مازال صدى دقات البيانو يتردد في جنبات عقلها ، وصوت المُعلمة وهي تعنفها بشدة لعدم حفظها للنوتة والمقطوعات التي تدربت عليها ،،،،،،
لا تدري لماذا يطل عليها الماضي دائماً وهي تمارس رياضة المشي في الصباح على كورنيش سان ستيفانو وستانلي ،،،،،
مع كل خطوة تخطيها ، تصدح في داخلها أصوات مختلفة من الماضي ، سواء القريب منه أو البعيد ،،،،،
أكملت عامها السابع والثلاثين منذ بضعة أيام ، لم يبالي احد أن كانت أتمت السابعة والثلاثين أو الثامنة والثلاثين ، هي نفسها أصبحت لا تُبالي ، فكلها بالنسبة أليها أوراق يطيرها الخريف من شجرة عمرها ،،،،
زوجها أهداها الهدية الروتينية وعزومة العشاء المعتاده في أحدى المطاعم الشهيرة ، نبع المشاعر قد جف مائه قبل أن يبدأ في الجريان بينهما ،،،،،
دقات قلبها بدأت تتسارع مع خطواتها ،،،،،
صوت البيانو عاد من جديد ،،،،
كانت لا تحب درس البيانو ولا المُعلمة ، كانت تُحب الكمان والجيتار ، لكن أمها فرضت عليها تعلم البيانو ، لأنه عادة قديمه في العائلة ، خطأ فادح أن تكسر تلك العادة ،،،،
دقات قلبها لم تهدأ بعد رغم جلوسها على احدي المصاطب الأسمنتية المتناثرة على طول الكورنيش ،،،،،
نظرت الى البحر واستقبلت النسمات الباردة التي بدأت تشتد تدريجياً ، أحكمت ربط المنديل الأحمر حول عنقها ،،،،
عادت صورته من جديد الى مخيلتها ، حبها الأول ، ذلك الشاب الذي أحبته في صباها واثناء دراستها في الجامعة ، جمعتهما قصة حب ، انتهت عندما رفضته أمها لأنها لم تقتنع به ، وسافر هو خارج مصر ،،،،،،
ابتسمت ابتسامة حزينة ، لا تدري ان كان عتاب أم استسلام ،،،،
هدأت دقات قلبها ، فأستكملت سيرها وهي تنظر للسيارات المسرعة ، والخطوات المتسارعة حولها ،،،،،
عاد اليها ذلك اليوم ، وجوه مختلفة من أسرتها وأسرة الشاب الذي أصبح زوجها ، جالس بجوارها ، يبتسم لها وهي تحاول أن تبتسم ، لا تدري ماذا تقول وهو لا يتكلم ، أحست أن الصمت قد ساد حياتها من اللحظة التي كان يجب أن يبدأ فيها الكلام ،،،،،
نظرت للعمارات بجانبها ، كانت رياح البحر المحملة بالرطوبة والملح قد أضعفت منها وشوهت منظرها ، كلما اقتربت البيوت من البحر كلما قل عمرها ،،،،
أحست انها مثل هذه العمارات والبيوت ، رياح الزمن ومِلحهُ في عناد معها وهي لا تدري أن كانت ستصمد وتستمر مقاومتها وتحتمي منها أم ستُسلم وتخضع لها ،،،،
بدأ يزداد الزحام وصخب الناس والسيارات ،،،،،
وبدأت تتلاشي دقات البيانو داخلها ،،،،،
عادت من جديد الى طريق بيتها وأصبح البحر على يسارها والشارع والعمارات على اليمين ،،،،
وربطت المنديل مرة أخرى حول عنقها كي يحميها من هواء البحر البارد ،،،،،،
هناك 3 تعليقات:
جميل دائما مقدمات كتاباتك انسيابية بلاتكلف او تصنع..والاجمل تنوع طرق العرض للفكرة الاساساية موضوع العمل الادبى ...الى مزيد من النجاح باذن الله ...
كل سنة وانتي طيبه وربنا يعيد عليكي الايام بالخير والبركه
الحمد لله اني بقدر اوصل الفكرة بشكل سلس ومتنوع ...
دايما نقدك وتعليقك بستفاد منه
شكرا جداا علي تعليقاتك ,,,
وانت بالصحة والسلامة انت وكل الاسرة الكريمة وعيد سعيد عليك وعلى الجميع
معلش الرد كتأخر شوية ..
إرسال تعليق