بعد ان فرغ لتوه من صلاة الفجر أخذ يجهز ادوات ومستلزمات الصيد تلك العادة اليوميه التي اعتاد عليها منذ عشر سنوات ,,,,,,
وضع السنارة جانباً وهي من الطراز الحديث وقام بترتيب ادواته في شنطته علبه معدنية للسنار الصغير وعلبه اخري للغاطس المعدني وبكرة خيط وزجاجه مياه وشنطه اخري من القماش يضع فيها السمك ، واهم شيء في صحبته هذه الراديو الترانزستور .
قد بدأت تظهر عليه اثار السنين فقد تجاوز السبعين عاما لكنه مازال محتفظ بجزء من الشباب وعدم الاستسلام للوحده ,,,,,
مسك سنارته وشنطته وخرج ، قد بدأت الدنيا تُبدل ثوبها من الفجر الي الصباح والنور قد بدأ ينثر عطره علي الدنيا ,,,,,,
يخرج من الشارع الصغير الذي يقطن فيه الي الشارع الرئيسي في امبابه ، وقد بدأ الموظفون يخرجون لأعمالهم وبدأت وسائل المواصلات دورتها وطلبة المدارس الي مدارسهم ....
يمر علي عربة الفول التي اعتاد الفطار عليها يومياً يطلب من عم سيد طلبه المعتاد صحن فول بالزبده والبصل وقرصين من الطعمية ، ينادي علي حماده صبي القهوة المجاورة ليأتي اليه الشاي بالنعناع ، ولا يمر الفطور الا ببعض المناقشات مع صاحب العربة او بعض الزبائن عن مباريات كرة القدم او ارتفاع الاسعار او اي شيء قد حدث البارحه ,,,,,
ينتهي من فطوره ويأخذ طريقه المعتاد مخترقا العالم والدنيا ،،،،
قد اعتاد الوجوه والشوارع والمحلات حتي السيارات لكنه لا يمل ابداً منهم ويظل مبتسماً طوال طريقه كأنه يخرج لهذه النزهة لأول مرة .
وصل الي الكورنيش اخيرا في نهاية رحلته ، تتعالي اصوات اجهزة الكاسيت في المراكب الراسية الخاصه بالتنزه واصوات الراديو منطلقه باخبار الصباح تشير الي السابعه في اذاعة الشرق الاوسط او الشباب والرياضه ,,,
يظل ماشياً بمحازاة الكورنيش الي ان يصل الي نهاية رحلته اسفل كوبري ابو العلا ،،،
دائماً مايصل في نفس الميعاد مع مرور القطار المتجه الي الصعيد ......
يُخرج عدته وادواته ويجهز السنارة ويُشغل الراديو ويظبطه ، ويستنشق هواء النيل الصباحي الذي مازال علي هيئته نظيفا لم يتلوث بعد ويمسك بالسنارة وبقوة يحدف الخيط الي النيل قائلاً بسم الله ......
يضع السنارة بجانبه ويظل متأملاً حاله مسترجعاً ذكرياته ناظراً الي الجهة المقابله من النيل او الي القطار المار فوقه ، تلفت في شنطة عدته باحثاً عن علبة السجائر فلم يجدها ربما نساها اليوم ، فنظر خلفه فوجد فتى صغيرا واقفاً ينظر اليه فنادي عليه وقال : أستطيع ان اطلب منك خدمه ؟؟
فنزل اليه الفتى وقال : أطلب يا عماه ...
قال العجوز : هتعبك تجيبلي علبة سجائر من الكشك القريب واشتري لنفسك بسكويت او اي شيء تحبه ......
ذهب الفتى مسرعاً واشتري له السجائر واشتري هو لنفسه زجاجة مياه غازيه
قال الفتي : ينفع اقعد جنبك اتفرج عليك وانت بتصتاد ؟
رد عليه : اقعد براحتك واهو نسلي بعض ....
قال الفتي : انا بعدي من هنا كل يوم وابص عليك انت بتيجي تصتاد هنا من زمان ؟
يقوم بأشعال السيجار ويرد عليه : انا يومياً هنا من عشر سنين قولي هو انت ماروحتش مدرستك ليه ؟
يخجل الفتى وينظر الي الارض ويقول : انا مابروحش المدرسة امي طلعتني منها !!
ممسكاً السنارة ومعدلاً من وضعها ساحباً الخيط قليلاً : ليه كده وامك تطلعك من المدرسة ليه ؟
يرد عليه الفتي : عشان اساعدها في مصاريف اخواتي الصغيرين احنا ولدين وتلات بنات وانا الكبير امي بتخدم في البيوت وابويا مانعرفش طريقه ، كل الفاكره عنه انه كان بيدخل البيت علينا سكران وبيتطوح وامي تتخانق معاه وفي ليلة استنيناه مارجعش ، وتاني يوم خرجت امي تدور عليه في الاقسام والمستشفيات وماعرفتش حاجه عنه تدلنا عليه ، عدى تلات سنين وماظهرش فراحت امي خارجه تدور علي شغل وخرجتني انا من المدرسه عشان اشتغل واساعدها في المصاريف .
نظر الرجل الي النيل وصمت قليلاً ثم قال للفتي : لا حول ولا قوة الا بالله .. وعلي كده انت بتشتغل ايه ؟
بعد ان شرب القليل من زجاجة المياه الغازية قال له : شوية ابيع فل ومناديل في الاشارة وفي الصيف اشوي درة علي الكورنيش او ابيع ترمس وحاليأ بشتغل الم الاجرة في ميكروباص بتاع واحد جارنا ,,,,
صمت الفتي قليلاً وبعد ذلك قال : انت عندك اولاد ؟
تنهد الرجل ومسك السنارة وقام بترك بعض الخيط مع تيار النيل وقال : عندي ولد وبنت ، الواد هاجر كندا من قبل وفاة المرحومه امه من اكتر من عشر سنين والبنت مع جوزها في الخليج من خمس سنين ....
بعد ان فرغ الفتي من زجاجة المياه الغازية ووضعها جانباً قال له : طيب ليه ماتجوزتش بدل قعدتك لوحدك ؟
ضحك الرجل وقال : لا انا كده كويس مش حمل مسؤلية زوجه كفايه علي حياتي كده وعندي اختي بسأل عليها ، كل يوم اخر النهار اعدي عليها ، برضو وحدانية هي وجوزها بعد ماعيالها اتجوزوا ,,,,
بدأت السنارة تتحرك قليلاً والخيط في شد وجذب وهو ناظراً اليها بتركيز ، امسكها في هدوء وبعدها قام بشدها بقوة وسرعه ، ثم اخذ يسحب بكرة الخيط سريعاً واحس بمقاومة كبيرة من الخيط ، لكنه ظل يسحب الخيط بقوة الي ان ظهرت سمكة كبيرة تقاوم بشدة علي سطح الماء وتخبط بذيلها بعنف ....
ووقف الفتى فرحاً بالمشهد متحيراً يريد ان يساعد العجوز ,,,
واخيراً خرجت السمكه الي الحياة الارضية تقاوم بكل قوتها للعودة الي حياتها المائية لكنها اكلت الطُعم لاخره وعلقت بالسنار ......
اخرج الرجل قطعة القماش وأمسكها بقوة محرراً السنار من خياشيمها وحلقها وهي مازالت تتلوي وتتقلب ، ثم وضعها في الشنطه القماش المخصصه لها ,,,
فرح الفتي بانتصار صديقه العجوز علي السمكه الكبيرة وقال له : شكلها يفرح وهي خارجه من المايه ،،،،،،
فرد عليه الرجل مبتسماً : اليصبر بينول !!!
اخذ الرجل يلملم عدته وشنطته واخرج شنطة السمكة الكبيرة ،،،،،
كان القطار يمر حينها فوقه ونظر للفتي وقال له : رزق انهارده من نصيبك حلال عليك ياعم ...
مازال القطار يمر علي الكوبري فوقهما ،،،،،
فرح الفتي اشد الفرح بالسمكه وقال له : هعدي عليك بكرة ان شاء الله ،،،،
ومع انتهاء القطار من المرور علي الكوبري ابتسم الرجل ونظر للفتي وقال : لو لينا عمر ان شاء الله هتلاقيني ،،،،
واخذ عدته وانصرف متخذاً طريق عودته من جديد ,,,,,,,,
وضع السنارة جانباً وهي من الطراز الحديث وقام بترتيب ادواته في شنطته علبه معدنية للسنار الصغير وعلبه اخري للغاطس المعدني وبكرة خيط وزجاجه مياه وشنطه اخري من القماش يضع فيها السمك ، واهم شيء في صحبته هذه الراديو الترانزستور .
قد بدأت تظهر عليه اثار السنين فقد تجاوز السبعين عاما لكنه مازال محتفظ بجزء من الشباب وعدم الاستسلام للوحده ,,,,,
مسك سنارته وشنطته وخرج ، قد بدأت الدنيا تُبدل ثوبها من الفجر الي الصباح والنور قد بدأ ينثر عطره علي الدنيا ,,,,,,
يخرج من الشارع الصغير الذي يقطن فيه الي الشارع الرئيسي في امبابه ، وقد بدأ الموظفون يخرجون لأعمالهم وبدأت وسائل المواصلات دورتها وطلبة المدارس الي مدارسهم ....
يمر علي عربة الفول التي اعتاد الفطار عليها يومياً يطلب من عم سيد طلبه المعتاد صحن فول بالزبده والبصل وقرصين من الطعمية ، ينادي علي حماده صبي القهوة المجاورة ليأتي اليه الشاي بالنعناع ، ولا يمر الفطور الا ببعض المناقشات مع صاحب العربة او بعض الزبائن عن مباريات كرة القدم او ارتفاع الاسعار او اي شيء قد حدث البارحه ,,,,,
ينتهي من فطوره ويأخذ طريقه المعتاد مخترقا العالم والدنيا ،،،،
قد اعتاد الوجوه والشوارع والمحلات حتي السيارات لكنه لا يمل ابداً منهم ويظل مبتسماً طوال طريقه كأنه يخرج لهذه النزهة لأول مرة .
وصل الي الكورنيش اخيرا في نهاية رحلته ، تتعالي اصوات اجهزة الكاسيت في المراكب الراسية الخاصه بالتنزه واصوات الراديو منطلقه باخبار الصباح تشير الي السابعه في اذاعة الشرق الاوسط او الشباب والرياضه ,,,
يظل ماشياً بمحازاة الكورنيش الي ان يصل الي نهاية رحلته اسفل كوبري ابو العلا ،،،
دائماً مايصل في نفس الميعاد مع مرور القطار المتجه الي الصعيد ......
يُخرج عدته وادواته ويجهز السنارة ويُشغل الراديو ويظبطه ، ويستنشق هواء النيل الصباحي الذي مازال علي هيئته نظيفا لم يتلوث بعد ويمسك بالسنارة وبقوة يحدف الخيط الي النيل قائلاً بسم الله ......
يضع السنارة بجانبه ويظل متأملاً حاله مسترجعاً ذكرياته ناظراً الي الجهة المقابله من النيل او الي القطار المار فوقه ، تلفت في شنطة عدته باحثاً عن علبة السجائر فلم يجدها ربما نساها اليوم ، فنظر خلفه فوجد فتى صغيرا واقفاً ينظر اليه فنادي عليه وقال : أستطيع ان اطلب منك خدمه ؟؟
فنزل اليه الفتى وقال : أطلب يا عماه ...
قال العجوز : هتعبك تجيبلي علبة سجائر من الكشك القريب واشتري لنفسك بسكويت او اي شيء تحبه ......
ذهب الفتى مسرعاً واشتري له السجائر واشتري هو لنفسه زجاجة مياه غازيه
قال الفتي : ينفع اقعد جنبك اتفرج عليك وانت بتصتاد ؟
رد عليه : اقعد براحتك واهو نسلي بعض ....
قال الفتي : انا بعدي من هنا كل يوم وابص عليك انت بتيجي تصتاد هنا من زمان ؟
يقوم بأشعال السيجار ويرد عليه : انا يومياً هنا من عشر سنين قولي هو انت ماروحتش مدرستك ليه ؟
يخجل الفتى وينظر الي الارض ويقول : انا مابروحش المدرسة امي طلعتني منها !!
ممسكاً السنارة ومعدلاً من وضعها ساحباً الخيط قليلاً : ليه كده وامك تطلعك من المدرسة ليه ؟
يرد عليه الفتي : عشان اساعدها في مصاريف اخواتي الصغيرين احنا ولدين وتلات بنات وانا الكبير امي بتخدم في البيوت وابويا مانعرفش طريقه ، كل الفاكره عنه انه كان بيدخل البيت علينا سكران وبيتطوح وامي تتخانق معاه وفي ليلة استنيناه مارجعش ، وتاني يوم خرجت امي تدور عليه في الاقسام والمستشفيات وماعرفتش حاجه عنه تدلنا عليه ، عدى تلات سنين وماظهرش فراحت امي خارجه تدور علي شغل وخرجتني انا من المدرسه عشان اشتغل واساعدها في المصاريف .
نظر الرجل الي النيل وصمت قليلاً ثم قال للفتي : لا حول ولا قوة الا بالله .. وعلي كده انت بتشتغل ايه ؟
بعد ان شرب القليل من زجاجة المياه الغازية قال له : شوية ابيع فل ومناديل في الاشارة وفي الصيف اشوي درة علي الكورنيش او ابيع ترمس وحاليأ بشتغل الم الاجرة في ميكروباص بتاع واحد جارنا ,,,,
صمت الفتي قليلاً وبعد ذلك قال : انت عندك اولاد ؟
تنهد الرجل ومسك السنارة وقام بترك بعض الخيط مع تيار النيل وقال : عندي ولد وبنت ، الواد هاجر كندا من قبل وفاة المرحومه امه من اكتر من عشر سنين والبنت مع جوزها في الخليج من خمس سنين ....
بعد ان فرغ الفتي من زجاجة المياه الغازية ووضعها جانباً قال له : طيب ليه ماتجوزتش بدل قعدتك لوحدك ؟
ضحك الرجل وقال : لا انا كده كويس مش حمل مسؤلية زوجه كفايه علي حياتي كده وعندي اختي بسأل عليها ، كل يوم اخر النهار اعدي عليها ، برضو وحدانية هي وجوزها بعد ماعيالها اتجوزوا ,,,,
بدأت السنارة تتحرك قليلاً والخيط في شد وجذب وهو ناظراً اليها بتركيز ، امسكها في هدوء وبعدها قام بشدها بقوة وسرعه ، ثم اخذ يسحب بكرة الخيط سريعاً واحس بمقاومة كبيرة من الخيط ، لكنه ظل يسحب الخيط بقوة الي ان ظهرت سمكة كبيرة تقاوم بشدة علي سطح الماء وتخبط بذيلها بعنف ....
ووقف الفتى فرحاً بالمشهد متحيراً يريد ان يساعد العجوز ,,,
واخيراً خرجت السمكه الي الحياة الارضية تقاوم بكل قوتها للعودة الي حياتها المائية لكنها اكلت الطُعم لاخره وعلقت بالسنار ......
اخرج الرجل قطعة القماش وأمسكها بقوة محرراً السنار من خياشيمها وحلقها وهي مازالت تتلوي وتتقلب ، ثم وضعها في الشنطه القماش المخصصه لها ,,,
فرح الفتي بانتصار صديقه العجوز علي السمكه الكبيرة وقال له : شكلها يفرح وهي خارجه من المايه ،،،،،،
فرد عليه الرجل مبتسماً : اليصبر بينول !!!
اخذ الرجل يلملم عدته وشنطته واخرج شنطة السمكة الكبيرة ،،،،،
كان القطار يمر حينها فوقه ونظر للفتي وقال له : رزق انهارده من نصيبك حلال عليك ياعم ...
مازال القطار يمر علي الكوبري فوقهما ،،،،،
فرح الفتي اشد الفرح بالسمكه وقال له : هعدي عليك بكرة ان شاء الله ،،،،
ومع انتهاء القطار من المرور علي الكوبري ابتسم الرجل ونظر للفتي وقال : لو لينا عمر ان شاء الله هتلاقيني ،،،،
واخذ عدته وانصرف متخذاً طريق عودته من جديد ,,,,,,,,
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق