بدأت السحب تشاكس قرص الشمس فحجبته ،، فتداعب السماء أهل الأرض فيسقط المطر ،،،
مع أول قطرة تلامس وجه العجوز بائع الجرائد يبتسم ناظراً للسماء كأنه يبحث عن المزيد ،،،
يأتي المزيد فٌيدخل الجرائد الى كشكهُ الصغير حتى لا يسقط عليها المطر ، ثم يفرش المشمع على ماتبقى من جرائد ،،،،
يعرج القط الثمين بعد أن ابتلت فروته فيختبىء أسفل الدكة الخشبية المطلة على الكورنيش ، يرتعش في حركة سريعة فينفض عن نفسه الماء ويظل يراقب في حذر ،،،،
تُزيد السماء من مداعبتها ،، فيُسرع المارة وتخلو الطرقات للعشّاق ،،،،
يجلسان ملتصقان ببعضهما ، يضع يده على كتفها ،، وهي مستسلمة تستمد منه الدفء حتى لو لم يحميها من قطرات المطر ،،، ينظران الى البحر والمارة والذين تتسارع خطواتهم مع وقع قطرات المطر على الأسفلت ،،،،،
الفتى الأصم الأبكم ذو الملامح الهادئة يجلس في هدوء على الأريكة الاخرى أمام البحر ،، يبتسم ويحادث المجهول في الأمواج المتلاطمة ، تأخذ اسألته الصغيرة مع انحصار الموج ، ولا تأتي بجواب ،،،،
قادماً من بعيد أنهكه السير على الكورنيش الممتد ،،، تسيل قطرات المطر من شعره الى عينيه ومعطفه ، يمسحها بكلتا يديه ،، ثم ينظر الى الفتى الأصم الوحيد ويذهب ليجلس بجواره ،،،،
ظل العجوز بائع الجرائد محتمياً بكشكه الصغير ، يشعل سيجاراً ويلتفت يمنة ويساراً باحثاً عن صبي القهوة كي يأتيه بكوب شاي ،،،،
يُخرج الفتى البسكويت من حقيبة المدرسة ويأكلها واحدة واحده ،،،،
الشاب ينظر للفتى ثم للبحر ويقول : لا أظن أن المطر سيتوقف اليوم ، أتدري عندما كنت في مثل سنك وينزل المطر ، كنت أتي وأجلس أمام البحر ، لا أحكي أسراري لأحد غيره ، يأتيني صوت من الأعماق يجيبني عما يدور في داخلي ، لا أخشى الغرق أو الموت في أعماقه ، كنت أظن أنني لو غرقت لن أموت ، وأن في الأسفل حياة وأناس أفضل كثيراً ممن نعيش معهم على الأرض ،،،
قبل ان صاغ الزمن مادته في أيام يوجد البحر ، البحر دائماً هو انعكاس للزمن على سطح امواجه ،،،
من ينظر للبحر كأنه يره للمرة الأولى كل مرة بنفس العجب والرهبة ،،،
البحر هو من سيتلو لوعتي الأخيرة ،،، هو الملاذ الأخير ،،،
قبل ان صاغ الزمن مادته في أيام يوجد البحر ، البحر دائماً هو انعكاس للزمن على سطح امواجه ،،،
من ينظر للبحر كأنه يره للمرة الأولى كل مرة بنفس العجب والرهبة ،،،
البحر هو من سيتلو لوعتي الأخيرة ،،، هو الملاذ الأخير ،،،
مازال الفتى يأكل البسكويت المبتل بماء المطر ، لا يدري ان كان الذي بجانبه يتحدث أم لا ،، والشاب لا يبالي أن كان الفتى يعيره الأهتمام والأستماع ،،،
العاشقان يتهامسان ، يرنمان اناشيدهم اللانهائية في محراب الحب ، نزع عنه معطفه ووضعه على كتف حبيبته ،،،
يهدأ الشارع الصاخب الا من أصوات قطرات المطر التي تصتدم بالأسفلت المبتل ،،،
والعجوز بائع الجرائد مازال يتلّفت على صبي القهوة كي يأتيه بالشاي ، لا يستطيع أن يقاوم رغبته الملحة في كوب من الشاي يستدفأ به ،،،
أمسك بيد حبيبته وأنطلقا يعبران الطريق ، تعلوا ضحكاتهما فتتعانق مع قطرات المطر القادمة من السماء ،،،
فرغ الفتى الأصم من البسكويت المبتل وأبتسم للشاب الجالس بجواره ثم قام من على الأريكة وعاد من نفس الطريق ،،،
جلس وحيداً ينظر الى البحر ، أنتظر أن يأتيه ذلك الصوت من الأعماق ، لم يأتيه بعد ،،،
ينقض القط الثمين على فأر صغير ضل طريقه بعد أن وصلت قطرات المطر الى مقلب القمامة أسفل الكورنيش ، فوجد القط ينتظره متحفزاً ،،،،
مازال العجوز بائع الجرائد ينتظر كوب الشاي ، فأشعل سيجارة أخرى ،،،
أقترب الشاب من البحر وظل يقترب حتى لامس الموج قدميه ، يردد مع نفسه قد لا يتوقف المطر هذا اليوم ،،،،،،،
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق