور بدلاً منه برج في بداية بنائه او اختفاء محل ملابس قديم كانت تشتري منه فساتينها  وهي صغيرة او ظهور محلات ومطاعم جديدة بطراز حديث غير معتادة عليه ،،،،،
مرت بجوار الكنيسة فرأتها احدى الراهبات التي كانت تعرفها في الماضي ، فذهبت اليها الراهبة في زيها الابيض وخمارها الأسود والصليب الخشبي الكبير متدلى علي صدرها ، فابتسمت اليها وسلمت عليها ، فردت العجوز السلام في فتور....
فقالت لها الراهبة : لماذا لم نراكي في الكنيسه منذ زمن ؟ ومر وقت طويل ولم تعترفي !!
فردت عليها  في تململ : ليس عندي ما اعترف به واشاحت بوجهها عنها وانصرفت ،،،،
فأبتسمت الراهبة واكملت سيرها .....
بعد ايام قليلة وقبل اعياد الميلاد استيقظت الخادمه متأخراً واندهشت عندما وجدت سيدتها لم تستيقظ بعد ، فذهبت الي غرفتها فوجدتها مازالت نائمه فانتظرت قليلا كي تصحو لكنها تاخرت اكثر من المعتاد ، فأخذت توقظها فوجدت انفاسها متقطعه وغارقه في عرق شديد ففزعت الخادمه ولم تدري ماذا تفعل ....
فذهبت الي الجيران في الشقة المقابله فقالت للزوجه الشابه  ان سيدتها تعاني ازمة صحية شديدة وهي لوحدها لا تدري ماذا تفعل معها ، فقام زوج السيده الشابه بالاتصال بالطبيب فجاء علي الفور ودخلوا اليها واسعفوها في الحال ، كانت ازمة صحية شديدة وصلت للموت ،،،،،
فاقت منها فوجدت الخادمه وجارتها الشابه وطفلتها في غرفتها فأحست بالريبه ، فأبتسمت السيدة الشابه وقالت لها حمد لله علي السلامة يا سيدتي ،،،،،
جائت بصينية الاكل وجلست السيدة الشابه بجوارها وطلبت من الخادمه ان تؤكلها وبعدها بقليل جاء الزوج بالادوية المطلوبه ،،،،
احست العجوز لأول مرة بدفىء المشاعر والود الاسري وكان احساس جميل وبديع بالنسبالها  ودت لو كانت تعرفه منذ زمن بعيد ، وليس من اليوم ،،،،
سألت الطفلة التي كانت ممسكة بقطتها البيضاء ما أسمك ؟
فقالت الطفلة : أسمي خديجة ،،،،
ظلت الاسرة الصغيرة معها تطمئن عليها كل حين حتي استعادة بعض عافيتها ، وكانت العجوز في شوق دائما ان يبقوا معها ....
اليوم هو ليلة عيد الميلاد وقد بدأت السماء تمطر قليلاً ، طلبت من الخادمه ان تجهز لها فستان جديد من دولابها لم تلبسه بعد ، واعطت الخادمه ايضاً فستانا جديداً وطلبت منها ان تسندها وتذهب بها الي الكنيسه ....
كانت جوقة الاطفال تغني ترانيم ليلة الميلاد جلست تستمع اليها ، ورأت الراهبة التي كانت تعرفها فأبتسمت لها وقالت جئت اليوم لاعترف .....
بعد ان اعترفت غادرت الكنيسه وعادت الي البيت ،،،،

أول مادخلت طلبت من الخادمه ان تأتيها بشمع جديد ،،،،،
فوقفت امام صورتي السيدة العذراء والسيد المسيح واشعلت الشموع في الشمعدان الذي يتوسط الصورتين ، انعكس ضوء الشمعدان علي صورة السيدة العذراء

وعلى وجهها ، ونظرت لوجهها النعكس على زجاج صورة السيدة العذراء وابتسمت  ،،،،،،
دخلت غرفة المكتب الخاصه بأبيها وقامت بتشغيل الجرامافون فانبعثت منه موسيقي جميله وهادئه رغم خروشة الجرامافون وقدم الاسطوانه  ، وجلست علي الكرسي الموضوع علي يمين المكتب،،،،،،
بدأت الدموع تنزل علي وجنتيها المتجعدتين ،،،،،،
وذهبت في سُباتها الاخير ،،،،،،،،

ومازالت الموسيقي تنبعث من الجرامافون العتيق ،،،،،،،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللوحة لبيكاسو

الأحد، 16 مايو 2010

أواخر الخريف

يجلس دائماً في هذا الوقت من العام علي الصخرة المواجهة للبحر والتي يلامسها الموج دائماً وينتظر الطيور التي تأتي مهاجرة من الشمال في اواخر الخريف ....
يعيش وحيداً في هذا الكوخ القريب من البحر علي مسيرة بضع خطوات في وسط الرمال البيضاء  ,,,
يعمل في البلدة مدرساً وله بيتاً هناك هو بيت عائلته لكنه يفضل كوخه هذا الذي يشعره بالسكينة والهدوء
يخرج صباحاً لعمله ويعود منه علي بيت عائلته ويرجع الي كوخه في المساء كي يرسم لوحاته  التي لا ينتظر ان يراها احدٌ غيره في حياته او ربما بعد ماماته ....
احياناً يدون يومياته او يكتب بعض الاشعار والقصص كلها ماهي الا عبارة عن دندنة مع نفسه ومع اوراقه يتكلم فيجيبه هذا الصدى القادم من اعماق قلبه او من الصدى القادم مع امواج البحر المتتاليه التي لا تنفك ابداً عن السكون ....
يجلس دائماً في هذا الوقت من العام علي الصخرة المواجهة للبحر والتي يلامسها الموج دائماً وينتظر الطيور التي تأتي مهاجرة من الشمال في اواخر الخريف لتحتمي بدفء الجنوب وتترك جليد وصقيع الشمال
فتتزاوج وتتكاثر  وتأخذ دورتها لتعود الي موطنها في اواخر الربيع وبداية الصيف ....
ينتظر الطيور التي تحط رحالها بعد رحلة معاناه طويله تخطت فيها البحار والجبال والبشر
ترخوا اجنحتها امام كوخه كأنها استراحة المسافر 
ترفرف وتغرد معلنة لقد ان الاوان لبعض الراحه قبل ان تُستكمل الرحلة الي اقاصي الجنوب
يُخرج لوحاته وينصب الحامل الخاص بالرسم ويخط برفشاته والوانه العلاقة المتشابكة والحانية بين الشاطيء والبحر والطيور .....
رأها تأتي من الجانب الشرقي للشاطيء كانت الشمس تستعد للرحيل لكن لم يأتي بعد اوان الغروب
رفرفت الطيور من حولها بأجنحتها وكانت هي في وسطها كأنهن ينصبنها ملكتهم في ذلك الحين
نظر اليها وكم تمني ليهتف اليها ان تظل كما هي حتي يصورها علي لوحاته ليحوز شرف تصوير هذا الحفل الملكي
كان فتسانها الابيض فضفاضاً كعروس بحر القاها بوسيدون اله البحر عند الاغريق كي يغوى عشاق البحر لتخطفهم الي بطنه المظلم في عالم ارضي مجهول ...
شعرها الذهبي كفيروز الشاطيء ربطته علي هيئة ضفيرة منتظره من يسدله لها كي تطلق له العنان فلا احد بعد ذلك يسيطر عليه ....
ظلت تمشي باستحياء لما رأته ينظر اليها فأبتسمت في خجل واستكملت المسير
ذهب خلفها كي يطلب منها التوقف قليلاً كي يرسمها بين الطيور
كانت تنتظر ان يكلمها ولم تكن ابداً لتبادر هي بالكلام
فوافقت وسألته : ستكون لوحتي للبيع ام ستهديها الي ؟
فقال : لو وافقتي ارسم لوحتين واحدة لكِ والاخري لي
فضحكت وقالت هذا اكثر عدلاً ....
أجلسها علي الصخرة التي يلامسها الموج وتحاوطها الطيور وشمس المغيب تزحف رويداً لتسقط بين شفقها الاحمر في الافق البعيد ...
مع المغيب قد انتهي من لوحته وظلت هي مبتسمة ناظرة اليه
منتظرة ان يأذن بالانصراف
فقالت له : أهذه لوحتك أم لوحتي
فرد عليها وهو يمشي معها باتجاه غروب الشمس : انها لي وغداً سأرسم لوحتك في نفس هذا الوقت ...
سأنتظرك فلا تتأخري ,,,,
ضحكت وقالت : انت مدين لي بلوحتي وانا لن افرط فيها !!
جلس علي صخرته امام كوخه الصغير واخرج لوحته وفرشاته والوانه
ينتظرها انتي تأتي من الشرق كما فعلت بألامس
جائت تمشي بين الرمال تلامس المرج بقدميها واثار الرمال والماء كالحناء علي كاحلها وركبتيها
اليوم تركت شعرها الذهبي منطلق بحريته علي كتفيها فلا قيود ولا ضفائر
ابتسمت وقالت وهي تبعد خصلات الشعر من علي عينيها : لقد جئت في موعدي كي اخذ لوحتي
جلست علي نفس الصخرة واشعة شمس الاصيل تداعب خديها وشعرها الذهبي يزداد لمعانا مع انعكاس اشعة الشمس ....
والطيور حولها ترتل انغام تتويج ملكتهم الجديدة لهذا العام وهي تنظر وتبتسم ابتسامة ملكة الي رعاياها ...
وهو حيران أيمكن ان يدون كل هذا في لوحة صغيرة !!
عندما انتهى ابتسمت له
واعطاها لوحتها وقال لها : سأنتظرك ؟
قالت : سأتي مع الطيور في اواخر الخريف واول الشتاء أو سأتي غداً !!

الجمعة، 14 مايو 2010

المرحلة الزرقاء

وسط الزحام واصوات البشر ممزوجة بأصوات السيارات واحياناً صوت الرياح والمطر
تتعدد النظرات والتساؤلات بين الناس كلٌ عما يدور داخله ومايعانيه من احزان او ما يختلجه من افراح ونشوات للسعادة
يظل يسير وحيداً باحثاً عن ذاته قد يكون ذاته في امل بعيد او ربما قريب
عن يد صديق يشاركه لبعض الوقت جزء من الانين
عن حب مفقود ضائع كلما اقترب منه يبعد عنه من جديد كأنها الكوميديا الدنيويه تمازحه المزاح السخيف
تكون الضحكات ظاهريه ارضائاً لغيره او تظاهراً منه امام نفسه انه يضحك
اما البكاء فيكون في عزلته فيقتنع تماما انها حقيقته
يلتقي بها يجد فيها ذلك الضوء البعيد الذي اقترب ، يضيء تدريجيا كوميض الفنار من بعيد مرشداً اياهُ في ظلمات البر والبحر فيهتدي اليها مبحرا بمركبه الصغير مصارعاً امواج حياته مستبشرا انه وجد شاطئه
فأذا بها تطفيء انوارها في وجهه ليتوه من جديد
تحاوطه دائما غربة قلبه بين جدران الوطن الصغير والكبير فيصبح وحيدا بين الاهل والاصدقاء أما الحب فهو زائف فليس له في حياته اي دليل ، سمع عنه في الروايات والادب القديم والجديد لكن ماهي الا تسلية للقلوب المجروحة بأن هناك حب وحبيب !!
وسط الزحام واصوات البشر واضواء السيارات يمشي فيرفع وجهه فيختفي الجميع
السائرون والضاحكون والهائمون
تنطفيء اضواء السيارات ويظل فقط اضواء عواميد الانارة
يستمر فقط المطر والرياح تحرك قصاصات الورق الملقاه
واوراق الاشجار فيظل يمشي هذا الطريق الا متناهى
يظل ينادي بصوته وهل من مجيب ؟ لا يجيبه ألا الصدى مردداً بنفس سؤاله 
أين السبيل للخروج ؟ فليس هناك سبيل ..
انها كالمرحلة الزرقاء في حياة بيكاسو
مرحلة الوحدة والألم والبحث عن الأمل طالت بعض الشيء لكنه انتقل  للمرحلة الوردية
أما صديقي فهو مازال يتخبط وسط المرحلة الزرقاء والرمادية
منتظر ان يخرج من تلك المرحلة كأنه مثل بني اسرائيل حُكم عليهم بالتيه اربعين عام 
وهو تائه في مرحلته الزرقاء مائة عام ....... 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللوحة لبيكاسو

الأربعاء، 12 مايو 2010

جيران لكن ظرفاء

بعد عِشرة طويلة من حياة ومواقف وذكريات قد تكون سعيدة او حزينة لكن يأتي الفراق مجدداً ....
انهم جيراني عائلة الاستاذ عبده  لم اكن اتخيل انه قد يأتي يوماً ينتقلوا فيه لمسكن اخر بعد عِشرة سنوات طويلة قضيناها معاً علي الحلوه والمرة لكنها هي سنة الحياة ،،،،،
كان جارنا الاستاذ عبده مميزاً في كل شيء هو واسرته فأنهم سبحان الله نفس الشكل والتركيبه الجسمانية حتي زوجته أم كيمو فهي تشبه كأنها من أقاربه لكنها ليست كذلك لاني مرة سألته فقال لي انه رأها وتعرف عليها في محل الحلواني المشهور في بلدنا .....
الاستاذ عبده كان بديناً يتخذ هذا الشكل الدائري او ربما المربع  ابيض البشرة ملامح وجهه وسيمة وبما انه يتخذ هذا الشكل الدائري فهو اذ قصير القامة وليس بالطويل له طريقة مشي مميزة كذكر البط الجميل الذي يمشي متبختراً علي الترعه  متباهيا امام الاناث ,,,,,
أما لبسه فصيفا يفضل اثناء العمل البدل الصيفيه وفي البيت السروال القصير والفانله الداخليه وللخروج مثلا للصلاة او لقضاء بعض المشتريات يفضل الجلباب
أما شتائاً فأني اتخيل انه يلبس جميع الملابس التي قد تكون عنده خوفاً من البرد ومن الاصابه بالانفلونزا وفي الغالب يفضل  البيجامة المصنوعه من الصوف عليها ايضا الشيرز الصوف متعدد الألوان والجورب دائماً في قدميه .....
وبما انه يتخذ هذا الشكل المتعدد فأن كيمو ابنه كذلك وأم كيمو ايضا الا اخت كيمو الصغيرة فأنها خرجت مختلفه بعض الشيء فهي مازالت نحيفه ولم تعمل فيها بعد جينات عائلة الاستاذ عبده .....
عندما يمشي هو وكيمو فيبادر الي ذهني في الحال الشخصيتين المميزيتين للكاتب لويس كارول في روايته الشهيرة اليس في بلاد العجائب فهما يتحركان نفس الحركة ويمشيان بنفس الكيفيه حتي نفس لدغة حرف السين عندما ينطقاها ثاء تكون واحدة انه حقاً تشابه عجيب .....
ألا انهم عائلة شديدة الطيبه والكرم ويجب ان تحبهم فورا فهم يفرضون عليك ان تحبهم بدون تكلف بل بتلقائيه جميله
لو تقابلنا مرة في الشارع امام دكان البقالة فأنه يصر علي ان يعزمني علي أي مشروب او بعض الحلويات
ولو قابلته هو وعائلته في وسط البلد يصر ان يأخذني مع اسرته كي يعزمني علي بليلة باللبن من احدي محلات الحلويات ....
لكن من ضمن عيوبه وليس اهمها بالطبع لأن اهمها سوف اذكره لاحقاً فيما بعد ، انه بطيء جداً ودائما اهم امثاله في الحياة لابد ان تؤجل عمل اليوم الي الغد وفي العجلة الندامة ,,,,
فأي مشكله تحدث له يواجهها ببرود عجيب وبطء في التصرف بشكل مستفز وهذا حقه لانها مشكلته ، لكن مثلاً ان تكون المشكلة تخص الاخرين فهو غير مقبول !!
حدث ذلك عندما لم يهتم بترميم سباكة الحمام عنده بشكل جيد حيث كان يتسبب ذلك في رشح مستمر للمياة في شقة جارنا الاستاذ صلاح وبدأ الامر يشكل خطورة علي شقته وكان الرجل علي سفر فذهبت اليه  وكان الوقت صيفاً وبعد المغرب مباشرة ، ففتح الباب كيمو وكالعادة كان بالفانله الداخليه والشورت ممسكاً بيده قطعة بطيخ يلتهمها كوحش كاسر منقض علي فريسته فقلت له : فين بابا يا كيمو ؟؟
فرد علي بعد ان تخلص من كام بذرة بطيخ عالقه في زوره : جوه يا عمو ...
وتدحرج الي الداخل وقال : كلم يا عبده !!
لم اراه دائما يتحدث مع ابيه بكلمة بابا فكان يقول له يا عبده ,,,
جائني عبده وكان مثل ابنه تماما فأصر ان ادخل ويعزم علي ببطيخ وانا لا احبه لكن اصراره شديد ولا مناص من الدخول ,,,,,,
جائتني ام كيمو بالبطيخ والاستاذ عبده مشغول بالاكل والعصير هو وكيمو وكلما افتح معه الموضوع يكلمني في كيفية شرائه للبطيخه وخناقته مع الفكهاني بعد ان كانت البطيخه قرعه ، انتظر ان يسكت قليلا وافاتحه مرة اخري فإذا به يتشاكس مع كيمو ....
يسكت قليلاً واحاول سريعاً محادثته فإذا تحدث مشكلة اخري ..
لقد اخرج الاستاذ عبده صوتاً من التجشأ بعد انتهائه من اكل البطيخ فبادرت ام كيمو سريعاً وقالت له : صحة وعافيه علي بدنك يا خويا 

وهذا  جعل كيمو يضحك ويهتز جسمه من الضحك ويقول له : لا والنبي ياعبده لا والنبي ياعبده
مما اثار حنقه وغضبه فشتم كيمو : يله ياد يابن الكلب من هنا علي قوضتك
وكيمو يضحك وقام يجري ويتدحرج والاستاذ عبده وراه
وانا وجدت انها لا فائده ومشيت !!
نأتي للعيب الرئيسي في شخصية الاستاذ عبده وهو انه شديد التاثر والحساسيه ويبالغ جدا في تأثره أما بالحزن والبكاء وأما بالضحك الشديد وكان لا يستطيع ابدأ ان يسيطر علي نفسه  وهذا دائما كان يسبب له الاحراج والمشاكل ...
ذهبنا سوياً لنصلي صلاة ظهر الجمعه في المسجد ونستمع للخطبه وكان دائما يصل الي المسجد متاخرا فيلحق الصلاة فقط لكن اليوم مررت عليه مبكرا وذهبنا سويا فلبس الجلباب الابيض وتعطر بالمسك ...
حظه البائس ان الخطبه كانت مؤثره جدا والخطيب كان مفوهاً لبقاً يثير مشاعر المصلين باسلوبه
وكان يتكلم عن معاناة الصحابة رضوان الله عليهم وما تعرضوا له من تعذيب في بدء الدعوة والرسالة
واذا باستاذ عبده بدأ وجهه في العبوس واغرورقت عيناه بالدموع وبدأ يجهش بالبكاء وانا امسك يده كي يثبت لكن بدأ البكاء بصوت عالي ويهتز كرشه ويقول : معقوله فيه كده وفيه ناس تعمل كده ويبكي وصوته يرتفع
مما لفت الينا المصلين والخطيب  ، والناس حوله تهدأ من روعه وتقول له : صلي علي النبي يا استاذ دول دخلوا الجنه خلاص ربنا يرحمنا احنا برحمته وهو يبكي ويقول : مش قادر مش قادر
وسكت الخطيب وقال استغفر الله ليك ولكم وقوموا الي صلاتكم يرحمنا ويرحمكم الله !!
البكاء والتاثر عادة لا يأتي بمشاكل لكن الخوف اشد الخوف من الضحك والسخرية في مواقف صعبه ،،،،
توفى جارنا الشاب المتزوج حديثا في حادث سيارة مأساوي افجعنا كلنا واصاب اهله بصدمه كبيرة لانه شاب وبالبلدي يعتبر زينة شباب العائله وترك طفل مازال وليدا مما جعل شكل الحزن عليه ياخذ شكل قوى من اهله واقربائه
ذهبنا في سيارة احد جيراننا للقرية مسقط رأس الشاب جارنا كي نقدم العزاء وكان معنا الاستاذ عبده وانا قلبي يحدثني انه سوف تحدث مشكلة فهمست في اذنه ان يتماسك كي نقدم الواجب ونمشي سريعا  فقال لي : ياراجل عيب عليك ماتقولش كده ده كلام ....
دخلنا سرادق العزاء وكان مهيباً واهل الشاب والقادمين من النجوع والقرى المجاوره في صرامه وقوة وكان العزاء نهارا كما هو معتاد في الصعيد ....
جلسنا سويا وهو ممسكاً بسبحته هادئا ، وللحظ التعيس كان مقرء القرأن صوته سيء جدا والميكروفون عالي وكلما بدأ يجعل من الجاموس في الزريبه المجاوره ينعر بصوت اعلي والحمار ينهق معبرا عن انزعاجه
وصاحبنا عبده افندي  بدأ وجهه في الاحمرار والانتفاخ ويكتم ضحكته بقوة وفي لحظات يخرج صوتا فيتظاهر انه بيكح او يعطس وللاسف بدأ يلفت الانظار الينا !!
الي ان حدثت الطامة الكبري ...
احد اقارب المتوفى كان يأخد العزاء في الصف الاول وكان جالساً اول واحد وبجاوره لا يقل عن ثلاثين واحد جالسين ، فوقف فجأة فكلهم وقفوا بعده ظانين ان احد قادم فلابد ان يقفوا كي يسلموا وياخذوا العزاء
فإذا بهذا الشاب كان يقوم كي يعدل حزام بنطلونه فكلهم نظروا اليه بعد ماجلس وجلسوا مرة اخري ،،،
واستاذ عبده رأي هذا المشهد وانطلق في نوبة ضحك هيستيريه اهتز كرشه ووجه المليء بالشحوم وانا اقول له : حرام عليك هيقطعونا امسك نفسك !!
وهو يضحك ويقول : مش قادر الواد قومهم كلهم وقعد تاني وهو يضحك لدرجة ان الدموع انهمرت من عيناه
وسكت المقريء ونظر الينا اقارب المتوفى ...
فقمت انا من جواره وتجمعوا هم حوله  ،،،،،
للاسف استاذ عبده اخذ علقه شديده جعلته يحلف بالطلاق ماهو رايح اي واجب عزاء مرة اخرى !!

لقد احببت هذا الرجل بعائلته ولن انسى دوماً هذة الذكريات والعِشرة الجميله لكن سأظل علي تواصل معه
قد تبعدنا المسافات لكن تظل القلوب قريبة من بعضها

الاثنين، 10 مايو 2010

ثلاث ليالي

وصل القطار ذو السبع عربات القديمه في وقت الظهيرة ، كانت الشمس قد بدأت تتوسط السماء والحرارة ترتفع تدريجياً ، كان ينتظر امام باب العربة ممسكا حقيبته الصغيرة  منتظراً توقف القطار تماما ...
كانت حرارة الجو تندفع من الشباك المكسور في باب العربة فحاول ان يحمي نفسه من الهواء المندفع  فرجع للخلف قليلاً بجوار كراسي القطار ,,,,,
  نحيفاً وظاهر عليه علامات الجوع والاعياء بسبب ساعات السفر الطويلة وردائة القطار لكنه

صبر نفسه بأنه مجرد مايخطو خطواته الاولي في هذه المدينة المجهولة لابد وانه سيجد مطعم وفندقاً يقيم فيه الثلاث الليالي حتي ينتهي من مهمته ويعود من حيث أتى  ....
توقف القطار وخرج الي رصيف المحطة الصغيرة فلفحه لهيب الشمس فتحرك سريعا حتي يجد مكانا يستظل فيه فخرج من باب المحطه ووقف تحت شجرة كافور يستظل بها من قيظ الشمس ....
وقف ينظر الي الساحة التي تطل عليها بوابة المحطه الصغيرة فوجد الشارع هاديء والدكاكين القليلة مغلقة ، كانت ساعة قيلولة شديدة الحرارة فالناس اختارت ان تحتمي في بيوتها من هجير الرمضاء ،،،،
عبر الطريق سريعا واضعا الجريدة فوق رأسه لتحميه من الشمس واختار ان يمشي بمحازاة البيوت الي انا لمح من بعيد بيتاً صغيراً يتكون من اربع طوابق عليه يافطه مكتوب عليها لوكاندة المحطه وبجوارها مقهى صغير اٌغلق بابه نصف اغلاق .....
وصل الي الفندق الصغير فدخل سريعاً حتى احس ببعض الانتعاش ،،،،
  باحة الفندق الصغير تتكون من صالونا من النوع الرخيص القديم ومروحتين معلقتين في السقف واحده فوق الصالون واخري فوق مكتب الاستقبال الذي كانت تجلس عليه سيدة ،،،،
علي جانب الصالون جهاز تلفاز ابيض واسود معلق على حامل ،  وطرقة طويلة علي اليمين بها غرفة للمطبخ وغرفه للغسيل وحمام صغير تفوح منه رائحه كريهه ،،،،
وعلي اليسار بجوار مكتب الاستقبال السلم المؤدي للغرف ....
توجه للسيدة ، متوسطة العمر قد تخطت الاربعين وكانت حامل وربما  في اواخر حملها لان بطنها كبيرة وصلبه ويظهر عليها الارهاق ، وجهها مصفر  عليه قطرات من العرق كل دقيقه تمسحها بمنديل مطرز ،،،،
وكانت هي تدير الفندق بدلا من زوجها في وقت القيلوله ....
قال لها اريد غرفة لثلاث ليالي فنظرت له من اسفل نظارتها وقالت له اعطني بطاقتك الشخصية ....
اخرج البطاقة من جيب قميصه وقال لها اتقدمون  وجبة للغداء ؟؟
قالت في ضيق : نحن نقدم فقط وجبتي الافطار والعشاء اتحب ان تاخذ وجبة عشائك الان ؟
لاحظ ضيقها واحس بأنه لابد وان لا يثير حنقها وغضبها فقال لها : افضل هذا فأنا  قادم من سفر طويل واحس بأرهاق شديد .....
لم تبالي به وبكلامه لكنها قالت : اعطني مبلغ تحت الحساب، ثم اعطته مفتاح غرفته وقالت : غرفتك في الدور الثالث علي يمين السلم فلا يوجد غير غرفتين.....
اخذ المفتاح وهم بالانصراف لكنها قالت له : أتٌحب ان تاكل هنا أم في غرفتك ؟
قال لها : لا سأكل في غرفتي ....
تدرج السلم الضيق الذي به اضائه خافته وضعيفه لكنه كان يحس فيه ببعض الانتعاش فقد كان رطباً ...
وصل الي غرفته ففتحها ودخل اليها ، كانت غرفة صغيرة بها سريرا وتسريحة ،  وحمام علي يمين باب الغرفة ، وفي المقابل باب البلكونه وكان مغلقا وعليه ستارة لم يتم تنظيفها منذ سنوات ...
دخل الحمام كي يغسل وجهه وينفض عن نفسه وكاهله تراب السفر الطويل ، ثم ارتمى علي السرير لكي  ينام طويلا لكن لم يستطع من شدة الجوع ،،،
دق الباب فذهب ليفتح فوجد فتى حاملا صينية وقال : العشاء....

اخذ منه الصينية ، ثم انصرف الفتى واغلق عليه بابه من الداخل
كان الاكل عبارة عن طبق فول بالزيت وعلبة مربى صغيرة وقطعتين من الجبن ورغيفين من الخبز,,,,,,
فألتهمهم في دقيقه من شدة جوعه وترك الصينية بجوار السرير وراح في ثُبات عميق ....
لم يدري كم من الوقت نام لكنه استيقظ واحس بثقل في رأسه ومازال التعب مسيطر عليه نظر لساعته فوجد الساعه قد تخطيت العاشرة ففتح البلكونه فوجد الحياة قد دبت في الشارع الذي كان مقفرا مهجوراً وقت القيلوله وسمع صوت التلفاز قادم من المقهي وأصوات الرواد بداخله ،،،،،
خرج من غرفته ونزل الي الاسفل فوجد بدل من  المرأة  رجلاً اصلع سميناً يلبس بنطالاً خانقا علي كرشه المكتنز وقميصاً طويلاً تاركا اخر زرار فيه مفتوحاً بسبب شعوره بالحراره ،،،،،
ألقي عليه السلام وذهب كي يجلس في الصالون فوجد التلفاز مغلقا فطلب من الرجل تشغيله فضحك وقال : للاسف انه خرب ولم نصلحه بعد !!!
فأحس بالضيق وخرج بأتجاه  المقهى المجاور للفندق فجلس علي اول طاوله مطله علي الشارع وأخذ يتأمل المارة والزبائن ، فجائه صبي المقهي فطلب منه كوب من الشاي ،،،،
كان يجلس بجواره رجل كبير في السن ملامح وجهه تدل انه  تجاوز الخمسين او الستين ، نظراته تائهه وكأنه يحدث نفسه، تارة ينظر للتلفاز وتارة ينظر للشارع ،،،
عندما وقعت عينه علي الشاب الغريب سحب كرسيه وجلس بجواره ...
قال : أزعجك لو جلست معك ؟؟
فرد عليه الشاب الغريب :  لا ابداً ،،،،
قال وهو يمسك كوب الينسون الذى اتي به من علي طاولته الصغيرة : شكلك غريب وليس من هنا ؟؟
فرد عليه : نعم انا من بلد بعيدة وجئت هنا لمراقبة امتحانات اخر العام في اخر يومين بدلاً من زميل لي حدثت له بعض الظروف ،،،،
فابتسم الرجل وقال : احسست هذا فأغلب الشبان الغرباء يأتون من اجل رقابة الامتحانات .....
وسأله : أتُقيم في المدرسة نفسها ؟
قال : لا انني اقيم في هذا الفندق ، صديقي قال لي انها غير مريحة ،،،،
فتنهد العجوز وقال : نعم نعم انها كذلك فهي غير مجهزة اطلاقاً ويتركون المدرسون في الحرارة الشديدة بدون مراوح ولا يحزنون ،،،،،
عندي ولد في سنك ويشبهك تماما اسمر ونحيف مثلك انه ولدي الوحيد لكنه شارد دائما ودائماً علي خلاف معي ومع امه ، يظهر اننا قمنا بتدليله كثيراً عندما كان صغيراً ، الي ان شب عنيداً لا يتحمل المسؤلية ، مع اول مشكلة وقعت فيها تخلي عني انا وأمه واصر ان يذهب للعمل بعيدا ، مع انه أتعين في الجمعية الزراعية هنا في البلد لكنه رفضها ، انني في اشد الحاجة اليه الان، قد يضيع بيتنا وقطعة الارض الصغيرة  !!
هيئة السكك الحديدية تريد ان تسحب مننا الارض لانها ملكاً لها وتقول انها منفعة خاصه بها ، وانا ليس لي مكان اخر اذهب اليه ....
تعرف؟ كانت هذة الارض مهجورة ولا احد مهتم بها فزرعتها وبنيت عليها البيت الصغير الذي يأويني انا وزوجتي وابني ، وقدمت طلب لهيئة السكك الحديدية لشرائها فرفضوا وأجروها لي  والان يريدون ان يأخذوها مني ويطردوني انا وزوجتي ....
كان الرجل يتكلم كثيراً ، وهو يحس بالصداع يزداد عليه لكنه ظل يستمع له ولا يريد ان يتركه ،،،،،
فنظر له العجوز وقال : صدقني يا ولدي انا اتحدث اليك لاني احس انك مثل ولدي تماما ،،،،
أتعرف؟ لي الى الان اكثر من سبع سنوات ارسل في شكاوي لوزير النقل والمحافظ وعضو مجلس الشعب ولا أحد يسأل في ويرد علي ، لكن كل فترة يأتني رجل شرطه ومُحضر يخبرني بأنه لابد لي من تسليم البيت والارض ، وقطعة الارض هذه لا تتعدى القيراط ، قُل لي أين اذهب انا وزوجتي ؟؟
فنظر له الشاب نظرة اشفاق وعطف وقال : سيدبرها المولى سبحانه وتعالي ،،،
نظر العجوز الي اعلي رافعاً يديه وقال : يارب
ثم قال : سأمر عليك غداً بعد عودتك من المدرسة لأريك بيتي فهو قريب من المدرسة بجوار خط السكك الحديديه ،،،،
انصرف الشاب بعد ان دفع حساب الشاي والينسون الخاص بالرجل العجوز ورجع الي الفندق ،،،،
فوجد صاحب الفندق جالساً في مكانه يغلبه النعاس فعندما مر من جواره انتفض وابتسم وقال له : حمد لله علي السلامة
فرد عليه الشاب : الله يسلمك وذهب الي غرفته وقام بتغير ملابسه ونام حتي الصباح ....
استيقظ صباحاً وخرج الي الشارع يتسائل عن المدرسة فدله عليها احد المارة ، وعندما وصل  اليها وقام بتعريف نفسه اليهم واخبرهم انه منتدب بدل زميله  في اخر يومين في الامتحانات ، وقام بمباشرة عمله في مراقبة الطلاب اثناء الامتحان ،،،،
انتهي الامتحان بعد اذان الظهر وكانت الحرارة قد بدأت تشتد من جديد وبدأت الحركة تهدأ تدريجيا في البلدة الصغيرة ويختفي الناس منها ، فرجع الي الفندق فوجد السيدة زوجة صاحب الفندق تنتظره جالسه علي المكتب واضعه رأسها علي يديها ، قد تكون نائمه ، فألقي عليها السلام فلم ترد عليه فذهب الي غرفته ونام علي سريره ...
 ويظل يفكر في العجوز ومشكلته الي ان نام ..
استيقظ بعد الغروب بقليل ، احس بالارهاق ، فقرر ان يظل في غرفته ولا يخرج هذا المساء ، فجلس يقرأ في الجريدة الي ان دق الباب فكان الفتى الذي يعمل في الفندق يحضر له العشاء فاخذه منه واتعشى وقرر ان ينام....
كان اخر يوم له في البلدة فقرر ان ياخذ حقيبته الصغيرة ويخرج الي المحطة مباشرة بعد انتهاء الامتحان ليعود من حيث اتى ،،،،
  خرج صباحا فوجد حركة غير طبيعيه في الفندق فوجد  الفتى فسأله : ماذا يجري؟ فأخبره ان زوجة صاحب الفندق بتولد !!!
فسأله عن بيت الرجل الذي كان يجلس معه في المقهى ان كان يعرفه أم لا ؟
فأخبره الفتى انه بجوار السكك الحديديه بعد المدرسة مباشرة ،،،

فدفع له باقي اجرة الثلاث ليالي  وانصرف  ....
بعد ان انتهى من يوم الامتحان الاخير له في المدرسة خرج يبحث عن بيت العجوز حسب وصف الفتى له ،،،،
كان البيت صغيراً مكوناً من دور واحد تحيطه قطعة ارض صغيرة مزروعه ببعض حشائش مابعد الربيع وشجرة توت عاليه تظلل البيت  ...
كانت الشمس تتوسط السماء والحرارة عاليه ،،،،
ذهب الي البيت  ووقف تحت شجرة التوت ينظر حوله فلم يجد شيئاً ،،،،،
 نظر الى الباب فوجد ختماً احمر ، وخطاب  حكومي موضوعا ومثبتاً علي قفل الباب ،،،،،،
فسمح لنفسه ان يفتحه ويقرأه ،،،،
نأسف بأن شكواكم تم رفضها حيث ان قطعة الارض ملك للدولة ولا يحق وضع اليد عليها .....
القي بالرسالة ونظر الي البيت والقطار المار بجواره ،،،

ورجع الي المحطة ليعود لبلدته مرة اخري,,,,,,,
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللوحة لفان جوخ

الجمعة، 7 مايو 2010

الخطوات الأولى

رغم سجن وشلل حركتها ألا ان روحها كانت تعيش حريتها بلا قيود مخترقة حواجز السكون والمكان الي عالم حلمت به وقد آن الأوان أن تدركه وتعيش فيه ,,,,,
كانت الابنة الكبرى بين اخواتها فائقة الجمال  وجهها كشمس صباح تطل علي البيت لتملئه دفئاً وجمالا وروعه فكان وجهها يضيق ذرعاً بكل مقاييس الجمال فان اغلقت عليه باباً أطل من النافذه برأسه ليخبر ان يد الخالق قادرة علي ان تجعل من حور العين ضيوف في الدنيا ,,,,,,
فكانت تتحرك بكرسيها المتحرك كعصفورة صغيرة غير عابئه او مباليه بالعجز الدنيوي الزائف فهي كفرس لا يعرف الراحه ولا السكون ,,,,
أصيبت وهي في سن صغيرة بفيروس غامض ادى الي ارتفاع حرارة جسمها وشلل في حركة قدميها ورغم محاولات ابيها وامها مع الاطباء ألا انها لم  تفلح لكنهم ظلوا محتفظين بالأمل على انها قد تعود في يوماً وتبدأ خطواتها الاولى ....
تُحب القراءة وكتابة الشعر وتحفظ القرأن الكريم وتفوقت في دراستها الثانويه والتحقت بالكلية التي تمنتها....
بارعه في الأعمال المنزلية تعشق حياكة الملابس الصوفية واعمال الطهي فكأنها تُحارب وتقاوم هذا العجز الظاهري الزائف ,,,,,,
رغم قوتها الا انها شديدة الحساسية والرقة تتأثر بأقل شيء لو رأت حيوان جريح تبكي عليه ولو طفل باكي تبكي معه......
ابتسامتها وضحكتها لا تُفارق وجهها كأن هذة الأبتسامه قد  خٌلقت معه فكان  من ثوابت هذا الوجه الملائكي المضيء ....
تجلس كثيراً وحيدة امام المرأه وتشاهد هذا الكرسي وقيود رجليها فتحاول ان تتحرك وتقاوم ، وعندما تفشل وتسقط يكسو وجهها الملائكي الاحمرار وترويه الدموع فتحس بالفشل ، وتبحث بعينيها الصافيتين بداخلها عن شيء يحفزها ويجعلها تنتصر علي عدوها فلا تجد هذا الشيء او ربما لم يأتي بعد !!
فتأتي امها لتساعدها علي الجلوس مرة اخري كي تعيد الكرة مرات ومرات ......
أينما يُطلق قوس العشق سهمه فإن إحكام التدابير لا يفيد ، فحين يعمل قوس العشق متخفياً فان عليه من الخارج مائة دليل ودليل ....
رأته لأول مرة في عرس احدى أقاربها , فقلبها تعلق به

كان وسيماً يشع وجهه دائما بأمارات الهدوء والاتزان....
يعرف أبوها وأمها فهو قريبهما قرابة بعيدة ، فجاء يُسلم عليهم فنظر لها ومد يده لها فسلمت عليه ولم تنسى نظرته اليها ابداً..
فأصابها الخجل فكان خديها كزهرتين تفتحا تواً ، فشع منهما شفقاً احمر ينتهي ويختفي سريعاً مع الغروب ،،،،،،
ظلت تحلم به وترسمه في خيالها  وتعيش هذا الحلم جميل ، وتُفيق نفسها بيديها وتتسائل من  هذا الذي يتحمل فتاة عاجزة ؟؟
فُتصاب بالحيرة والألم لكنها لا تنفك تحلم من جديد ,,,,,
تعيش يومها بأنطلاق وامل محاوله قتل ألم عشقها وامنياتها ويأتي الليل فيبعث هذا الألم حياً  من جديد ، كاتمة داخلها ارهاصات حبها الوليد ,,,,
لم يتأخر حلمها كثيراً فكان هو اكثر منها عشقا وتعلقاً بهذا الملاك القعيد ،،،

فبعد مناقشات وصراع مع اهله اقنعهم اخيراً انه لن يتازل عنها زوجة وشريك ، فجاء بهم جميعا بعد أن  طلب تحديد موعد للزيارة ,,,,
فجائتها البشرى من أمها فصمتت مُخفية فرحتها في قلبها منتظره ان تكون وحيدة   حتي تطلق لفرحتها العنان فقالت : ما ترينه انتي وابي خيراً فأنا موافقة عليه .....
أمسكت بعجلات كرسيها كأنها تريد ان تحلق في السماء ، لأول مرة لم تحس بهذا السجن وهي تحركه وتذهب الي غرفتها
بكت من فرحتها وليس من ألمها كما تعودت دوماً ....
كانت هي وهو يخططان لأحلامهمها وبيتهما ، فلقد احست بأن الحياة بدأت خطواتها الاولي لتبتسهم اليها ، وبقي ان تخطو هي اليها ....
يوم عُرسها كانت ملاكاً حوله المعجبين ، تتحرك بينهم بدون خجل غير مبالية بالعجز الزائف اللعين ،،،،
وفي نهاية ليلتها امسكت بباقة الزهور والورود واعطت ظهرها للفتيات المنتظرات عٌرسهم وفرسان احلامهم استبشارا بأن من تلتقط باقة الزهور ستكون اول عروس ...
وألقت اليهم بباقة الزهور مبتسمه ضاحكه ناظره الي من تكون المنتصره مقتنصة الباقة من بين اقرانها ,,,,
بدأت ارهاصات جنين يتحرك في احشائها فرحت اشد الفرح وخافت اشد الخوف !!
هل لمثلها وفي عجزها ان تكون اماً  لطفل أم هذا حلم بعيد المنال ؟
خاضت تجربتها وقررت ان تستمر فيها واثقة في رحمة الخالق انه لن يتخلى عنها
عاشت التجربة القاسية بقلب لا يخلو من الأمل والمقاومه من اجل انتصار حلمها
كلما اقترب موعد ولادتها يزيد الالم وتزداد مقاومتها ...
الي ان جاء الطفل الجميل ليس اقل من امه جمالاً وروعه نفس عينيها وابتسامتها الملائكيه  ,,,,,,
كان الطفل يبكي في سريره وهي تنظر اليه
حركت كرسيها واتجهت الى امام المرأه
نظرت لنفسها ولطفلها المعكوسه صورته من خلفها
اغمضت عينيها وأمسكت بذراعي الكرسي وحاولت النهوض
كانت تواجه عدوها للمرة الاخيرة فكانت مقاومته لها شرسه وعنيفه
لكنها لم تيأس من الانتصار فقد وجدت اخيرا هذا الحافز الذي طالما بحثت عنه

انه طفلها  الباكي الذي ينتظرها ........
بدأت مقاومة عدوها في الضعف،،،،،
وبدأت هي تقف من جديد ،،،،،،،،
احست بالدوار لكنها  لم تنحني مرة اخري للعجز  وتسقط ،،،،،،

دفعت السجن المتحرك بيديها بعيدا فاصتدم بالسرير ،،،،،،،،،
نظرت لطفلها الباكي ،،،،،،
وبدات تخطو اليه خطواتها الاولى ،،،،،، 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللوحة لرينوار

الثلاثاء، 4 مايو 2010

المصوراتي

يتحرك بين الناس علي الشاطيء او في الميادين العامه ليبحث فيهم عن الجمال او يُخرج مافيهم من جمال لتصبح وجوه وملامح علي صور ,,,,,,,
يبدأ الصيف بعد نهاية العام الدراسي ويبدأ معه موسم رزقه ، أما في الشتاء فكان عمله الدائم في استديو خاص للتصوير بالاجر او مصوراً خاصاً في المناسبات وحفلات الزفاف او الندوات والمؤتمرات ،،،،،
لكن عمله المحبب اليه يبدأ مع الصيف حيث اختلاطه بالناس والمصيفين  ،

عندما يبدأ غزو المصيفين للاسكندرية وشواطئها ,,,,
يسكن في بيته البسيط بحي الابراهيميه حيث اهالي الاسكندرية الاصلين والقدماء ،،، بيته بسيط ، غرفه خاصه به لتحميض الافلام بضوئها الاحمر ، الافلام الملقاه في كل جانب والصور معلقه علي الحبل ،،،،
أما باقي البيت فغرفه له هو وزوجته ، وغرفة صغيرة لبنته الوحيده وغرفة اخري لابنه الاكبر ،،،،،
تجاوز الستين عاماً لكنه مازال يحتفظ بشبابه ، فحركته المستمرة والدئوبه واختلاطه بالناس وقفت حائلاً بينه وبين الشيخوخه ،،،،
يبدأ عمله في الصيف بعد شروق الشمس مباشرة ، ينتهي من صلاة الفجر  ويلبس زيه التقليدي للخروج الي الشاطيء ، البدله الصيفيه ذات النصف كُم والقبعه العريضه كي تحميه من الشمس والشنطه الصغيرة التي يحملها علي كتفه كي يضع فيها عدته الخاصه بالكاميرا من افلام جديده وبطاريات وصور كان انتهي من تحميضها كي يعطيها لأصحابها ،،،،،
قبل خروجه من البيت يفحص الكاميرا جيداً ويقوم بتنظيفها ، كان يطلق عليها لقب عزيزة فهي حقاً كانت صديقته العزيزة ، ينظفها جيدا كأنه يحاكيها ويكلمها ويطلب منها ان تدعو معه بيسر الرزق هذا اليوم ،،،،
يبدأ مشواره الصباحي بتناول فطوره اليومي من سندوتشات الفول والفلافل وكوب الشاي من القهوة المجاورة لعربة الفول ، يخرج الي شارع الكورنيش كي ينتظر الاوتوبيس او سيارة المشروع  لتقله الي شاطئه المفضل شاطيء سيدي بشر ،،،،
أول مايصل يبدأ تحيته وسلامه ودعابته مع اصدقائه الثلاثه وهم بائعة الفريسكا وبائع الجندوفلي وبائع البيبس ، فكان يعتبرهم اصدقائه واولاده ، يقف معهم دائما ضد ظلم مجلس الحي او الشركة المالكه للشاطيء او البلطجية الذين يقومون بتنظيم العمل والاسترزاق علي الشاطيء ،،،،،
بدأ الشاطيء يمتلىء تدريجيا برواده من المصيفين وهو يتحرك بينهم مخترقا الكراسي والشماسي ، يعاني مقاومة الرمال لقدمه كأنه يقاوم زحف السنين عليه ،،،،
منادياً الصورة بخمسه جنيه والتلاته بعشره ,,,,
هذا أب يناديه ويقف بجوار ابنه وزوجته ويقول له : خدلنا صورة ياريس ...
يبتسم ويطلب منه ان يقف هو وزوجته وبينهما ابنهما ، معطين ظهورهم للبحر ،،،
اضحكوا عشان الصورة تطلع حلوه ،،،،
اخدلك صورة ليك انت والمدام ،،،،
امسك ايديها ،،،
ابتسمي ابتسامه حلوه يامدام ،،،،
الله تمام كده ، هي دي الضحكه الحلوه ،،،،،
الصورة تاخدوها من كشك السجاير الجنب بوابة الشاطيء او بكرة هجيبهالكم معايا ،،،،،
هذه ام  وطفلتها الصغيرة ، تناديه ان يصور طفلتها كم صورة جميله ،،،،
يقوله لها : قعديها علي الرمل يا مدام ،،،
يهلل لها ويلاعبها ويُخرج لها لسانه كي تضحك ،،،،
ضحكت الطفله ضحكه ولا اروع بين الرمال وفي الخلفية الموج والناس في حضن البحر ،،،،
تصرخ سيدة قد تاه ابنها علي الشاطيء ، تلتفت مذعورة مستغيثة ، هل رأي احد ولد عنده خمس سنوات كان بقربها وتاه في لحظات ، خائفه ان يكون دخل الي البحر وسحبه الموج ،،،،
يذهب اليها ويهديء من روعها ،،،،
كان لابس ايه وشعره لونه ايه ،،،،
هنلاقيه حالا تلاقيه راح يلعب مع اي عيال ،،،،
يذهب يبحث عن الطفل ويوصي بائعة الفريسكا والبيبسي ان يساعدوه ،،،،
يجد طفل في اخر الشاطيء وحيداً بنفس المواصفات يبكي ويبحث عن امه يحمله ويرجع للأم المفطورة علي طفلها ،،،،
ويقول لها : خلي بالك منه وحافظي عليه ،،،،
تحتضن الام طفلها وهي تبكي وتدعو له وتشكره ,,,,,
يأتي موعد الغداء فيتجمع هو واصدقائه الثلاثه ويجمعون من بعضهم حق الغداء ، ويجلسون سوياً تحت شمسية ويضحكون ويأكلون بمنتهي النهم بعد نصف يوم مرهق من العمل ،،،،
مع اقتراب الغروب وشمس الاصيل ، يبدأ ظهور العشاق علي الشاطيء ،،،،
يأتي له شاب وفتاة مخطوبان ويطلبا منه ان يلتقط لهما صورة مع الغروب ،،،
فيبتسم ويطلب منهما ان يقفا بجوار الموج ، وبينهما الشمس تسقط في الغروب بين شفقها الاحمر وينظران لبعضهما ،،،،
مع صوت التقاط الكاميرا للصورة يقول لهما : ماتنسوش تعزموني علي الفرح ,,,,,,,,
يرجع الي بيته بعد صلاة المغرب كي يستريح ، ويقوم بتحميض الصور ، يخرج الي الكورنيش كي يستكمل جولته علي كوبري ستانلي ، يلتقط صور الشباب والاهالي وحفلات الزفاف التي تُقام علي الكورنيش ، يظل هكذا حتي قُرب منتصف الليل حتي يعود ليتناول عشائه بين اسرته الصغيرة ،،،،
يمر الصيف سريعاً لكنه قد قرر انه سيكون اخر صيف له علي الشاطيء ، لم يعد يحتمل عمل الشاطيء المرهق وفضل أن  يعمل في الاستديو ،،،،
لكنه لن يفارق الشاطيء بدون صورة وداع ،،،،
طلب من اصدقائه الثلاثه ان يتجمعوا كي يأخذ صورة معهم ،،،

ظل يلتفت فوجد فتاة تمر بالقرب منهم ،،،،
طلب منها ان تقوم هي بتصويرهم ، اندهشت الفتاة !!

فقال لها انها صورة للذكري ،،،،
وعلمها كيف تلتقط الصورة ،  نظر لها وقال : انظري الينا بقلبك وعينك ، وابحثي عن الجمال وعندما تجدينه التقطي الصورة ،،،،
وطلب من اصدقائه ان بيتسموا للفتاة ,,,,,

الأحد، 2 مايو 2010

الثأر المجنون‏

بالقرب من بيروت العاصمة توجد قرية هادئة متوسطة الحال تٌدعي كترمايا ..
استيقظت القرية في صباح يوم من الايام علي جريمة بشعة غير معتادين عليها ربما لم تشهدها القرية منذ نهاية الحرب الاهلية الدامية منذ اكثر من عقدين من الزمان ..
مقتل عجوزين وحفيدتهما طفلتين لم يتجاوزا التاسعة من عمرهما
هنا كان الخط الفاصل بين الهدوء والجنون وبين الحضارة والهمجية
القاتل أو المتهم شاب مصري اقتادته الاقدار الي هذه القرية كي يكون بطلاً لجريمتين
جريمة اولي بشعة جمعت بين الطفولة والكهولة هنا يقف العقل وتصمت الالسنة لا يوجد ابشع من ذلك قد يقوم به انسان ..
جريمة ثانية هو ضحيتها تُحرك العقل ثانية وتصدمه  بأنه يوجد ماهو ابشع من الجريمة الاولي عندما يصبح الثأر هو الشرع والقانون والشارع هو ساحة التنفيذ ..
مشهد يعيدنا الي ماقبل عصور الرسالات السماوية وبشر تقمصوا لبضع  الوقت قبائل اكلة لحوم البشر ..
لا مجال للعقل او الدين او حتى المواثيق الانسانية وبالتالي فلا مجال لدولة القانون والعدالة
رغم ان العدالة كانت سريعة الحركة وعثرت علي المتهم وهنا لكلمة متهم دلالة واهمية لان المتهم من حقه محاكمة ودفاع وقاضي يحكم عليه كان يستحق الاعدام اذٌ لا توجد مشكله فهو عقابه المنشود الذي يرسي مباديء العدالة وان لكل مجرم عقاب
يظهر شيء اخر في التحقيق بأنه قد يكون مختل عقلياً وهذا وارد جداً بحكم اقوال اهله واصدقائه اذٌ يكون الامر مختلف ..
أما بخصوص كونه مصري او غير مصري فالمؤكد ان اللبنانين لا يوجد ما يضمرونه تجاه المصرين ولو كان القاتل لبناني او اي جنسية اخري فأهل القرية سيفعلون به كما فعلوا بـ محمد مسالم
لكن علامة الاستفهام تحوم حول الاجهزة الأمنية وتقصيرها الساذج والمشبوه
هل لو كان المتهم او القاتل سورياً او خليجياً او أي جنسية أوربيه سيكون التعامل معه بهذا الشكل
حراسة هشه وضعيفه وبمجرد ان تجمهر اهل القرية حول السيارة يسلموا المتهم له أم ستكون الحراسة مشدده وغير ذلك من الاجرائات الطبيعيه في هذه الحالة
لكن أن يكون مصري فقير ومن عائلة فقيرة كما وضح من وسائل الاعلام فـ بالبلدي يعني ليس له دية
وهنا لا الوم السلطات اللبنانية اطلاقاً لكن للاسف اللوم علي الحكومة المصرية الغراء عندما يهون المصري في بلده فلا نلوم الغير عندما يهون عليهم
اخيراً
عندما نعود الي عصور ماقبل الرسالات السماوية
ويصبح الثأر والانتقام هو القانون والمحرك للبشر
والشارع هو ساحة المحكمه فننتظر مئات من محمد مسالم جديد

السبت، 1 مايو 2010

الفنار

يأتي غروب الشمس ويقف بجوار الفنار ناظراً الي سقوط الشمس خلف الأفق البعيد في البحر بين شفق احمر وصراع دائم بين النور والظلام ينتهي بأنتصار الليل في المساء مؤقتاً وانتصار النور في الصباح وينتظرا كي يعيدا الكرة مرة اخري ,,,,,,,,
مجرد ماتبدأ الشمس في الاعداد للرحيل اثناء الغروب يذهب ويٌشغل مفاتيح الكشافات الخاصه بالفنار كي تنير للسفن البعيدة طريقها في ظلمات البحر وتكون مرشده لها ....
كان يعمل حارساً للفنار وارثاً المهنة عن والده الذي ورثها عن  أبيه ايضاً
كانت وزارة المواصلات والمحافظة يوفرون سكناً خاصاً لحارس الفنار داخل برج الفنار نفسه الذي كان يشمل مكتب اداري خاص بالتفتيش وغرفة مغلقة تعتبر مخزناً لبعض الادوات الكهربائية والكشافات الضوئية العملاقه التالفه
وسكن خاص بالحارس به حمام وسرير ....
كانت غرفته عبارة عن سرير صغير وبوتجاز وجهاز كاسيت وراديو وبعض الكتب والمجلات يضعهم علي مكتب صغير وعدة وادوات خاصه بالصيد وكشاف كهربائي صغير كان يستخدمه اثناء الخروج ليلاً ومصباح كبير يستخدمه اثناء الصعود لاعلي الفنار في غرفة الكشافات  لكي يصلح اي عطل طاريء ،،،،،،
مع شروق الصباح يطفيء كشافات الفنار والموتور الذي يدور بها ويخرج للمشي علي شاطيء البحر أو يأخذ ادوات الصيد ويذهب الي اللسان الممتد داخل البحر ويصتاد السمك في صبر وهدوء ...
قد اعتاد الوحده لا يتحدث سوى مع البحر او مع نفسه او مع كتبه قليلا لو مر عليه أحد الا بعض الصيادين بمراكبهم او مفتشين هيئة الموانيء كل حين في الصباح فأعتاد عزلته وألفها ،،،،،،
كان ينزل الي وسط المدينه أحياناً ليشتري بعض المستلزمات الخاصه به كأكل او جرائد او ادوات للصيد لكنه لم يألف المدينه ابداً ......
بعد الغروب كان يصعد أحياناً الي اعلي برج الفنار ناظراً الي الافق البعيد اللامتناهي محاولاً ان يصل للشواطيء البعيدة محاولاً اجتياز حواجز الزمن والمكان يري السفن بعيدة وصغيرة كأنها مراكب ورقية صنعتها طفلة والقتها كي تواجه مصيرها ومستقبلها يجد نفسه في احدى هذه السفن مبحراً بعيداً في بلاد يولد فيها من جديد ،،،،،،
تدور كشافات الضوء في وسط الظلمات مخترقة ضباب البحر يخترقها ضوء القمر يقف اسفلها ويدور قلبه معاها ....
الفنار ليرشد ويٌنير في الظلمات لسفن قد تضل الطريق 
وقلبه يدور باحثاً عن من يحتويه ويؤنسه في ظلمات هذا الطريق
يصبر ويصتاد رزقه من الاسماك فيذهب لغرفته وعلي انغام ام كلثوم يبدأ في طهي السمك وعندما ينتهي يأكل وحيداً صوت البحر واموأجه تمتزج من بعيد بصوت الراديو كأنها تناجيه فيجد صمته وصداه يرد المناجاة فأصبح البحر صديقاً من سنين ....
خرج في الصباح بعد ان رحل الليل ململاً خيوط ظلامه من علي البحر تاركاً للنور السبيل
اطفأ موتور وكشافات الفنار وجلس علي درجة السلم امام باب غرفته ناظراً للبحر
يوماً صيفياً جميلا البحر هاديء كأنه مستيقظ من ليلة قضاها في احضان عشيقته فأرخى امواجه بهدوء علي الشاطيء......
رأها تقف بعيداً بجوار صخرة  تنزع عنها ملابسها بهدوء مطمأنه انه لا يوجد انسياً او حتي جنياً قد يهتك ستار جمالها فأحتمت بنور الصباح كستار
نزعت الشريط  الحرير الذي كانت تربط به شعرها وتركته بين ملابسها بجوار الصخرة وتقدمت للبحر
يحني البحر امواجه علي قدميها متوسلاً ان تغشاه ويمتزج رماله وموجه بها
 لكنها تأبى ولا تتقدم فتغرف الماء بيدها وتنثره علي جسمها فيتلألأ لمعاناً مع اشراق الصباح ،،،،،،
يتناثر الماء علي شعرها المسدل علي جسمها ونهديها فتقف ناظرة للشروق فتحركه بيديها للخلف وتقترب من البحر وتنتحني لتجمع بعض الصدفات من علي الرمال ....
تأتي نسمة غربية  حامله الشريط الاحمر الحرير بعيداً عن ملابسها وتطير به بعيداً حتي تحمله بالقرب منه
فيذهب سريعاً وينحني ليأخذه يشمه بين يديه فيحس فيه برائحة عطر شرقي ....
يتلفت حوله باحثاً عنها فلا يجدها
يذهب الي الصخرة حيث كانت فليس لها اثر سوي اثار قدميها علي الرمال !!
لعلها خيال او عروسة البحر لكنه معه شريطها الحرير ،،،،،،
ينتظرها مع شروق كل صباح ولا تأتي ممسكاً  بالشريط ......
يأتي الغروب ويصعد الي اعلي برج الفنار
ناظراً الي الافق البعيد
يدور شعاع ضوء الفنار فوقه مرشداً السفن في الظلمات
وقلبه يدور مع الفنار باحثاً عنها ,,,,,,,,