وصل القطار ذو السبع عربات القديمه في وقت الظهيرة ، كانت الشمس قد بدأت تتوسط السماء والحرارة ترتفع تدريجياً ، كان ينتظر امام باب العربة ممسكا حقيبته الصغيرة منتظراً توقف القطار تماما ...
كانت حرارة الجو تندفع من الشباك المكسور في باب العربة فحاول ان يحمي نفسه من الهواء المندفع فرجع للخلف قليلاً بجوار كراسي القطار ,,,,,
نحيفاً وظاهر عليه علامات الجوع والاعياء بسبب ساعات السفر الطويلة وردائة القطار لكنه
صبر نفسه بأنه مجرد مايخطو خطواته الاولي في هذه المدينة المجهولة لابد وانه سيجد مطعم وفندقاً يقيم فيه الثلاث الليالي حتي ينتهي من مهمته ويعود من حيث أتى ....
توقف القطار وخرج الي رصيف المحطة الصغيرة فلفحه لهيب الشمس فتحرك سريعا حتي يجد مكانا يستظل فيه فخرج من باب المحطه ووقف تحت شجرة كافور يستظل بها من قيظ الشمس ....
وقف ينظر الي الساحة التي تطل عليها بوابة المحطه الصغيرة فوجد الشارع هاديء والدكاكين القليلة مغلقة ، كانت ساعة قيلولة شديدة الحرارة فالناس اختارت ان تحتمي في بيوتها من هجير الرمضاء ،،،،
عبر الطريق سريعا واضعا الجريدة فوق رأسه لتحميه من الشمس واختار ان يمشي بمحازاة البيوت الي انا لمح من بعيد بيتاً صغيراً يتكون من اربع طوابق عليه يافطه مكتوب عليها لوكاندة المحطه وبجوارها مقهى صغير اٌغلق بابه نصف اغلاق .....
وصل الي الفندق الصغير فدخل سريعاً حتى احس ببعض الانتعاش ،،،،
باحة الفندق الصغير تتكون من صالونا من النوع الرخيص القديم ومروحتين معلقتين في السقف واحده فوق الصالون واخري فوق مكتب الاستقبال الذي كانت تجلس عليه سيدة ،،،،
علي جانب الصالون جهاز تلفاز ابيض واسود معلق على حامل ، وطرقة طويلة علي اليمين بها غرفة للمطبخ وغرفه للغسيل وحمام صغير تفوح منه رائحه كريهه ،،،،
وعلي اليسار بجوار مكتب الاستقبال السلم المؤدي للغرف ....
توجه للسيدة ، متوسطة العمر قد تخطت الاربعين وكانت حامل وربما في اواخر حملها لان بطنها كبيرة وصلبه ويظهر عليها الارهاق ، وجهها مصفر عليه قطرات من العرق كل دقيقه تمسحها بمنديل مطرز ،،،،
وكانت هي تدير الفندق بدلا من زوجها في وقت القيلوله ....
قال لها اريد غرفة لثلاث ليالي فنظرت له من اسفل نظارتها وقالت له اعطني بطاقتك الشخصية ....
اخرج البطاقة من جيب قميصه وقال لها اتقدمون وجبة للغداء ؟؟
قالت في ضيق : نحن نقدم فقط وجبتي الافطار والعشاء اتحب ان تاخذ وجبة عشائك الان ؟
لاحظ ضيقها واحس بأنه لابد وان لا يثير حنقها وغضبها فقال لها : افضل هذا فأنا قادم من سفر طويل واحس بأرهاق شديد .....
لم تبالي به وبكلامه لكنها قالت : اعطني مبلغ تحت الحساب، ثم اعطته مفتاح غرفته وقالت : غرفتك في الدور الثالث علي يمين السلم فلا يوجد غير غرفتين.....
اخذ المفتاح وهم بالانصراف لكنها قالت له : أتٌحب ان تاكل هنا أم في غرفتك ؟
قال لها : لا سأكل في غرفتي ....
تدرج السلم الضيق الذي به اضائه خافته وضعيفه لكنه كان يحس فيه ببعض الانتعاش فقد كان رطباً ...
وصل الي غرفته ففتحها ودخل اليها ، كانت غرفة صغيرة بها سريرا وتسريحة ، وحمام علي يمين باب الغرفة ، وفي المقابل باب البلكونه وكان مغلقا وعليه ستارة لم يتم تنظيفها منذ سنوات ...
دخل الحمام كي يغسل وجهه وينفض عن نفسه وكاهله تراب السفر الطويل ، ثم ارتمى علي السرير لكي ينام طويلا لكن لم يستطع من شدة الجوع ،،،
دق الباب فذهب ليفتح فوجد فتى حاملا صينية وقال : العشاء....
اخذ منه الصينية ، ثم انصرف الفتى واغلق عليه بابه من الداخل
كان الاكل عبارة عن طبق فول بالزيت وعلبة مربى صغيرة وقطعتين من الجبن ورغيفين من الخبز,,,,,,
فألتهمهم في دقيقه من شدة جوعه وترك الصينية بجوار السرير وراح في ثُبات عميق ....
لم يدري كم من الوقت نام لكنه استيقظ واحس بثقل في رأسه ومازال التعب مسيطر عليه نظر لساعته فوجد الساعه قد تخطيت العاشرة ففتح البلكونه فوجد الحياة قد دبت في الشارع الذي كان مقفرا مهجوراً وقت القيلوله وسمع صوت التلفاز قادم من المقهي وأصوات الرواد بداخله ،،،،،
خرج من غرفته ونزل الي الاسفل فوجد بدل من المرأة رجلاً اصلع سميناً يلبس بنطالاً خانقا علي كرشه المكتنز وقميصاً طويلاً تاركا اخر زرار فيه مفتوحاً بسبب شعوره بالحراره ،،،،،
ألقي عليه السلام وذهب كي يجلس في الصالون فوجد التلفاز مغلقا فطلب من الرجل تشغيله فضحك وقال : للاسف انه خرب ولم نصلحه بعد !!!
فأحس بالضيق وخرج بأتجاه المقهى المجاور للفندق فجلس علي اول طاوله مطله علي الشارع وأخذ يتأمل المارة والزبائن ، فجائه صبي المقهي فطلب منه كوب من الشاي ،،،،
كان يجلس بجواره رجل كبير في السن ملامح وجهه تدل انه تجاوز الخمسين او الستين ، نظراته تائهه وكأنه يحدث نفسه، تارة ينظر للتلفاز وتارة ينظر للشارع ،،،
عندما وقعت عينه علي الشاب الغريب سحب كرسيه وجلس بجواره ...
قال : أزعجك لو جلست معك ؟؟
فرد عليه الشاب الغريب : لا ابداً ،،،،
قال وهو يمسك كوب الينسون الذى اتي به من علي طاولته الصغيرة : شكلك غريب وليس من هنا ؟؟
فرد عليه : نعم انا من بلد بعيدة وجئت هنا لمراقبة امتحانات اخر العام في اخر يومين بدلاً من زميل لي حدثت له بعض الظروف ،،،،
فابتسم الرجل وقال : احسست هذا فأغلب الشبان الغرباء يأتون من اجل رقابة الامتحانات .....
وسأله : أتُقيم في المدرسة نفسها ؟
قال : لا انني اقيم في هذا الفندق ، صديقي قال لي انها غير مريحة ،،،،
فتنهد العجوز وقال : نعم نعم انها كذلك فهي غير مجهزة اطلاقاً ويتركون المدرسون في الحرارة الشديدة بدون مراوح ولا يحزنون ،،،،،
عندي ولد في سنك ويشبهك تماما اسمر ونحيف مثلك انه ولدي الوحيد لكنه شارد دائما ودائماً علي خلاف معي ومع امه ، يظهر اننا قمنا بتدليله كثيراً عندما كان صغيراً ، الي ان شب عنيداً لا يتحمل المسؤلية ، مع اول مشكلة وقعت فيها تخلي عني انا وأمه واصر ان يذهب للعمل بعيدا ، مع انه أتعين في الجمعية الزراعية هنا في البلد لكنه رفضها ، انني في اشد الحاجة اليه الان، قد يضيع بيتنا وقطعة الارض الصغيرة !!
هيئة السكك الحديدية تريد ان تسحب مننا الارض لانها ملكاً لها وتقول انها منفعة خاصه بها ، وانا ليس لي مكان اخر اذهب اليه ....
تعرف؟ كانت هذة الارض مهجورة ولا احد مهتم بها فزرعتها وبنيت عليها البيت الصغير الذي يأويني انا وزوجتي وابني ، وقدمت طلب لهيئة السكك الحديدية لشرائها فرفضوا وأجروها لي والان يريدون ان يأخذوها مني ويطردوني انا وزوجتي ....
كان الرجل يتكلم كثيراً ، وهو يحس بالصداع يزداد عليه لكنه ظل يستمع له ولا يريد ان يتركه ،،،،،
فنظر له العجوز وقال : صدقني يا ولدي انا اتحدث اليك لاني احس انك مثل ولدي تماما ،،،،
أتعرف؟ لي الى الان اكثر من سبع سنوات ارسل في شكاوي لوزير النقل والمحافظ وعضو مجلس الشعب ولا أحد يسأل في ويرد علي ، لكن كل فترة يأتني رجل شرطه ومُحضر يخبرني بأنه لابد لي من تسليم البيت والارض ، وقطعة الارض هذه لا تتعدى القيراط ، قُل لي أين اذهب انا وزوجتي ؟؟
فنظر له الشاب نظرة اشفاق وعطف وقال : سيدبرها المولى سبحانه وتعالي ،،،
نظر العجوز الي اعلي رافعاً يديه وقال : يارب
ثم قال : سأمر عليك غداً بعد عودتك من المدرسة لأريك بيتي فهو قريب من المدرسة بجوار خط السكك الحديديه ،،،،
انصرف الشاب بعد ان دفع حساب الشاي والينسون الخاص بالرجل العجوز ورجع الي الفندق ،،،،
فوجد صاحب الفندق جالساً في مكانه يغلبه النعاس فعندما مر من جواره انتفض وابتسم وقال له : حمد لله علي السلامة
فرد عليه الشاب : الله يسلمك وذهب الي غرفته وقام بتغير ملابسه ونام حتي الصباح ....
استيقظ صباحاً وخرج الي الشارع يتسائل عن المدرسة فدله عليها احد المارة ، وعندما وصل اليها وقام بتعريف نفسه اليهم واخبرهم انه منتدب بدل زميله في اخر يومين في الامتحانات ، وقام بمباشرة عمله في مراقبة الطلاب اثناء الامتحان ،،،،
انتهي الامتحان بعد اذان الظهر وكانت الحرارة قد بدأت تشتد من جديد وبدأت الحركة تهدأ تدريجيا في البلدة الصغيرة ويختفي الناس منها ، فرجع الي الفندق فوجد السيدة زوجة صاحب الفندق تنتظره جالسه علي المكتب واضعه رأسها علي يديها ، قد تكون نائمه ، فألقي عليها السلام فلم ترد عليه فذهب الي غرفته ونام علي سريره ...
ويظل يفكر في العجوز ومشكلته الي ان نام ..
استيقظ بعد الغروب بقليل ، احس بالارهاق ، فقرر ان يظل في غرفته ولا يخرج هذا المساء ، فجلس يقرأ في الجريدة الي ان دق الباب فكان الفتى الذي يعمل في الفندق يحضر له العشاء فاخذه منه واتعشى وقرر ان ينام....
كان اخر يوم له في البلدة فقرر ان ياخذ حقيبته الصغيرة ويخرج الي المحطة مباشرة بعد انتهاء الامتحان ليعود من حيث اتى ،،،،
خرج صباحا فوجد حركة غير طبيعيه في الفندق فوجد الفتى فسأله : ماذا يجري؟ فأخبره ان زوجة صاحب الفندق بتولد !!!
فسأله عن بيت الرجل الذي كان يجلس معه في المقهى ان كان يعرفه أم لا ؟
فأخبره الفتى انه بجوار السكك الحديديه بعد المدرسة مباشرة ،،،
فدفع له باقي اجرة الثلاث ليالي وانصرف ....
بعد ان انتهى من يوم الامتحان الاخير له في المدرسة خرج يبحث عن بيت العجوز حسب وصف الفتى له ،،،،
كان البيت صغيراً مكوناً من دور واحد تحيطه قطعة ارض صغيرة مزروعه ببعض حشائش مابعد الربيع وشجرة توت عاليه تظلل البيت ...
كانت الشمس تتوسط السماء والحرارة عاليه ،،،،
ذهب الي البيت ووقف تحت شجرة التوت ينظر حوله فلم يجد شيئاً ،،،،،
نظر الى الباب فوجد ختماً احمر ، وخطاب حكومي موضوعا ومثبتاً علي قفل الباب ،،،،،،
فسمح لنفسه ان يفتحه ويقرأه ،،،،
نأسف بأن شكواكم تم رفضها حيث ان قطعة الارض ملك للدولة ولا يحق وضع اليد عليها .....
القي بالرسالة ونظر الي البيت والقطار المار بجواره ،،،
ورجع الي المحطة ليعود لبلدته مرة اخري,,,,,,,
كانت حرارة الجو تندفع من الشباك المكسور في باب العربة فحاول ان يحمي نفسه من الهواء المندفع فرجع للخلف قليلاً بجوار كراسي القطار ,,,,,
نحيفاً وظاهر عليه علامات الجوع والاعياء بسبب ساعات السفر الطويلة وردائة القطار لكنه
صبر نفسه بأنه مجرد مايخطو خطواته الاولي في هذه المدينة المجهولة لابد وانه سيجد مطعم وفندقاً يقيم فيه الثلاث الليالي حتي ينتهي من مهمته ويعود من حيث أتى ....
توقف القطار وخرج الي رصيف المحطة الصغيرة فلفحه لهيب الشمس فتحرك سريعا حتي يجد مكانا يستظل فيه فخرج من باب المحطه ووقف تحت شجرة كافور يستظل بها من قيظ الشمس ....
وقف ينظر الي الساحة التي تطل عليها بوابة المحطه الصغيرة فوجد الشارع هاديء والدكاكين القليلة مغلقة ، كانت ساعة قيلولة شديدة الحرارة فالناس اختارت ان تحتمي في بيوتها من هجير الرمضاء ،،،،
عبر الطريق سريعا واضعا الجريدة فوق رأسه لتحميه من الشمس واختار ان يمشي بمحازاة البيوت الي انا لمح من بعيد بيتاً صغيراً يتكون من اربع طوابق عليه يافطه مكتوب عليها لوكاندة المحطه وبجوارها مقهى صغير اٌغلق بابه نصف اغلاق .....
وصل الي الفندق الصغير فدخل سريعاً حتى احس ببعض الانتعاش ،،،،
باحة الفندق الصغير تتكون من صالونا من النوع الرخيص القديم ومروحتين معلقتين في السقف واحده فوق الصالون واخري فوق مكتب الاستقبال الذي كانت تجلس عليه سيدة ،،،،
علي جانب الصالون جهاز تلفاز ابيض واسود معلق على حامل ، وطرقة طويلة علي اليمين بها غرفة للمطبخ وغرفه للغسيل وحمام صغير تفوح منه رائحه كريهه ،،،،
وعلي اليسار بجوار مكتب الاستقبال السلم المؤدي للغرف ....
توجه للسيدة ، متوسطة العمر قد تخطت الاربعين وكانت حامل وربما في اواخر حملها لان بطنها كبيرة وصلبه ويظهر عليها الارهاق ، وجهها مصفر عليه قطرات من العرق كل دقيقه تمسحها بمنديل مطرز ،،،،
وكانت هي تدير الفندق بدلا من زوجها في وقت القيلوله ....
قال لها اريد غرفة لثلاث ليالي فنظرت له من اسفل نظارتها وقالت له اعطني بطاقتك الشخصية ....
اخرج البطاقة من جيب قميصه وقال لها اتقدمون وجبة للغداء ؟؟
قالت في ضيق : نحن نقدم فقط وجبتي الافطار والعشاء اتحب ان تاخذ وجبة عشائك الان ؟
لاحظ ضيقها واحس بأنه لابد وان لا يثير حنقها وغضبها فقال لها : افضل هذا فأنا قادم من سفر طويل واحس بأرهاق شديد .....
لم تبالي به وبكلامه لكنها قالت : اعطني مبلغ تحت الحساب، ثم اعطته مفتاح غرفته وقالت : غرفتك في الدور الثالث علي يمين السلم فلا يوجد غير غرفتين.....
اخذ المفتاح وهم بالانصراف لكنها قالت له : أتٌحب ان تاكل هنا أم في غرفتك ؟
قال لها : لا سأكل في غرفتي ....
تدرج السلم الضيق الذي به اضائه خافته وضعيفه لكنه كان يحس فيه ببعض الانتعاش فقد كان رطباً ...
وصل الي غرفته ففتحها ودخل اليها ، كانت غرفة صغيرة بها سريرا وتسريحة ، وحمام علي يمين باب الغرفة ، وفي المقابل باب البلكونه وكان مغلقا وعليه ستارة لم يتم تنظيفها منذ سنوات ...
دخل الحمام كي يغسل وجهه وينفض عن نفسه وكاهله تراب السفر الطويل ، ثم ارتمى علي السرير لكي ينام طويلا لكن لم يستطع من شدة الجوع ،،،
دق الباب فذهب ليفتح فوجد فتى حاملا صينية وقال : العشاء....
اخذ منه الصينية ، ثم انصرف الفتى واغلق عليه بابه من الداخل
كان الاكل عبارة عن طبق فول بالزيت وعلبة مربى صغيرة وقطعتين من الجبن ورغيفين من الخبز,,,,,,
فألتهمهم في دقيقه من شدة جوعه وترك الصينية بجوار السرير وراح في ثُبات عميق ....
لم يدري كم من الوقت نام لكنه استيقظ واحس بثقل في رأسه ومازال التعب مسيطر عليه نظر لساعته فوجد الساعه قد تخطيت العاشرة ففتح البلكونه فوجد الحياة قد دبت في الشارع الذي كان مقفرا مهجوراً وقت القيلوله وسمع صوت التلفاز قادم من المقهي وأصوات الرواد بداخله ،،،،،
خرج من غرفته ونزل الي الاسفل فوجد بدل من المرأة رجلاً اصلع سميناً يلبس بنطالاً خانقا علي كرشه المكتنز وقميصاً طويلاً تاركا اخر زرار فيه مفتوحاً بسبب شعوره بالحراره ،،،،،
ألقي عليه السلام وذهب كي يجلس في الصالون فوجد التلفاز مغلقا فطلب من الرجل تشغيله فضحك وقال : للاسف انه خرب ولم نصلحه بعد !!!
فأحس بالضيق وخرج بأتجاه المقهى المجاور للفندق فجلس علي اول طاوله مطله علي الشارع وأخذ يتأمل المارة والزبائن ، فجائه صبي المقهي فطلب منه كوب من الشاي ،،،،
كان يجلس بجواره رجل كبير في السن ملامح وجهه تدل انه تجاوز الخمسين او الستين ، نظراته تائهه وكأنه يحدث نفسه، تارة ينظر للتلفاز وتارة ينظر للشارع ،،،
عندما وقعت عينه علي الشاب الغريب سحب كرسيه وجلس بجواره ...
قال : أزعجك لو جلست معك ؟؟
فرد عليه الشاب الغريب : لا ابداً ،،،،
قال وهو يمسك كوب الينسون الذى اتي به من علي طاولته الصغيرة : شكلك غريب وليس من هنا ؟؟
فرد عليه : نعم انا من بلد بعيدة وجئت هنا لمراقبة امتحانات اخر العام في اخر يومين بدلاً من زميل لي حدثت له بعض الظروف ،،،،
فابتسم الرجل وقال : احسست هذا فأغلب الشبان الغرباء يأتون من اجل رقابة الامتحانات .....
وسأله : أتُقيم في المدرسة نفسها ؟
قال : لا انني اقيم في هذا الفندق ، صديقي قال لي انها غير مريحة ،،،،
فتنهد العجوز وقال : نعم نعم انها كذلك فهي غير مجهزة اطلاقاً ويتركون المدرسون في الحرارة الشديدة بدون مراوح ولا يحزنون ،،،،،
عندي ولد في سنك ويشبهك تماما اسمر ونحيف مثلك انه ولدي الوحيد لكنه شارد دائما ودائماً علي خلاف معي ومع امه ، يظهر اننا قمنا بتدليله كثيراً عندما كان صغيراً ، الي ان شب عنيداً لا يتحمل المسؤلية ، مع اول مشكلة وقعت فيها تخلي عني انا وأمه واصر ان يذهب للعمل بعيدا ، مع انه أتعين في الجمعية الزراعية هنا في البلد لكنه رفضها ، انني في اشد الحاجة اليه الان، قد يضيع بيتنا وقطعة الارض الصغيرة !!
هيئة السكك الحديدية تريد ان تسحب مننا الارض لانها ملكاً لها وتقول انها منفعة خاصه بها ، وانا ليس لي مكان اخر اذهب اليه ....
تعرف؟ كانت هذة الارض مهجورة ولا احد مهتم بها فزرعتها وبنيت عليها البيت الصغير الذي يأويني انا وزوجتي وابني ، وقدمت طلب لهيئة السكك الحديدية لشرائها فرفضوا وأجروها لي والان يريدون ان يأخذوها مني ويطردوني انا وزوجتي ....
كان الرجل يتكلم كثيراً ، وهو يحس بالصداع يزداد عليه لكنه ظل يستمع له ولا يريد ان يتركه ،،،،،
فنظر له العجوز وقال : صدقني يا ولدي انا اتحدث اليك لاني احس انك مثل ولدي تماما ،،،،
أتعرف؟ لي الى الان اكثر من سبع سنوات ارسل في شكاوي لوزير النقل والمحافظ وعضو مجلس الشعب ولا أحد يسأل في ويرد علي ، لكن كل فترة يأتني رجل شرطه ومُحضر يخبرني بأنه لابد لي من تسليم البيت والارض ، وقطعة الارض هذه لا تتعدى القيراط ، قُل لي أين اذهب انا وزوجتي ؟؟
فنظر له الشاب نظرة اشفاق وعطف وقال : سيدبرها المولى سبحانه وتعالي ،،،
نظر العجوز الي اعلي رافعاً يديه وقال : يارب
ثم قال : سأمر عليك غداً بعد عودتك من المدرسة لأريك بيتي فهو قريب من المدرسة بجوار خط السكك الحديديه ،،،،
انصرف الشاب بعد ان دفع حساب الشاي والينسون الخاص بالرجل العجوز ورجع الي الفندق ،،،،
فوجد صاحب الفندق جالساً في مكانه يغلبه النعاس فعندما مر من جواره انتفض وابتسم وقال له : حمد لله علي السلامة
فرد عليه الشاب : الله يسلمك وذهب الي غرفته وقام بتغير ملابسه ونام حتي الصباح ....
استيقظ صباحاً وخرج الي الشارع يتسائل عن المدرسة فدله عليها احد المارة ، وعندما وصل اليها وقام بتعريف نفسه اليهم واخبرهم انه منتدب بدل زميله في اخر يومين في الامتحانات ، وقام بمباشرة عمله في مراقبة الطلاب اثناء الامتحان ،،،،
انتهي الامتحان بعد اذان الظهر وكانت الحرارة قد بدأت تشتد من جديد وبدأت الحركة تهدأ تدريجيا في البلدة الصغيرة ويختفي الناس منها ، فرجع الي الفندق فوجد السيدة زوجة صاحب الفندق تنتظره جالسه علي المكتب واضعه رأسها علي يديها ، قد تكون نائمه ، فألقي عليها السلام فلم ترد عليه فذهب الي غرفته ونام علي سريره ...
ويظل يفكر في العجوز ومشكلته الي ان نام ..
استيقظ بعد الغروب بقليل ، احس بالارهاق ، فقرر ان يظل في غرفته ولا يخرج هذا المساء ، فجلس يقرأ في الجريدة الي ان دق الباب فكان الفتى الذي يعمل في الفندق يحضر له العشاء فاخذه منه واتعشى وقرر ان ينام....
كان اخر يوم له في البلدة فقرر ان ياخذ حقيبته الصغيرة ويخرج الي المحطة مباشرة بعد انتهاء الامتحان ليعود من حيث اتى ،،،،
خرج صباحا فوجد حركة غير طبيعيه في الفندق فوجد الفتى فسأله : ماذا يجري؟ فأخبره ان زوجة صاحب الفندق بتولد !!!
فسأله عن بيت الرجل الذي كان يجلس معه في المقهى ان كان يعرفه أم لا ؟
فأخبره الفتى انه بجوار السكك الحديديه بعد المدرسة مباشرة ،،،
فدفع له باقي اجرة الثلاث ليالي وانصرف ....
بعد ان انتهى من يوم الامتحان الاخير له في المدرسة خرج يبحث عن بيت العجوز حسب وصف الفتى له ،،،،
كان البيت صغيراً مكوناً من دور واحد تحيطه قطعة ارض صغيرة مزروعه ببعض حشائش مابعد الربيع وشجرة توت عاليه تظلل البيت ...
كانت الشمس تتوسط السماء والحرارة عاليه ،،،،
ذهب الي البيت ووقف تحت شجرة التوت ينظر حوله فلم يجد شيئاً ،،،،،
نظر الى الباب فوجد ختماً احمر ، وخطاب حكومي موضوعا ومثبتاً علي قفل الباب ،،،،،،
فسمح لنفسه ان يفتحه ويقرأه ،،،،
نأسف بأن شكواكم تم رفضها حيث ان قطعة الارض ملك للدولة ولا يحق وضع اليد عليها .....
القي بالرسالة ونظر الي البيت والقطار المار بجواره ،،،
ورجع الي المحطة ليعود لبلدته مرة اخري,,,,,,,
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللوحة لفان جوخ
هناك تعليقان (2):
كما يقال في الأمثال (الكعكة في يد اليتيم عجبة) .. يعني الدولة خلصت كل أراضيها في الاستصلاح وبقيت الأرض دي.
قصة إنسانية واقعة ومؤثرة
اولا بشكر حضرتك جدا علي متابعة مدونتي المتواضعه ويشرفني دايما وجودك وتعليقك
ثانيا
القصه دي فيه زيها كتير للاسف من التعنت مع الغلابه ال مالهمش ضهر وهنا يظهر القانون بمخالبه وسطوته بينما يختفي هذا القانون علي الاراضي المنهوبة والمتوزعه كهدايا بعلم المسؤلين والدوله
العدل اساس الملك
إرسال تعليق