بغداد ربيع 2003
بدأت التقارير الأخبارية والصحفية تؤكد ان الغزو الانجلو امريكان وقوات التحالف سيبدأ مع الربيع ، خصوصا بعد خطاب بوش الأبن الأخير عن عزم الولايات المتحده الامريكيه على الاطاحه بالنظام البعثي العراقي بكل قياداته ،،،،،،
كانت منظمات الأغاثه التابعه للأمم المتحده وبرنامج النفط مقابل الغذاء والدواء قد انذروا رعاياهم والعاملين معهم على مغادرة العراق فوراً حفاظاً على سلامتهم ،،،
كان وهو وزوجته وولديهما عالقين في بغداد بعد قطع كل الطرق البرية والجوية المؤديه للخروج من العراق ،،،،
شاب مصري تجاوز الثلاثين من عمره ويعمل في منظمات الأغاثه وبرامج الأمم المتحده وزوجته عراقيه تزوجها في بغداد منذ خمس سنوات ، انجب بنتاً هي الكبيرة وولد يصغرها بسنتين ،،،،،
انقطع اتصاله برؤسائه في العمل منذ ثلاثة أيام بعدما خرجوا من العراق عبر الطرق البرية ، سواء من الحدود الكردية في الشمال او السورية في الغرب ، حيث كانت الحدود الجنوبيه مع الكويت والسعوديه مغلقه ،،،،
لم تجدي استغاثته للمسؤلين بتوفير طريق أمن للخروج هو وأسرته ، فقرر ان يعتمد على نفسه وعلى اصدقائه من العراقيين ،،،،
ليلة 21 مارس 2003 \ بغداد \ حي المنصور
رغم الهدوء الحذر الذي يسبق العاصفه ورغم اصوات سيارات الجيش العراقي والحرس الجمهوري التي تتحرك في كل مكان من شوارع العاصمه ، الا ان الابنة الكبرى قد جهزت هدية عيد الأم كي تعطيها لأمها ، فرسمت لها لوحه صغيرة بها ورده وتحتها اهداء بخط طفله صغيرة ، كل عام وانتي بخير يا أمي ،،،،
مع المساء بدأت تدوي صفارات الانذار في كل ارجاء بغداد ، وغطت العاصمه في الظلام ، وبدأ دوي المدافع المضادة للطائرات وومضيها يملئان سماء بغداد ،،،،
بدأ قوات التحالف ضربته الجويه الاولى المكثفه الصدمه والرعب ،،،،،
قصف جوي مكثف ومتواصل ، وقنابل ضوئيه بشكل عشوائي في غالبية الاحياء والمناطق ،،،،،
كانت زوجته حامل في الشهر الثالث ، واصيبت بالتوتر والخوف والهلع واخذت طفليها في حضنها ، وطلب منها زوجها ان يتبعوه للمخبأ الخاص في الحي مع بعض العراقين ،،،،
كان الجميع يغلب عليهم الصمت والدهشه ولم يتكلم احد ، الا من بكاء الاطفال هو من كان يقطع هذا الصمت مع كل دوي انفجار ،،،،
ظلت الغارات المكثفه والضربات الجويه حتى الفجر ، وصوت المذياع عبر هيئة الاذاعه البريطانية يذيع الانباء والتقارير ،،،،
انتظر حتى الصباح ومع هدوء الغارات وتوقفها خرج من المخبأ هو وزوجته والأطفال ،،،،،
كان اول ما اصتدم به ورأه هو انهيار بعض العمارات وسيارات الاسعاف تتحرك بسرعه تنقل الجرحى والموتى ،،،،
صعدوا الى منزلهم واخذوا مايقدرون عليه من مؤن ونقود وملابس ، وقرر بعد مساعدة اصدقاء له انه يخرج بسيارته عبر الحدود السورية غرباً ، ثم العودة الى مصر بالطيران ،،،،،،
ثاني أيام الحرب 2003 \ الأنبار غرب العراق
اتجه غرباً بسيارته في اتجاه الأنبار القريبة من الحدود السورية ، كانت حالة من الهدوء الحذر تسيطر على الشوارع ، وحركة دؤوبه لسيارات الجيش والحرس الجمهوري ، ونقاط تفتيش منتشره في كل مكان ، وتفتيش دقيق للسيارة ،،،،
وصلوا الأنبار قبل غروب الشمس وكان لابد ان يقضى الليله في احد البيوت في المدينه قبل استئناف الغارات والقصف الجوي ،،،
ذهب الى احد معارفه في المدينه وقضى عنده تلك الليله ،،،،
كانت الغارات في اول يومين من الحرب مركزة على بغداد وقصور الرئاسه ومقار بعض الوزارات ، لم تتجه الغارات بعد لقصف المدن الأخرى بكثافة الا قليلاً لقصف بعض معسكرات الجيش الخاويه او المقار الأمنية ومباني الادارات ،،،،
كانت العائلة العراقية التي تستضفيهم في اشد الكرم وقامت بتزويد السيارة بالوقود رغم ندرته في مثل تلك الاوقات العصيبه ، وزودوهم بالطعام والشراب لاستكمال رحلتهم ،،،،
خرجوا في الصباح الباكر بعد توقف القصف الجوي واتجهوا غربا للنقاط الحدوديه مع سوريا ،،،،،
ثالث أيام الحرب 2003 \ الطريق من الانبار للحدود السورية
كانت الرياح المثيرة للأتربة قد بدأت تشتد مع ارتفاع طفيف في درجات الحرارة ، وبدأ الطفلين في الأرهاق والتعب ، وبالتدريج بدأت تنفد جرعات الأنسولين التي يأخذها الطفل الصغير المُصاب بالسكري ، مما اثار قلق الأم ، فطمأنها الزوج بأنهم سيصلوا لسوريا قبل ان تنفد جرعات الأنسولين ،،،،
مروا على قرى النخيل والفلاحين في الرمادي وقضاء هيت وحديثه وقبل وصولهم الى القائم أحس الزوج بأنه دخل منطقة احراش ، وبدأت تقل سيارات دوريات الجيش العراقي والسيارات المدنيه ،،،،،
على الطريق وجدوا بعض الشباب الملثمين والمسلحين يوقفون السيارة ، ويطالبون الزوج بالخروج من السيارة وأظهار بطاقات الهوية ، تأكدوا ان الزوجه عراقيه والشاب مصري يعمل تبع الامم المتحده وبرنامج النفط مقابل الغذاء ،،،
كان بالنسبه لهم فريسه يمكن ان يتم المقايضه عليها ،،،،
حاول الزوج ان يفهم مايحدث ، فطالبه احدهم بالصمت وأن يجلس على الأرض واضعاً يده فوق رأسه ،،،،،
نظر احدهم الى الزوجه وهي جميلة الملامح ، عربية العينين ،فأشتهتها عيناه ، فتحدث سراً مع احد زملائه ، فضحكا سوياً وذهب اليها وطلب منها النزول في سكوت وهدوء ، فصرخت في وجهه بلهجه عراقيه فسبها وصفعها ، فقام الزوج بكل ما اوتي من عزم فضربه بقوة فأسقطه على الأرض ، فتجمع عليه اثنان منهم فضربوه على رأسه فسقط مغشياً عليه ، والاطفال يبكون والزوجه تصرخ وتستحلفهم بالله ان لا يمسوها بسوء امام اطفالها ، فتقدم احدهم فربط عين الطفلين ووضعهم في السيارة والاطفال يرتعدون خوفاً وهلعاً ، والزوجه تحمي نفسها وتحاول ان تجري فأمسكوها ، وبدأوا الاعتداء عليها وهي تبصق عليهم ، انهم تجار بشر ينشطون وقت الحروب كالضباع والكلاب التى تلهث خلف ماتبقى من الصيد ،،،،،،،
اثناء ذلك مر بعض الفلاحين القادمين من احد الضياع القريبه من الطريق وقد سمعوا صوت الصراخ من بعيد ، وكانوا مسلحين كعادة المزارعين في تلك المناطق فهجموا على الشبان الملثمين الى ان هربوا ولاذوا بالفرار ،،،،
كانت الزوجه في صدمه عصبية تهذي ، والزوج بدأ يستفيق وذهب في نوبة بكاء ، أما الطفل الصغير بدأ عليه الأعياء الشديد بسبب عدم حصوله على الدواء واخته تحتضنه بعد ان اصابها الصمت والذهول ،،،،،
استضافهم احد الفلاحين في بيته وكانت زوجته سيدة طيبه فأعتنت بالزوجه واعدت للاسرة الصغيرة بعض الطعام ،،،،
بدأ الزوج يتمالك نفسه ولم يتكلم ابدأ ولم ينظر لزوجته ، كان يحس بأنه قُتل وأُهين الاف المرات ، ففقد الأحساس بكل شيء حوله الا شيء واحد وهو كيف يعود بأسرته الى الوطن ،،،،،
رابع أيام الحرب \ قرية الحوري على الحدود العراقية السورية
طوال الطريق لم ينظر ولم يتكلم مع زوجته ، وهي تبكي وتحتضن ابنها المريض بعد ان نفدت كل جرعات الانسولين ، بدأ الطفل يدخل في غيبوبه ارتفاع سكر وبدأ دمه يتسمم ، وقبل ان يصل على الشريط الحدودي مع سوريا كان الطفل قد مات ،،،،،
اخذه الأب وجرى به على نقاط التفتيش لعله يجد بعض الاسعافات ويحاول ان ينقذه ، لكن الطبيب الخاص بالنقطه الحدوديه اخبره أنه مات ، وممنوع ان يمر به على الجانب الاخر من الحدود الا بتصاريح معينه وغير ممكنه الان ، بالتالي لابد ان يُدفن في الجانب العراقي ،،،،
قام بدفن الطفل في مقابر القرية بعد ان استخرج تصريح للدفن ، والاب والأم قررا ان يكتما البكاء والأنهيار حفاظاً على الطفله الصغيرة والجنين الذي في احشاء الأم ،،،،،
وصلوا الى الجانب السوري واستكملا الطريق الى العاصمه دمشق التي تبعد حوالي عشر ساعات من الحدود ، وبعد ان وصلوا ، قام بحجز غرفة في احدى فنادق العاصمة للمبيت فيها حتى يحصل على حجز خاص بالطيران ،،،،،
بعد مرور ستة اشهر من بداية الحرب 2003 \ القاهرة
اثناء الستة اشهر وبعد الوصول للقاهرة ، لم يستطع الزوج ان يتحدث مع احد فيما حدث له ولأسرته ، ولم يستطيع ان ينظر في وجه زوجته كأنه يعاقبها ويعاقب نفسه على ذنباً لم يقترفاه ،،،،،
حاولت الزوجه الانتحار وقام بأنقاذها في اخر لحظه ،،،
الى ان بدأ الجنين الذي في بطنها ان يتحرك ويستأذن هذا العالم للخروج ، كانت الولادة قبل ميعادها بثلاثة اسابيع فخرج الطفل ضعيفاً جدا وهزيلاً ،،،
لم يكن الزوج معها بل كانت أمه هي من ترعاها ،،،،
وكان على وشك أن يطلقها حتى يُريحها ويستريح ،،،،
الى أنه علم بولادة زوجته لطفل صغير عوضاً عن طفلهما الذي فقداه ، فذهب مسرعاً الى المستشفي ،،،،،
كان الطفل في الحضانه الزجاجيه ضعيفاً يفتح عينيه للدنيا ببطء كأنه يتلمس شعاع النور الأول بين والديه ، وينتظر ان تسمع اذناه اول نبرة صوت منهما ،،،،
وقفا الأب والأم حول الحضانه وكل واحد منهما ادخل أصبعه داخلها ووضعه في يد المولود ، الذي ان احس بلمسات امه وابيه اطبق كفيه الصغيرين على كل اصبع ، كأنه يحتمي بأمه وأبيه من صراعات هذا العالم الرهيب ،،،
يأمل ان يعيش في عالم افضل بدون حروب وقتل ودمار ،،،،،،
اهداء الى كل ضحايا وشهداء الحرب الأمريكيه على العراق ,,,,,
بدأت التقارير الأخبارية والصحفية تؤكد ان الغزو الانجلو امريكان وقوات التحالف سيبدأ مع الربيع ، خصوصا بعد خطاب بوش الأبن الأخير عن عزم الولايات المتحده الامريكيه على الاطاحه بالنظام البعثي العراقي بكل قياداته ،،،،،،
كانت منظمات الأغاثه التابعه للأمم المتحده وبرنامج النفط مقابل الغذاء والدواء قد انذروا رعاياهم والعاملين معهم على مغادرة العراق فوراً حفاظاً على سلامتهم ،،،
كان وهو وزوجته وولديهما عالقين في بغداد بعد قطع كل الطرق البرية والجوية المؤديه للخروج من العراق ،،،،
شاب مصري تجاوز الثلاثين من عمره ويعمل في منظمات الأغاثه وبرامج الأمم المتحده وزوجته عراقيه تزوجها في بغداد منذ خمس سنوات ، انجب بنتاً هي الكبيرة وولد يصغرها بسنتين ،،،،،
انقطع اتصاله برؤسائه في العمل منذ ثلاثة أيام بعدما خرجوا من العراق عبر الطرق البرية ، سواء من الحدود الكردية في الشمال او السورية في الغرب ، حيث كانت الحدود الجنوبيه مع الكويت والسعوديه مغلقه ،،،،
لم تجدي استغاثته للمسؤلين بتوفير طريق أمن للخروج هو وأسرته ، فقرر ان يعتمد على نفسه وعلى اصدقائه من العراقيين ،،،،
ليلة 21 مارس 2003 \ بغداد \ حي المنصور
رغم الهدوء الحذر الذي يسبق العاصفه ورغم اصوات سيارات الجيش العراقي والحرس الجمهوري التي تتحرك في كل مكان من شوارع العاصمه ، الا ان الابنة الكبرى قد جهزت هدية عيد الأم كي تعطيها لأمها ، فرسمت لها لوحه صغيرة بها ورده وتحتها اهداء بخط طفله صغيرة ، كل عام وانتي بخير يا أمي ،،،،
مع المساء بدأت تدوي صفارات الانذار في كل ارجاء بغداد ، وغطت العاصمه في الظلام ، وبدأ دوي المدافع المضادة للطائرات وومضيها يملئان سماء بغداد ،،،،
بدأ قوات التحالف ضربته الجويه الاولى المكثفه الصدمه والرعب ،،،،،
قصف جوي مكثف ومتواصل ، وقنابل ضوئيه بشكل عشوائي في غالبية الاحياء والمناطق ،،،،،
كانت زوجته حامل في الشهر الثالث ، واصيبت بالتوتر والخوف والهلع واخذت طفليها في حضنها ، وطلب منها زوجها ان يتبعوه للمخبأ الخاص في الحي مع بعض العراقين ،،،،
كان الجميع يغلب عليهم الصمت والدهشه ولم يتكلم احد ، الا من بكاء الاطفال هو من كان يقطع هذا الصمت مع كل دوي انفجار ،،،،
ظلت الغارات المكثفه والضربات الجويه حتى الفجر ، وصوت المذياع عبر هيئة الاذاعه البريطانية يذيع الانباء والتقارير ،،،،
انتظر حتى الصباح ومع هدوء الغارات وتوقفها خرج من المخبأ هو وزوجته والأطفال ،،،،،
كان اول ما اصتدم به ورأه هو انهيار بعض العمارات وسيارات الاسعاف تتحرك بسرعه تنقل الجرحى والموتى ،،،،
صعدوا الى منزلهم واخذوا مايقدرون عليه من مؤن ونقود وملابس ، وقرر بعد مساعدة اصدقاء له انه يخرج بسيارته عبر الحدود السورية غرباً ، ثم العودة الى مصر بالطيران ،،،،،،
ثاني أيام الحرب 2003 \ الأنبار غرب العراق
اتجه غرباً بسيارته في اتجاه الأنبار القريبة من الحدود السورية ، كانت حالة من الهدوء الحذر تسيطر على الشوارع ، وحركة دؤوبه لسيارات الجيش والحرس الجمهوري ، ونقاط تفتيش منتشره في كل مكان ، وتفتيش دقيق للسيارة ،،،،
وصلوا الأنبار قبل غروب الشمس وكان لابد ان يقضى الليله في احد البيوت في المدينه قبل استئناف الغارات والقصف الجوي ،،،
ذهب الى احد معارفه في المدينه وقضى عنده تلك الليله ،،،،
كانت الغارات في اول يومين من الحرب مركزة على بغداد وقصور الرئاسه ومقار بعض الوزارات ، لم تتجه الغارات بعد لقصف المدن الأخرى بكثافة الا قليلاً لقصف بعض معسكرات الجيش الخاويه او المقار الأمنية ومباني الادارات ،،،،
كانت العائلة العراقية التي تستضفيهم في اشد الكرم وقامت بتزويد السيارة بالوقود رغم ندرته في مثل تلك الاوقات العصيبه ، وزودوهم بالطعام والشراب لاستكمال رحلتهم ،،،،
خرجوا في الصباح الباكر بعد توقف القصف الجوي واتجهوا غربا للنقاط الحدوديه مع سوريا ،،،،،
ثالث أيام الحرب 2003 \ الطريق من الانبار للحدود السورية
كانت الرياح المثيرة للأتربة قد بدأت تشتد مع ارتفاع طفيف في درجات الحرارة ، وبدأ الطفلين في الأرهاق والتعب ، وبالتدريج بدأت تنفد جرعات الأنسولين التي يأخذها الطفل الصغير المُصاب بالسكري ، مما اثار قلق الأم ، فطمأنها الزوج بأنهم سيصلوا لسوريا قبل ان تنفد جرعات الأنسولين ،،،،
مروا على قرى النخيل والفلاحين في الرمادي وقضاء هيت وحديثه وقبل وصولهم الى القائم أحس الزوج بأنه دخل منطقة احراش ، وبدأت تقل سيارات دوريات الجيش العراقي والسيارات المدنيه ،،،،،
على الطريق وجدوا بعض الشباب الملثمين والمسلحين يوقفون السيارة ، ويطالبون الزوج بالخروج من السيارة وأظهار بطاقات الهوية ، تأكدوا ان الزوجه عراقيه والشاب مصري يعمل تبع الامم المتحده وبرنامج النفط مقابل الغذاء ،،،
كان بالنسبه لهم فريسه يمكن ان يتم المقايضه عليها ،،،،
حاول الزوج ان يفهم مايحدث ، فطالبه احدهم بالصمت وأن يجلس على الأرض واضعاً يده فوق رأسه ،،،،،
نظر احدهم الى الزوجه وهي جميلة الملامح ، عربية العينين ،فأشتهتها عيناه ، فتحدث سراً مع احد زملائه ، فضحكا سوياً وذهب اليها وطلب منها النزول في سكوت وهدوء ، فصرخت في وجهه بلهجه عراقيه فسبها وصفعها ، فقام الزوج بكل ما اوتي من عزم فضربه بقوة فأسقطه على الأرض ، فتجمع عليه اثنان منهم فضربوه على رأسه فسقط مغشياً عليه ، والاطفال يبكون والزوجه تصرخ وتستحلفهم بالله ان لا يمسوها بسوء امام اطفالها ، فتقدم احدهم فربط عين الطفلين ووضعهم في السيارة والاطفال يرتعدون خوفاً وهلعاً ، والزوجه تحمي نفسها وتحاول ان تجري فأمسكوها ، وبدأوا الاعتداء عليها وهي تبصق عليهم ، انهم تجار بشر ينشطون وقت الحروب كالضباع والكلاب التى تلهث خلف ماتبقى من الصيد ،،،،،،،
اثناء ذلك مر بعض الفلاحين القادمين من احد الضياع القريبه من الطريق وقد سمعوا صوت الصراخ من بعيد ، وكانوا مسلحين كعادة المزارعين في تلك المناطق فهجموا على الشبان الملثمين الى ان هربوا ولاذوا بالفرار ،،،،
كانت الزوجه في صدمه عصبية تهذي ، والزوج بدأ يستفيق وذهب في نوبة بكاء ، أما الطفل الصغير بدأ عليه الأعياء الشديد بسبب عدم حصوله على الدواء واخته تحتضنه بعد ان اصابها الصمت والذهول ،،،،،
استضافهم احد الفلاحين في بيته وكانت زوجته سيدة طيبه فأعتنت بالزوجه واعدت للاسرة الصغيرة بعض الطعام ،،،،
بدأ الزوج يتمالك نفسه ولم يتكلم ابدأ ولم ينظر لزوجته ، كان يحس بأنه قُتل وأُهين الاف المرات ، ففقد الأحساس بكل شيء حوله الا شيء واحد وهو كيف يعود بأسرته الى الوطن ،،،،،
رابع أيام الحرب \ قرية الحوري على الحدود العراقية السورية
طوال الطريق لم ينظر ولم يتكلم مع زوجته ، وهي تبكي وتحتضن ابنها المريض بعد ان نفدت كل جرعات الانسولين ، بدأ الطفل يدخل في غيبوبه ارتفاع سكر وبدأ دمه يتسمم ، وقبل ان يصل على الشريط الحدودي مع سوريا كان الطفل قد مات ،،،،،
اخذه الأب وجرى به على نقاط التفتيش لعله يجد بعض الاسعافات ويحاول ان ينقذه ، لكن الطبيب الخاص بالنقطه الحدوديه اخبره أنه مات ، وممنوع ان يمر به على الجانب الاخر من الحدود الا بتصاريح معينه وغير ممكنه الان ، بالتالي لابد ان يُدفن في الجانب العراقي ،،،،
قام بدفن الطفل في مقابر القرية بعد ان استخرج تصريح للدفن ، والاب والأم قررا ان يكتما البكاء والأنهيار حفاظاً على الطفله الصغيرة والجنين الذي في احشاء الأم ،،،،،
وصلوا الى الجانب السوري واستكملا الطريق الى العاصمه دمشق التي تبعد حوالي عشر ساعات من الحدود ، وبعد ان وصلوا ، قام بحجز غرفة في احدى فنادق العاصمة للمبيت فيها حتى يحصل على حجز خاص بالطيران ،،،،،
بعد مرور ستة اشهر من بداية الحرب 2003 \ القاهرة
اثناء الستة اشهر وبعد الوصول للقاهرة ، لم يستطع الزوج ان يتحدث مع احد فيما حدث له ولأسرته ، ولم يستطيع ان ينظر في وجه زوجته كأنه يعاقبها ويعاقب نفسه على ذنباً لم يقترفاه ،،،،،
حاولت الزوجه الانتحار وقام بأنقاذها في اخر لحظه ،،،
الى ان بدأ الجنين الذي في بطنها ان يتحرك ويستأذن هذا العالم للخروج ، كانت الولادة قبل ميعادها بثلاثة اسابيع فخرج الطفل ضعيفاً جدا وهزيلاً ،،،
لم يكن الزوج معها بل كانت أمه هي من ترعاها ،،،،
وكان على وشك أن يطلقها حتى يُريحها ويستريح ،،،،
الى أنه علم بولادة زوجته لطفل صغير عوضاً عن طفلهما الذي فقداه ، فذهب مسرعاً الى المستشفي ،،،،،
كان الطفل في الحضانه الزجاجيه ضعيفاً يفتح عينيه للدنيا ببطء كأنه يتلمس شعاع النور الأول بين والديه ، وينتظر ان تسمع اذناه اول نبرة صوت منهما ،،،،
وقفا الأب والأم حول الحضانه وكل واحد منهما ادخل أصبعه داخلها ووضعه في يد المولود ، الذي ان احس بلمسات امه وابيه اطبق كفيه الصغيرين على كل اصبع ، كأنه يحتمي بأمه وأبيه من صراعات هذا العالم الرهيب ،،،
يأمل ان يعيش في عالم افضل بدون حروب وقتل ودمار ،،،،،،
اهداء الى كل ضحايا وشهداء الحرب الأمريكيه على العراق ,,,,,