غرفة مظلمة ، بها شباك صغير يدخل منه ضوء القمر ، يتقطع كل حين بسبب سحابة ليلية ،،،،
يقطع صوت السكون في الغرفة أصوات غريبة لاخرون يسكنون غرف مظلمة أخرى مجاورة ، صرخات وضحكات ، وهمهمات ، وحراس يتبادلون الحكايات ،،،،
رائحة الرطوبة تنبعث من جنبات الغرفة ورائحة بشرية لأناس كثر قد عاشوا ذلك الظلام ،،،،
في الجانب الأيمن من الغرفة سرير وفي المقابل شيء رث مفروش على الأرض ،،،،،
أنفتح باب الغرفة ، احدث صوتاً ثقيلا كحشرجة القطار الذي يهم بالأنطلاق لكنه لا يستطيع ،،،
يدخل ساكن الغرفة ثم ينتظر قليلاً ،،،
تظهر يدٌ غليظة تفك أولاً القيود عن يد ساكن الغرفة ثم يغلق الباب ،،،
نفس صوت الحشرجه الثقيلة واحتكاك الأقفال ببعضها ،،،،
دقات قلبه بطيئه ، حاول أن يتنفس بيسر لكنه أحس أن الظلام يطبق بيده على صدره يحرمه من ذلك الهواء الضئيل ،،،
أشيب الشعر تظهر تجاعيد الزمن على وجهه وذقنه الغير حليقة ،،،
نظر الى نفسه من خلال ضوء القمر المتسلسل عبر الكوة الصغيرة ، فوجد ان بنطاله قصير بعض الشيء فظهرت أقدامه نحيلة واصابع قدميه مدببة ، لم يريد أن يجلس على السرير ، لكنه ذهب الى المفرش الرث وجلس في مقابل ضوء القمر ، فأنعكس ظله الى جواره فأصبحا كأنهما سجينان ،،،،،
الظل الأول
بدلة عسكرية زرقاء ملطخة بالدماء ، وجهٌ يعلوه في جبهته رصاصة مازالت الدماء ساخنه تسيل من مكان تلك الرصاصة ،،،
صرخات وأناس يستيغثون وسيارات أسعاف ، واشلاء لجثث القتلى ،،،
نظر الى السجين وقال : ماذا فعلت ؟؟ أترى كيف تكون النهاية دائماً !!
لقد بدأت من حيث انتهيت أنا ويالها من نهاية ، كنت محظوظاً ان ترى في نهايتي عبرة لكي تتقيها ، لكنك أبيت ....
لم يحمني أحد من تلك النهاية لكنها من الأمكان أن كانت تحميك أنت ، العدل والتواضع والرحمة ، لكنك أبيت ....
لو عدلت لأمنت الان ،،،،،
لم ينطق السجين لكن اشاح بوجهه حزينا باتجاه ضوء القمر ، لكن جائت سحابة ليلية فحجبته عنه ،،،،
الظل الثاني
تنتحي السحابه الليلية جانباً فيشع القمر ضوئه ، فيتسلل الى الغرفة المظلمة ، فينظر الى اليمين فيجد ...
شاب أسمر نحيل ملامح وجهه مزيج من ماء النيل وطين تلك التربة السمراء الخصبة ،،،
بدلة عسكرية لجندي بسيط ، مازال ممسكاً بسلاحه الميري لا يفرط فيه ،،،
هتافات تأتي من بعيد تصاحب ذلك الشاب النحيل : سليمان خاطر مات مقتول ،، مات علشان ماقدرش يخون ،، الخانك أنتي يامصر ،، هيشنق نفسه في يوم النصر ،،،،
نظر الشاب الي السجين وهو ممسكاً سلاحه وقال : أين هم الان الذين قتلتني من أجلهم ؟؟
لم ينفعوك بشيء ، تخلوا عنك ،،،،
جزائي أن أحمي بلدي أن تقتلني !!
أنظر لنفسك الان أين انت ، وأين انا ؟
سنرى سوياً ماذا سيقول التاريخ عني وماذا سيقول عنك ....
لم ينطق السجين لكن اشاح بوجهه حزينا باتجاه ضوء القمر ، لكن جائت سحابة ليلية فحجبته عنه ،،،،
الظل الثالث
صوت بكاء طفل رضيع ، وهمهمة أم رؤوم تهدهد بكلمات رقيقة كي تهدىء من روع الطفل ،،،
التفت السجين الى الأم وطفلها ،،،
ملابس مبلله ، يسيل ماء البحر المالح من شعر السيدة الشابه الجميله ، فيسيل الكحل من عيناها السوداوان ، تحتضن طفلها حتى تحميه من الماء ،،،
صوت أمواج البحر العالية ، وصرخات استغاثه الى قبطان السفينة الهارب ،،،
سفينة تتكسر وتختفي رويداً رويداً في ظلمات البحر اللجي ، ومعها شباب ونساء واطفال يختفون واحداً تلو الأخر ، والأم تحتضن طفلها تأبي أن تغرق الا وهو في حضنها ،،،
أين حقي وحق زوجي وطفلي ؟؟
هكذا بادرت الأم بالسؤال ....
ذهبنا الى بلادً بعيدة كي نسعى خلف الرزق الذي ضن في وطننا ، وذقنا مرارة الغربة وهواننا على أصحاب تلك الأرض البعيدة ، وجئنا مشتاقين لوطننا كي نستريح بعض الوقت ، اذا بالفساد يغرقنا جميعاً ....
أين كنت وماذا فعلت ؟
لم تفعل شيء .... لا لا لقد ساعدت في هروب من تسبب في موتي انا ومئات المصرين ،،،،
أنظر لنفسك أين انت ،،
وأين سنكون نحن ,,,,,
تعود الأم لهدهدة طفلها وتقبله وتشيح بوجهها بعيداً عن السجين كي ترضع طفلها من صدرها ،،،،
لم ينطق السجين لكن اشاح بوجهه حزينا باتجاه ضوء القمر ، لكن جائت سحابة ليلية فحجبته عنه ،،،،
الظل الرابع
مبتسم دائماً ، لا يعلم أحدٌ الى الان من هو وما سر ابتسامته ،،،،
أصوات الشعب يتردد صداع في جميع جنبات الوطن ، الشعب يريد أسقاط النظام ،،،
الناس في الشوارع ،، الشباب يتساقطون شهداء ،،،،
لا أحد يعلم من هو ، سقط مبتسماً وظل مبتسماً الى الان ،،،
شهيد مجهول مثل شهداء كثيرين ،،،،
ينظر الى السجين بتلك الابتسامة الرقيقة المستبشرة ، لم يتكلم ولن يتكلم الان ، قد يتكلم في وقت لاحق ، لكنه ظل على أبتسامته ، قد تكون تلك الأبتسامة تقول لذلك السجين الكثير والكثير ،،،
قد تكون سخرية وتسائل ، هل انت المسؤل عن قتلي ها ؟؟
هل تعلم بمقتلي ها ؟؟
لا ينتظر رداً من السجين ، ويظل هو على ابتسامته ,,,,,,
لم ينطق السجين لكن اشاح بوجهه حزينا باتجاه ضوء القمر ، لكن جائت سحابة ليلية فحجبته عنه ،،،،
الظل الأخير
فتى وسيم لم يتجاوز الثانية عشرة من عمره ، نفس الدماء التي تسرى في الفتى هي نفس دماء السجين ،،
يتحرك ضوء القمر فيصبح الفتى حقيقة ويصبح السجين ظلاً !!
يبكي السجين ويتسائل الفتى مثلما تسائل الاخرون ، نفس الأسالة ؟؟
يقوم الفتى من مكانه ويمد يده للسجين القابع في أحضان الظلام ،،،،،
فيومأ السجين برأسه موافقاً ،،،،
صوت خطوات ثقيله في الرواق خارج الغرفة المظلمة ، تقترت الخطوات ،،،
يفتح الحارس أقفال الباب ونفس صوت الحشرجة الثقيلة كأنه قطار يهم بالأنطلاق لكنه لا يستطيع ،،،
يدخل الحارس فيجد السجين ركناً مظلماً متكئاً على الجدار ،،،
يقترب منه فيجده مائلاً بوجه الى البقعة التي يسقط عليها ضوء القمر ،،،
لا يحرك ساكناً ,,,,,,,,,,
يقطع صوت السكون في الغرفة أصوات غريبة لاخرون يسكنون غرف مظلمة أخرى مجاورة ، صرخات وضحكات ، وهمهمات ، وحراس يتبادلون الحكايات ،،،،
رائحة الرطوبة تنبعث من جنبات الغرفة ورائحة بشرية لأناس كثر قد عاشوا ذلك الظلام ،،،،
في الجانب الأيمن من الغرفة سرير وفي المقابل شيء رث مفروش على الأرض ،،،،،
أنفتح باب الغرفة ، احدث صوتاً ثقيلا كحشرجة القطار الذي يهم بالأنطلاق لكنه لا يستطيع ،،،
يدخل ساكن الغرفة ثم ينتظر قليلاً ،،،
تظهر يدٌ غليظة تفك أولاً القيود عن يد ساكن الغرفة ثم يغلق الباب ،،،
نفس صوت الحشرجه الثقيلة واحتكاك الأقفال ببعضها ،،،،
دقات قلبه بطيئه ، حاول أن يتنفس بيسر لكنه أحس أن الظلام يطبق بيده على صدره يحرمه من ذلك الهواء الضئيل ،،،
أشيب الشعر تظهر تجاعيد الزمن على وجهه وذقنه الغير حليقة ،،،
نظر الى نفسه من خلال ضوء القمر المتسلسل عبر الكوة الصغيرة ، فوجد ان بنطاله قصير بعض الشيء فظهرت أقدامه نحيلة واصابع قدميه مدببة ، لم يريد أن يجلس على السرير ، لكنه ذهب الى المفرش الرث وجلس في مقابل ضوء القمر ، فأنعكس ظله الى جواره فأصبحا كأنهما سجينان ،،،،،
الظل الأول
بدلة عسكرية زرقاء ملطخة بالدماء ، وجهٌ يعلوه في جبهته رصاصة مازالت الدماء ساخنه تسيل من مكان تلك الرصاصة ،،،
صرخات وأناس يستيغثون وسيارات أسعاف ، واشلاء لجثث القتلى ،،،
نظر الى السجين وقال : ماذا فعلت ؟؟ أترى كيف تكون النهاية دائماً !!
لقد بدأت من حيث انتهيت أنا ويالها من نهاية ، كنت محظوظاً ان ترى في نهايتي عبرة لكي تتقيها ، لكنك أبيت ....
لم يحمني أحد من تلك النهاية لكنها من الأمكان أن كانت تحميك أنت ، العدل والتواضع والرحمة ، لكنك أبيت ....
لو عدلت لأمنت الان ،،،،،
لم ينطق السجين لكن اشاح بوجهه حزينا باتجاه ضوء القمر ، لكن جائت سحابة ليلية فحجبته عنه ،،،،
الظل الثاني
تنتحي السحابه الليلية جانباً فيشع القمر ضوئه ، فيتسلل الى الغرفة المظلمة ، فينظر الى اليمين فيجد ...
شاب أسمر نحيل ملامح وجهه مزيج من ماء النيل وطين تلك التربة السمراء الخصبة ،،،
بدلة عسكرية لجندي بسيط ، مازال ممسكاً بسلاحه الميري لا يفرط فيه ،،،
هتافات تأتي من بعيد تصاحب ذلك الشاب النحيل : سليمان خاطر مات مقتول ،، مات علشان ماقدرش يخون ،، الخانك أنتي يامصر ،، هيشنق نفسه في يوم النصر ،،،،
نظر الشاب الي السجين وهو ممسكاً سلاحه وقال : أين هم الان الذين قتلتني من أجلهم ؟؟
لم ينفعوك بشيء ، تخلوا عنك ،،،،
جزائي أن أحمي بلدي أن تقتلني !!
أنظر لنفسك الان أين انت ، وأين انا ؟
سنرى سوياً ماذا سيقول التاريخ عني وماذا سيقول عنك ....
لم ينطق السجين لكن اشاح بوجهه حزينا باتجاه ضوء القمر ، لكن جائت سحابة ليلية فحجبته عنه ،،،،
الظل الثالث
صوت بكاء طفل رضيع ، وهمهمة أم رؤوم تهدهد بكلمات رقيقة كي تهدىء من روع الطفل ،،،
التفت السجين الى الأم وطفلها ،،،
ملابس مبلله ، يسيل ماء البحر المالح من شعر السيدة الشابه الجميله ، فيسيل الكحل من عيناها السوداوان ، تحتضن طفلها حتى تحميه من الماء ،،،
صوت أمواج البحر العالية ، وصرخات استغاثه الى قبطان السفينة الهارب ،،،
سفينة تتكسر وتختفي رويداً رويداً في ظلمات البحر اللجي ، ومعها شباب ونساء واطفال يختفون واحداً تلو الأخر ، والأم تحتضن طفلها تأبي أن تغرق الا وهو في حضنها ،،،
أين حقي وحق زوجي وطفلي ؟؟
هكذا بادرت الأم بالسؤال ....
ذهبنا الى بلادً بعيدة كي نسعى خلف الرزق الذي ضن في وطننا ، وذقنا مرارة الغربة وهواننا على أصحاب تلك الأرض البعيدة ، وجئنا مشتاقين لوطننا كي نستريح بعض الوقت ، اذا بالفساد يغرقنا جميعاً ....
أين كنت وماذا فعلت ؟
لم تفعل شيء .... لا لا لقد ساعدت في هروب من تسبب في موتي انا ومئات المصرين ،،،،
أنظر لنفسك أين انت ،،
وأين سنكون نحن ,,,,,
تعود الأم لهدهدة طفلها وتقبله وتشيح بوجهها بعيداً عن السجين كي ترضع طفلها من صدرها ،،،،
لم ينطق السجين لكن اشاح بوجهه حزينا باتجاه ضوء القمر ، لكن جائت سحابة ليلية فحجبته عنه ،،،،
الظل الرابع
مبتسم دائماً ، لا يعلم أحدٌ الى الان من هو وما سر ابتسامته ،،،،
أصوات الشعب يتردد صداع في جميع جنبات الوطن ، الشعب يريد أسقاط النظام ،،،
الناس في الشوارع ،، الشباب يتساقطون شهداء ،،،،
لا أحد يعلم من هو ، سقط مبتسماً وظل مبتسماً الى الان ،،،
شهيد مجهول مثل شهداء كثيرين ،،،،
ينظر الى السجين بتلك الابتسامة الرقيقة المستبشرة ، لم يتكلم ولن يتكلم الان ، قد يتكلم في وقت لاحق ، لكنه ظل على أبتسامته ، قد تكون تلك الأبتسامة تقول لذلك السجين الكثير والكثير ،،،
قد تكون سخرية وتسائل ، هل انت المسؤل عن قتلي ها ؟؟
هل تعلم بمقتلي ها ؟؟
لا ينتظر رداً من السجين ، ويظل هو على ابتسامته ,,,,,,
لم ينطق السجين لكن اشاح بوجهه حزينا باتجاه ضوء القمر ، لكن جائت سحابة ليلية فحجبته عنه ،،،،
الظل الأخير
فتى وسيم لم يتجاوز الثانية عشرة من عمره ، نفس الدماء التي تسرى في الفتى هي نفس دماء السجين ،،
يتحرك ضوء القمر فيصبح الفتى حقيقة ويصبح السجين ظلاً !!
يبكي السجين ويتسائل الفتى مثلما تسائل الاخرون ، نفس الأسالة ؟؟
يقوم الفتى من مكانه ويمد يده للسجين القابع في أحضان الظلام ،،،،،
فيومأ السجين برأسه موافقاً ،،،،
صوت خطوات ثقيله في الرواق خارج الغرفة المظلمة ، تقترت الخطوات ،،،
يفتح الحارس أقفال الباب ونفس صوت الحشرجة الثقيلة كأنه قطار يهم بالأنطلاق لكنه لا يستطيع ،،،
يدخل الحارس فيجد السجين ركناً مظلماً متكئاً على الجدار ،،،
يقترب منه فيجده مائلاً بوجه الى البقعة التي يسقط عليها ضوء القمر ،،،
لا يحرك ساكناً ,,,,,,,,,,
هناك تعليقان (2):
رامى ..يحكى مشهدك ..ويعرض الكثير من آلام شعب ..مشهد تاقت اليه كل روح حرة تسعى لتحقيق العدل والكرامة للانسان ..
ولكن ..لم أتلمس حقيقة وعظم تلك النكبات التى مرت علينا ..لكن أصدقك القول لا اعلم ان كان السبب هى معرفتى المسبقة بتلك المآسى ..ام ان بالفعل المشهد ينقصه شيئاً ما ..وعلى الرغم من ذلك رايت بصدق ما رسمته كلماتك ..تحياتى وتمنايتى بالتوفيق ..
لسه التاريخ هيحكي وهيقول ،،
سواء خلف الابواب المغلقه او في أعماق الأمم نفسها ،،،
ال نعرفه حاليا أقل بكتير من ال لسه هيتحكي وهيدونه التاريخ ،،،
وده علفكرة سنة الحياة ،،،
تحياتي ليكي وبالتوفيق دايما والف شكر لتعليقك الرقيق ,,,,
إرسال تعليق