لا أدري لماذا تذكرت محمد البحر الان قد يكون بسبب مروري الدائم امام منزله الذي كان يحرسه ويسكن فيه ، لقد كان العقار ملك لاحد ابناء البشوات ، وكان البحر يعمل لدي الباشا الكبير من صغره في القصر القديم ، وبعد ذلك انتقل الي العقار الذي يملكه الحج حسن ، والبحر يعمل في خدمته وخدمة اسرته ,,,,,,
أما البحر فهو يعتبر من المعالم السياحيه والرئيسيه للحي والشارع ، منذ نعومة اظفاري ومنذ وعيت علي الدنيا وأنا لا يكاد يمر يوم ألا وأراه او أري حدثٌ جلل في الشارع يحدث بسببه او بسبب ابنه ،،،،،
نرجع للبحر فهو شخصية غريبه حقاً ، لا يلبس الا المعطف البني اللون علي الجلباب الاسود ، وطاقيه علي راسه لونها ابيض من تلك الطواقي التي يهديها العائدون من العمره او الحج لذويهم واقاربهم ، ودائما مايمسك في يده سبحه متفاخرا بها امام كل مايلتقيه في الشارع ، وكنت انا منهم طبعاً ، اكون مستعجلا واعرفه من صوته عندما يناديني ويبادرني بدون سلام او اي شيء غير انه يقول : ايه رايك في السبحه دي شوف كده دي كافور او نور الصباح بتنور في الضلمه او خشب؟ وانا اقوله حلوه يا عم محمد بس انا مستعجل دلوقتي ,,,,,,,
كان دائم الشجار في الشارع ، عندما اسمع صوت خناقه او مشاجره عنيفه اعرف انه احد طرفيها او المتسبب فيها ،،،،
تارة مع بائع الطماطم لانه وقف ينادي بازعاج امام البيت والحج حسن صاحب العمارة نايم ،،،،
او مع البقال لانه اعطاه جبن او حلاوة لم تعجب الحج حسن سيده ومولاه ،،،
او مع بعض الشباب قد يرتاب فيهم انهم يتلصصون من بعيد علي بنت الحج حسن ،،،
أما اغلب معاركه ودائما مايستشيرني فيها ، فكانت مع الشيخ محمد مقيم الشعائر في المسجد الخاص بالشارع ،،،
كان البحر دائما يحب ان يمسك بالميكرفون كي يقيم الصلاة او يأذن رغم بشاعة صوته الذي ما ان يبدأ بالاذان يسبب فزع وهياج للحيوانات من حمار يشد عربة طماطم او برتقال او كلب ضال في الشارع ،،،،،
وكان يمنعه الشيخ محمد لانه تعدي علي عمله الذي يقبض اجر منه من وزارة الاوقاف ، ولما يمنعه الشيخ محمد لا يستطيع ان يرد عليه في المسجد خوفا من المصلين فينتظره دائما بعد الفروغ من الصلاة خارج المسجد ، ويمسكا في خناق بعضهما ، ويتدخل اهل الخير كي يفرقا بينهما : حقك علينا ياعم محمد المرة الجايه هنخليك انت تأذن !!!
يرد البحر : والله لخلي سيدي حسن يمشيه هو اشتري الجامع لحسابه انا صوتي حلو وبأذن شرعي بس هو راجل ملعون ومايحبش الا نفسه ،،،
يرد الشيخ محمد : ياراجل عيب عليك صوتك ايه الحلو ده انت ال نزل فيك كلام ربنا ان انكر الاصوات لصوت الحمير ، اخفي من قدامي يابحر بدل ماخرصك واحرم الناس من صوتك بقيت حياتك ,,,,,,,,,,,,
ولولا ولاد الحلال كانت كل مرة تنتهي بمصيبه لولا ستر الله ،،،،
أما بخصوص أصول وتاريخ البحر فسألته مرة : انت منين اصلا ياعم بحر وفين ام عبده مراتك وعرفت الباشا الكبير وابنه الحج حسن امتي ؟؟؟
فيرد عليا باهتمام وكان هذا نادرا ان يهتم بأحد : يااه دي حكاية طويله بس عشان انت واد امير ومؤدب هحكيلك ........
انا ياسيدي من كلابشه في الصعيد الجواني بعد اسوان كمان ، وابويا كان شغال عند الباشا الكبير وكنت انا صغير بساعده ، اما ابويا وامي فبحروا وسابوا بلدنا بعد ماضربنا فيضان كبير للنيل ، غَرق بيوتنا ونزحنا بعدها علي هنا وكنت انا عيل صغير ، جينا قصر الباشا عشان ابويا يشتغل ، وانا لما كبرت بقيت بساعده ، واتجوزت ام عبده بعد ماولاد الحلال اقنعوا الحج حسن ، لانه مكنش راضي يخليني اتجوز قال عشان شايفني مستاهلش الله يسامحه بقى ، فاتجوزت وجيبت الواد عبده علي كبر وبعد غيبه ، وكانت ام عبده بنت عم صالح البواب وماتت الله يرحمها وهي بتولد الواد عبده ،،،،
نذهب لعبده مؤقتاً ، عبده هذا هو شيطان في صورة انسان كان شديد الشقاوة وكثير المشاكل والمصائب في الشارع ، هو نسخه مطوره من ابوه يشبهُ قليلا لكن كان جسمه اكبر بقليل ، ورغم كل مشاكله ومصائبه التي يسببها لابوه كان ابوه يحبه كثيراً ودائما مايسامحه ويصفح عنه ويقول : ماهو ده الطلعت بيه من الدنيا خليه يعمل مابداله ماحدش واخد منها حاجه ،،،،
رغم انه كان يتسبب في الشتيمة والضرب له من الحج حسن ,,,,,,,
اتذكر مرة كنت عائدا من بيت جدي وكنت أمر بجوار القصر المهجور الخاص بالباشا ورأيت احد من بعيد جالس امام نار للتدفئه اقتربت من البوابه ونظرت للداخل فوجدته هو البحر فناديت عليه فرد عليا وقال لي تعالي ماتخفش ....
اقتربت وانا خائف لاني لم ادخل هذا القصر من قبل وكان دائما ماتحوم حوله الشائعات عن انه مسكون بجنيه وعفاريت وما الي ذلك من الاساطير التي دائما ما ترتبط بالقصور المهجورة ، فدخلت من البوابه ومررت في الساحه التي كانت زمان حديقة واصبحت الان مقلب للكراكيب الخاصه بالحج حسن ، وبه سيارة قديمه مرفوعه علي حجارة وبعض القمامه ، وبجوارها والبحر يجلس ومعه جاروف حفر مثل جاروف القبور فاندهشت وسألته : بتعمل ايه ياعم بحر وقاعد هنا ليه في البرد ؟؟
قال : مابعملش ماتشغلش بالك انت ، منها لله هي السبب بقي !!
قلت له : خير بس ياعم بحر هي مين السبب وفي ايه حلفتك بعبده لتقول ...
قال وهو يهرش في قفاه : حلفتني بالغالي بقى وانا هقولك عشان انت برضو واد امير وغالي عليا ....
شوف ياسيدي : زمان واحنا هنا في البيت قبل الباشا مايموت ونهجر القصر كان القصر ده هو بيت العيله الكبير رغم ان الباشا كان له بيت تاني بس اغلب قعاده كان هنا وكنت انا وابويا شغالين عنده زي مانت عارف ،،،
في ليله كانت الست الكبيرة اخدت سيدي حسن واخوه وراحت البيت التاني وكانت معاهم امي ، وانا فضلت مع ابويا عشان نخدم الباشا ونشوف طلباته ، والليله دي قبل ماننام لقيت ابويا بيقولي يااد يامحمد اوصل المطبخ هاتلي الشال بتاعي لاني نسيته وارجع علطول ، قولتله حاضر يابا بس الوقت اتاخر ، قالي انت هتخوتني ليه اوصل بسرعه وتعالي مشش في ركبك قولتله طيب الله يسامحك ,,,,
طلعت فوق وسمعت من بعيد صوت الباشا بيزعق وصوت حريمي بيعيط ، قربت شويه وقلت لما اشوف الباشا بيزعق لمين ومين البت ال بتعيط دي ....
لقيت الباشا ماسك البت زينات ال جابها معاه من مصر عشان تشتغل معانا وبتقوله سامحني ياسيدي غصب عني ياسيدي والله مش بايدي ،،،
وهو بيقولها يافاجره عايزه تعمليلي فضيحه انا مش قايلك مفيش عيال ولا خلفه !!
وهي تقوله ياسيدي حصل غصب عني ياخواتي طب اعمل ايه اموت نفسي ده انا اموت نفسي ولا انزل ال في بطني ....
والباشا يقولها : مانتي هتموتي يابت الكلب انتي وال في بطنك !!!
وترد عليه : مايرضيش ربنا ياسيدي ده حرام وتهون عليك زينات حبيبتك ،،،
والباشا يقولها : لا طبعاا تهوني ازاي ده كلام ، استني عندك يا زوزو ، وراح مقرب منها وخانقها والبت تمسك ايده وتحاول تفلفص منه ، وانا جتتي بتترعش ومش عارف اعمل ايه وماسبهاش الباشا من ايده ، الا والسر الالهي طلع اااه والله زي مابقولك ،،،،،
وراح جاب الملايه ولف البت بيها وشالها ، وانا جريت علي تحت استخبي وكانت ليله من ليالي امشير الغبره ومايعلم بيها الاربنا كلها زعابيب وتراب ، وحط البت في شنطة العربية وطلع ، وانا جريت علي ابويا بترعش بيقولي الباشا راح فين ياد يابحر قولتله ماعرفش وجريت انام ,,,,,,
كنت انا استمع للحكاية بكل اهتمام رغم علمي انه كذاب لانه معروف في الحي والشارع انه كذاب كبير ويحب يسرح بخلق الله ،،،،
فنظرت له باهتمام وقلت :لا حول ولا قوة الا بالله للدرجادي ياعم بحر والبت راحت وماحدش علم بيها ؟؟؟
رد وقال : كل الخدم والناس افتكروا انها طفشت علي بلدها في بحري،،،
فقلت له : طيب ياعم بحر ومال الجروف وقعدتك انهارده كده في البرد ؟؟
قال : ماهو ده مربط الفرس انا كنت فاكر الحكاية خلصت علي كده ، بس بعد الباشا مامات وهجرنا القصر بمدة امرني سيدي حسن اني اروح احرس القصر وابات فيه عشان كان عايز قوضتي يعملها مخزن ، وفي ليله من الليالي وانا بايت في القصر وكان نص الشهر العربي والقمر بدر التمام ، لقيت حد بيخبط علي الباب قلت مين لقيت صوت حريمي ناعم بيقولي انا يابحر ، استغربت وروحت فاتح لقيتها هي البت زينات بشحمها ولحمها !! وروحت واقع من طولي ولما فقت لقيتها جنبي وبتقولي : يووووووه ينيلك يا راجل ليه شفت عفريت وضحكت بت الملعونه ....
قولتلها انتي يابت مش موتي ؟؟
قالتلي انا موت ياروحي وشبعت موت بس عايزه ارتاح بقي ومالقيتش غيرك يا بحرورتي !!
قولتلها وانا اريحك ازاي ياروح امك ؟؟
قالتلي وهي بتتلوى زي الحية : تدفني يابحر عايزه ارتاح بقي ...
قولتلها وانا مال اهلي ماتدفني في اي خرابه بعيد عني !!
قالتالي ياراجل عيب عليك ده انا وليه وواقعه في عرضك ينيلك راجل ...
قولتلها ياستي سيبيني في حالي روحي الله يهديكي ،،،
راحت رقعت بالصوت وتقولي والنبي وال نبا النبي ان ماريحتني ودفنتني ل البسك واطلع علي جتتك البلا الازرق انت عارف كلام العفاريت جد ومش هزار هي هي هي
وفضلت تعيط يابني وتولول جنبي ، وانا قلبي مش بيستحمل والبت اللهم اخزيك يا شيطان كانت بدر منور ، وماستحملتش عياطها ، روحت جايب الجاروف وأبتديت أحفر ، وهي عماله تتفرج وتغني العتبه جزاز والسلم نايلون في نايلون هي هي هي
واول ماخلصت راحت شاورتلي بصوابعها وقالتلي باي يابحرورتي ، ونطت في الحفرة بت العفاريت وقالتلي اردم يا بحرورتي ،،،
وانا روحت رادم ,,,,,,,,,,
وانا اتصنع الاستماع باهتمام وقلت له : الله يكون في عونك ياعم بحر كل ده يحصلك ،،،
قال لي : وياريت مرة واحده لكن الله يحرقها بتجيلي كل نص شهر عربي في كمال البدر ، وانا بقالي سنين احفر واردم احفر واردم ،،،،
قلت له : قطعت قلبي ياعم بحر ده انت بتعاني ياراجل ، وشايل في قلبك لوحدك ده كله ، ربنا معاك ، وقولتله طيب اتكل انا عشان الوقت اتاخر ،،،
قال لي : متشكرين يا امير يابن الامرا ....
وذهبت وتركته وحيداً ، لكن وقفت بعيدا كي اري ماذا هيفعل ، اذا به يحفر ويضع القمامه والزباله ويحرقها وهكذا تاكدت انه اكبر كذاب كما يقولون ,,,,,,,,,,
أما نهاية البحر فكانت للاسف مأساويه غير متوقعه ،،،،
كان عبده دائما ماياخذ اصحابه ويذهب لشريط السكك الحديديه ويلعب هناك ويرمي القطارات بالحجارة هو واصحابه كانوع من الاذي الذي تعود عليه ، واتفق مع اصحابه انه بعد مرور القطار سيمر الي الجهه المقابله ويري من الذي سيسبق فيهم ويكون الاول ،،،
وبعد مرور القطار انطلق عبده للعبور واذا بقطار اخر يأتي من الجهه المعاكسه لم يراه عبده ، وتحول عبده في لحظه الي اشلاء ........
كان وقتها البحر يتشاجر كالعاده في الشارع واذا باصدقاء عبده يهرولون ويبكون الي الشارع بأن عبده صدمه القطار ،،،،،
فزع الرجل وغاص في صمت عميق مدهوشا مصدوما ،،،
وبعد ايام من الصمت وجدوه بجلباب مقطع بجوار شريط السكك الحديديه يمسك بيديه سيفا خشبيا ملوحا به في وجه عدوه الذي خطف منه فلذة كبده وسنده في الحياة ,,,,,,
ربيع 2010
أما البحر فهو يعتبر من المعالم السياحيه والرئيسيه للحي والشارع ، منذ نعومة اظفاري ومنذ وعيت علي الدنيا وأنا لا يكاد يمر يوم ألا وأراه او أري حدثٌ جلل في الشارع يحدث بسببه او بسبب ابنه ،،،،،
نرجع للبحر فهو شخصية غريبه حقاً ، لا يلبس الا المعطف البني اللون علي الجلباب الاسود ، وطاقيه علي راسه لونها ابيض من تلك الطواقي التي يهديها العائدون من العمره او الحج لذويهم واقاربهم ، ودائما مايمسك في يده سبحه متفاخرا بها امام كل مايلتقيه في الشارع ، وكنت انا منهم طبعاً ، اكون مستعجلا واعرفه من صوته عندما يناديني ويبادرني بدون سلام او اي شيء غير انه يقول : ايه رايك في السبحه دي شوف كده دي كافور او نور الصباح بتنور في الضلمه او خشب؟ وانا اقوله حلوه يا عم محمد بس انا مستعجل دلوقتي ,,,,,,,
كان دائم الشجار في الشارع ، عندما اسمع صوت خناقه او مشاجره عنيفه اعرف انه احد طرفيها او المتسبب فيها ،،،،
تارة مع بائع الطماطم لانه وقف ينادي بازعاج امام البيت والحج حسن صاحب العمارة نايم ،،،،
او مع البقال لانه اعطاه جبن او حلاوة لم تعجب الحج حسن سيده ومولاه ،،،
او مع بعض الشباب قد يرتاب فيهم انهم يتلصصون من بعيد علي بنت الحج حسن ،،،
أما اغلب معاركه ودائما مايستشيرني فيها ، فكانت مع الشيخ محمد مقيم الشعائر في المسجد الخاص بالشارع ،،،
كان البحر دائما يحب ان يمسك بالميكرفون كي يقيم الصلاة او يأذن رغم بشاعة صوته الذي ما ان يبدأ بالاذان يسبب فزع وهياج للحيوانات من حمار يشد عربة طماطم او برتقال او كلب ضال في الشارع ،،،،،
وكان يمنعه الشيخ محمد لانه تعدي علي عمله الذي يقبض اجر منه من وزارة الاوقاف ، ولما يمنعه الشيخ محمد لا يستطيع ان يرد عليه في المسجد خوفا من المصلين فينتظره دائما بعد الفروغ من الصلاة خارج المسجد ، ويمسكا في خناق بعضهما ، ويتدخل اهل الخير كي يفرقا بينهما : حقك علينا ياعم محمد المرة الجايه هنخليك انت تأذن !!!
يرد البحر : والله لخلي سيدي حسن يمشيه هو اشتري الجامع لحسابه انا صوتي حلو وبأذن شرعي بس هو راجل ملعون ومايحبش الا نفسه ،،،
يرد الشيخ محمد : ياراجل عيب عليك صوتك ايه الحلو ده انت ال نزل فيك كلام ربنا ان انكر الاصوات لصوت الحمير ، اخفي من قدامي يابحر بدل ماخرصك واحرم الناس من صوتك بقيت حياتك ,,,,,,,,,,,,
ولولا ولاد الحلال كانت كل مرة تنتهي بمصيبه لولا ستر الله ،،،،
أما بخصوص أصول وتاريخ البحر فسألته مرة : انت منين اصلا ياعم بحر وفين ام عبده مراتك وعرفت الباشا الكبير وابنه الحج حسن امتي ؟؟؟
فيرد عليا باهتمام وكان هذا نادرا ان يهتم بأحد : يااه دي حكاية طويله بس عشان انت واد امير ومؤدب هحكيلك ........
انا ياسيدي من كلابشه في الصعيد الجواني بعد اسوان كمان ، وابويا كان شغال عند الباشا الكبير وكنت انا صغير بساعده ، اما ابويا وامي فبحروا وسابوا بلدنا بعد ماضربنا فيضان كبير للنيل ، غَرق بيوتنا ونزحنا بعدها علي هنا وكنت انا عيل صغير ، جينا قصر الباشا عشان ابويا يشتغل ، وانا لما كبرت بقيت بساعده ، واتجوزت ام عبده بعد ماولاد الحلال اقنعوا الحج حسن ، لانه مكنش راضي يخليني اتجوز قال عشان شايفني مستاهلش الله يسامحه بقى ، فاتجوزت وجيبت الواد عبده علي كبر وبعد غيبه ، وكانت ام عبده بنت عم صالح البواب وماتت الله يرحمها وهي بتولد الواد عبده ،،،،
نذهب لعبده مؤقتاً ، عبده هذا هو شيطان في صورة انسان كان شديد الشقاوة وكثير المشاكل والمصائب في الشارع ، هو نسخه مطوره من ابوه يشبهُ قليلا لكن كان جسمه اكبر بقليل ، ورغم كل مشاكله ومصائبه التي يسببها لابوه كان ابوه يحبه كثيراً ودائما مايسامحه ويصفح عنه ويقول : ماهو ده الطلعت بيه من الدنيا خليه يعمل مابداله ماحدش واخد منها حاجه ،،،،
رغم انه كان يتسبب في الشتيمة والضرب له من الحج حسن ,,,,,,,
اتذكر مرة كنت عائدا من بيت جدي وكنت أمر بجوار القصر المهجور الخاص بالباشا ورأيت احد من بعيد جالس امام نار للتدفئه اقتربت من البوابه ونظرت للداخل فوجدته هو البحر فناديت عليه فرد عليا وقال لي تعالي ماتخفش ....
اقتربت وانا خائف لاني لم ادخل هذا القصر من قبل وكان دائما ماتحوم حوله الشائعات عن انه مسكون بجنيه وعفاريت وما الي ذلك من الاساطير التي دائما ما ترتبط بالقصور المهجورة ، فدخلت من البوابه ومررت في الساحه التي كانت زمان حديقة واصبحت الان مقلب للكراكيب الخاصه بالحج حسن ، وبه سيارة قديمه مرفوعه علي حجارة وبعض القمامه ، وبجوارها والبحر يجلس ومعه جاروف حفر مثل جاروف القبور فاندهشت وسألته : بتعمل ايه ياعم بحر وقاعد هنا ليه في البرد ؟؟
قال : مابعملش ماتشغلش بالك انت ، منها لله هي السبب بقي !!
قلت له : خير بس ياعم بحر هي مين السبب وفي ايه حلفتك بعبده لتقول ...
قال وهو يهرش في قفاه : حلفتني بالغالي بقى وانا هقولك عشان انت برضو واد امير وغالي عليا ....
شوف ياسيدي : زمان واحنا هنا في البيت قبل الباشا مايموت ونهجر القصر كان القصر ده هو بيت العيله الكبير رغم ان الباشا كان له بيت تاني بس اغلب قعاده كان هنا وكنت انا وابويا شغالين عنده زي مانت عارف ،،،
في ليله كانت الست الكبيرة اخدت سيدي حسن واخوه وراحت البيت التاني وكانت معاهم امي ، وانا فضلت مع ابويا عشان نخدم الباشا ونشوف طلباته ، والليله دي قبل ماننام لقيت ابويا بيقولي يااد يامحمد اوصل المطبخ هاتلي الشال بتاعي لاني نسيته وارجع علطول ، قولتله حاضر يابا بس الوقت اتاخر ، قالي انت هتخوتني ليه اوصل بسرعه وتعالي مشش في ركبك قولتله طيب الله يسامحك ,,,,
طلعت فوق وسمعت من بعيد صوت الباشا بيزعق وصوت حريمي بيعيط ، قربت شويه وقلت لما اشوف الباشا بيزعق لمين ومين البت ال بتعيط دي ....
لقيت الباشا ماسك البت زينات ال جابها معاه من مصر عشان تشتغل معانا وبتقوله سامحني ياسيدي غصب عني ياسيدي والله مش بايدي ،،،
وهو بيقولها يافاجره عايزه تعمليلي فضيحه انا مش قايلك مفيش عيال ولا خلفه !!
وهي تقوله ياسيدي حصل غصب عني ياخواتي طب اعمل ايه اموت نفسي ده انا اموت نفسي ولا انزل ال في بطني ....
والباشا يقولها : مانتي هتموتي يابت الكلب انتي وال في بطنك !!!
وترد عليه : مايرضيش ربنا ياسيدي ده حرام وتهون عليك زينات حبيبتك ،،،
والباشا يقولها : لا طبعاا تهوني ازاي ده كلام ، استني عندك يا زوزو ، وراح مقرب منها وخانقها والبت تمسك ايده وتحاول تفلفص منه ، وانا جتتي بتترعش ومش عارف اعمل ايه وماسبهاش الباشا من ايده ، الا والسر الالهي طلع اااه والله زي مابقولك ،،،،،
وراح جاب الملايه ولف البت بيها وشالها ، وانا جريت علي تحت استخبي وكانت ليله من ليالي امشير الغبره ومايعلم بيها الاربنا كلها زعابيب وتراب ، وحط البت في شنطة العربية وطلع ، وانا جريت علي ابويا بترعش بيقولي الباشا راح فين ياد يابحر قولتله ماعرفش وجريت انام ,,,,,,
كنت انا استمع للحكاية بكل اهتمام رغم علمي انه كذاب لانه معروف في الحي والشارع انه كذاب كبير ويحب يسرح بخلق الله ،،،،
فنظرت له باهتمام وقلت :لا حول ولا قوة الا بالله للدرجادي ياعم بحر والبت راحت وماحدش علم بيها ؟؟؟
رد وقال : كل الخدم والناس افتكروا انها طفشت علي بلدها في بحري،،،
فقلت له : طيب ياعم بحر ومال الجروف وقعدتك انهارده كده في البرد ؟؟
قال : ماهو ده مربط الفرس انا كنت فاكر الحكاية خلصت علي كده ، بس بعد الباشا مامات وهجرنا القصر بمدة امرني سيدي حسن اني اروح احرس القصر وابات فيه عشان كان عايز قوضتي يعملها مخزن ، وفي ليله من الليالي وانا بايت في القصر وكان نص الشهر العربي والقمر بدر التمام ، لقيت حد بيخبط علي الباب قلت مين لقيت صوت حريمي ناعم بيقولي انا يابحر ، استغربت وروحت فاتح لقيتها هي البت زينات بشحمها ولحمها !! وروحت واقع من طولي ولما فقت لقيتها جنبي وبتقولي : يووووووه ينيلك يا راجل ليه شفت عفريت وضحكت بت الملعونه ....
قولتلها انتي يابت مش موتي ؟؟
قالتلي انا موت ياروحي وشبعت موت بس عايزه ارتاح بقي ومالقيتش غيرك يا بحرورتي !!
قولتلها وانا اريحك ازاي ياروح امك ؟؟
قالتلي وهي بتتلوى زي الحية : تدفني يابحر عايزه ارتاح بقي ...
قولتلها وانا مال اهلي ماتدفني في اي خرابه بعيد عني !!
قالتالي ياراجل عيب عليك ده انا وليه وواقعه في عرضك ينيلك راجل ...
قولتلها ياستي سيبيني في حالي روحي الله يهديكي ،،،
راحت رقعت بالصوت وتقولي والنبي وال نبا النبي ان ماريحتني ودفنتني ل البسك واطلع علي جتتك البلا الازرق انت عارف كلام العفاريت جد ومش هزار هي هي هي
وفضلت تعيط يابني وتولول جنبي ، وانا قلبي مش بيستحمل والبت اللهم اخزيك يا شيطان كانت بدر منور ، وماستحملتش عياطها ، روحت جايب الجاروف وأبتديت أحفر ، وهي عماله تتفرج وتغني العتبه جزاز والسلم نايلون في نايلون هي هي هي
واول ماخلصت راحت شاورتلي بصوابعها وقالتلي باي يابحرورتي ، ونطت في الحفرة بت العفاريت وقالتلي اردم يا بحرورتي ،،،
وانا روحت رادم ,,,,,,,,,,
وانا اتصنع الاستماع باهتمام وقلت له : الله يكون في عونك ياعم بحر كل ده يحصلك ،،،
قال لي : وياريت مرة واحده لكن الله يحرقها بتجيلي كل نص شهر عربي في كمال البدر ، وانا بقالي سنين احفر واردم احفر واردم ،،،،
قلت له : قطعت قلبي ياعم بحر ده انت بتعاني ياراجل ، وشايل في قلبك لوحدك ده كله ، ربنا معاك ، وقولتله طيب اتكل انا عشان الوقت اتاخر ،،،
قال لي : متشكرين يا امير يابن الامرا ....
وذهبت وتركته وحيداً ، لكن وقفت بعيدا كي اري ماذا هيفعل ، اذا به يحفر ويضع القمامه والزباله ويحرقها وهكذا تاكدت انه اكبر كذاب كما يقولون ,,,,,,,,,,
أما نهاية البحر فكانت للاسف مأساويه غير متوقعه ،،،،
كان عبده دائما ماياخذ اصحابه ويذهب لشريط السكك الحديديه ويلعب هناك ويرمي القطارات بالحجارة هو واصحابه كانوع من الاذي الذي تعود عليه ، واتفق مع اصحابه انه بعد مرور القطار سيمر الي الجهه المقابله ويري من الذي سيسبق فيهم ويكون الاول ،،،
وبعد مرور القطار انطلق عبده للعبور واذا بقطار اخر يأتي من الجهه المعاكسه لم يراه عبده ، وتحول عبده في لحظه الي اشلاء ........
كان وقتها البحر يتشاجر كالعاده في الشارع واذا باصدقاء عبده يهرولون ويبكون الي الشارع بأن عبده صدمه القطار ،،،،،
فزع الرجل وغاص في صمت عميق مدهوشا مصدوما ،،،
وبعد ايام من الصمت وجدوه بجلباب مقطع بجوار شريط السكك الحديديه يمسك بيديه سيفا خشبيا ملوحا به في وجه عدوه الذي خطف منه فلذة كبده وسنده في الحياة ,,,,,,
ربيع 2010
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق