عاد هو وصديقته تواً من الدرس ، وقفا سوياً في مدخل العمارة الزرقاء ، كان يوصلها دائماً بعد انتهاء الدرس المسائي ويقفا سوياً بعض الوقت يتكلمان ، ثم يودعا بعضهما وينصرفا ،،،،
سمعا صوت الرجل الزجاجي العجوز في جهاز الهاتف الذي ينادي به البواب دائماً ، كان الرجل يزعق بشدة ويطلب من البواب أن يأتيه بالدواء من الصيدلية والخبز والحليب ، كان البواب غير متواجد ،،،
سمعا الفتى والفتاة صوت الرجل وحاولا ان يكلماه لكنه قد اغلق الخط ،،،
قررا ان يذهبا الى البقال ليشتريا الخبز والحليب ويصعدا الى شقة الرجل ،،،،
العجوز وحيداً ، بعد وفاة زوجته وهجرة ابنه الوحيد للخارج ،،،
مُصاب بالوسواس القهري ومُصاب بمرض هشاشة العظام منذ زمن بعيد ، قالت الفتاه لحبيبها في مرة ان عظامه مثل الزجاج ، لذلك رأي بنظارته المقربة وهو يراقب من شرفته في البارحه ان العجوز قام بأحاطة كل اساس منزله وكل حواف الحوائط بالأسفنج خوفاً ليصتدم بها وتتفتت عظامه ،،،،
لم يخرج منذ سنين ، كان يخشى من العالم الخارجي ويخشى حتى درجات السلم ليقع عليها ،،،،
دقا جرس الباب ، فأذا بالعجوز يتمتم من الداخل بعصبية ، وعندما فتح الباب وجد الفتى والفتاة ، نظرا اليهما بأستغراب وهو خلف الباب وقال : ماذا تريدان ؟؟
قالت الفتاة : انا جارتك يا جدي وقد سمعناك تنادي على البواب وتطلب منه الخبز والحليب ، والبواب غير موجود منذ الصباح ، فذهبت انا وصديقي نشترى لك ماطلبته وجئنا به اليك .....
وقف مستنداً على عكازه ومغلقاً الباب قليلاً وقال : لكني لم أطلب منكما شيئاً ، اذهبا الان وعندما يأتي البواب سيشتري لي ما أحتاجه ...
نظرا الفتى والفتاة الى بعضهما ثم دفعا الباب برفق ، فرجع العجوز الى الخلف خوفاً ليسقط ، ودخلا الى البيت ،،،،
اندهش العجوز وقال : الى اين واخلعا الأحذية ، لم اسمح لكما بعد بالدخول ،،،،
خلعا الفتى والفتاة حذائهما ، وقال الفتى : يا جدي لا تخف سنضع الأشياء في المطبخ ونرحل ، البواب غير موجود وربما انت جائع الان ،،،،
كان المنزل مليء بالساعات في كل ركن من اركانه ، وكل حواف الحوائط والأساس مبطن بالأسفنج ،،،
صورة قديمة على الحائط لسيدة جميلة ، واخرى بجوارها لرجل في زيه العسكري ، وصور كثيرة لطفل صغير ، وهو يركب دراجته ، وصورة اخرى له بين اصدقائه في المدرسة ، وأخرى وهو بين السيدة الجميلة والرجل الذي بالزي العسكري في الصورة الأخرى ،،،
قالت الفتاة للعجوز : من هؤلاء ياجدي ، اعتقد الظابط هو انت ، لكن من تكون السيدة الجميلة وهذا الفتى الوسيم ؟
جلس العجوز على الأريكه وأحس بالاستسلام وقال : هذة زوجتى رحمها الله ، وهذا أبنى عندما كان صغيراً في مثل عمركما ، وهو الان في كندا ،،،
ذهبت الفتاة الى المطبخ كي تضع الحليب في الثلاجة ثم اعداد العشاء ،،،
وجلس الفتى بجوار العجوز وقال : لماذا ياجدي تضع الأسفنج في كل مكان في البيت ؟
فجأة حدث ازعاج رهيب لقد اعلنت الساعات التى تمليء البيت تمام الساعة الثامنة ، فوضع الفتى والفتاة اصابعهما في اذانهما من شدة صوت دقات الساعات ،،،
قال العجوز : انا مُصاب يا ولدي بهشاشة العظام ، فأخاف أن اصتدم بأي شيء صلب ،،،،
جائت الفتاة بطعام العشاء وقالت : هيا ياجدي لقد اعددت لك العشاء ، لابد أن تأكل قبل أن تنام ،،،
قال الفتى : تفضل ياجدي الطعام ، ياجدي لا تخف من الأشياء هكذا ، يمكنك ان تكون حريصاً ، لكن لا تعتزل العالم حتى لا تصبح اكثر هشاشه وخوفاً ،،،
من تلك الليلة اصبح العجوز صديقاً للفتى والفتاة ، رغم انه رجل عنيد ، ولم يكن ليتنازل عن عزلته التي فرضها على نفسه بسهولة ، لكن رضخ أخيرا لرغبة الصغيرين ،،،،،
نظرا الفتى والفتاة لبعضهما وقالت الفتاة للرجل العجوز : نريد أن نطلب منك شيء ياجدي ونأمل ان تحققه لنا ؟؟
نظر اليهما بأرتياب وحيرة وقال : ماذا تريدان ، أن كنت استطيع أن افعله سأفعله على الفور .....
قال الفتى : نريد أن تذهب معنا الى السينما ...
ضحك العجوز وقال : انا اذهب الى السينما وأخرج ، أنني لو اصتدمت بأي شيء ولو صغير في الشارع او أي مكان سوف أنكسر على الفور ....
قالا في نفس الوقت : لا لا تخف سنكون حذرين جدا ، أرجوك أخرج معنا ياجدي أرجوك ....
قال العجوز بكل حزم : لا لا يمكن ....
أمسك العجوز عكازه وتدرج درجات السلم وهو خائف ، كانت انفاسه تتسارع وينظر أسفل قدميه خوفا من أن ينزلق ويقع ، والصغيرين يمسكان بيديه ويقولا له لا تخف نحن معك ....
نظر الى الشارع والناس والسيارات ، واستنشق هواءً جديداً ، لم يستنشقه منذ سنين عديدة ،،،،،
في المركز التجاري ،،،
وقف الرجل الزجاجي وكأن العالم كله يتحرك حوله ، السلالم الكهربائية في كل اتجاه صعوداً وهبوطاً ، حركات الناس السريعة ، الأضواء المبهرة ، الاطفال والشباب يلعبون ويتزلجون على الجليد الصناعي ، الصخب حوله في كل مكان ، حقاً أنه عالم صاخب وغريب لم يراه وكان لم يكن ليراه لولا هاذين الصغيرين ،،،
أحس بالمتعه والسعادة ،،،،
لم يبالي بعظامه الضعيفه الهشه ،،،
حتى لو لم يتبقى للرجل الزجاجي أيام وسنون أخرى ، فيكفيه أحساسه بالسعادة للحظات ، وخروجه أخيراً للعالم الصاخب ،،،،،
سمعا صوت الرجل الزجاجي العجوز في جهاز الهاتف الذي ينادي به البواب دائماً ، كان الرجل يزعق بشدة ويطلب من البواب أن يأتيه بالدواء من الصيدلية والخبز والحليب ، كان البواب غير متواجد ،،،
سمعا الفتى والفتاة صوت الرجل وحاولا ان يكلماه لكنه قد اغلق الخط ،،،
قررا ان يذهبا الى البقال ليشتريا الخبز والحليب ويصعدا الى شقة الرجل ،،،،
العجوز وحيداً ، بعد وفاة زوجته وهجرة ابنه الوحيد للخارج ،،،
مُصاب بالوسواس القهري ومُصاب بمرض هشاشة العظام منذ زمن بعيد ، قالت الفتاه لحبيبها في مرة ان عظامه مثل الزجاج ، لذلك رأي بنظارته المقربة وهو يراقب من شرفته في البارحه ان العجوز قام بأحاطة كل اساس منزله وكل حواف الحوائط بالأسفنج خوفاً ليصتدم بها وتتفتت عظامه ،،،،
لم يخرج منذ سنين ، كان يخشى من العالم الخارجي ويخشى حتى درجات السلم ليقع عليها ،،،،
دقا جرس الباب ، فأذا بالعجوز يتمتم من الداخل بعصبية ، وعندما فتح الباب وجد الفتى والفتاة ، نظرا اليهما بأستغراب وهو خلف الباب وقال : ماذا تريدان ؟؟
قالت الفتاة : انا جارتك يا جدي وقد سمعناك تنادي على البواب وتطلب منه الخبز والحليب ، والبواب غير موجود منذ الصباح ، فذهبت انا وصديقي نشترى لك ماطلبته وجئنا به اليك .....
وقف مستنداً على عكازه ومغلقاً الباب قليلاً وقال : لكني لم أطلب منكما شيئاً ، اذهبا الان وعندما يأتي البواب سيشتري لي ما أحتاجه ...
نظرا الفتى والفتاة الى بعضهما ثم دفعا الباب برفق ، فرجع العجوز الى الخلف خوفاً ليسقط ، ودخلا الى البيت ،،،،
اندهش العجوز وقال : الى اين واخلعا الأحذية ، لم اسمح لكما بعد بالدخول ،،،،
خلعا الفتى والفتاة حذائهما ، وقال الفتى : يا جدي لا تخف سنضع الأشياء في المطبخ ونرحل ، البواب غير موجود وربما انت جائع الان ،،،،
كان المنزل مليء بالساعات في كل ركن من اركانه ، وكل حواف الحوائط والأساس مبطن بالأسفنج ،،،
صورة قديمة على الحائط لسيدة جميلة ، واخرى بجوارها لرجل في زيه العسكري ، وصور كثيرة لطفل صغير ، وهو يركب دراجته ، وصورة اخرى له بين اصدقائه في المدرسة ، وأخرى وهو بين السيدة الجميلة والرجل الذي بالزي العسكري في الصورة الأخرى ،،،
قالت الفتاة للعجوز : من هؤلاء ياجدي ، اعتقد الظابط هو انت ، لكن من تكون السيدة الجميلة وهذا الفتى الوسيم ؟
جلس العجوز على الأريكه وأحس بالاستسلام وقال : هذة زوجتى رحمها الله ، وهذا أبنى عندما كان صغيراً في مثل عمركما ، وهو الان في كندا ،،،
ذهبت الفتاة الى المطبخ كي تضع الحليب في الثلاجة ثم اعداد العشاء ،،،
وجلس الفتى بجوار العجوز وقال : لماذا ياجدي تضع الأسفنج في كل مكان في البيت ؟
فجأة حدث ازعاج رهيب لقد اعلنت الساعات التى تمليء البيت تمام الساعة الثامنة ، فوضع الفتى والفتاة اصابعهما في اذانهما من شدة صوت دقات الساعات ،،،
قال العجوز : انا مُصاب يا ولدي بهشاشة العظام ، فأخاف أن اصتدم بأي شيء صلب ،،،،
جائت الفتاة بطعام العشاء وقالت : هيا ياجدي لقد اعددت لك العشاء ، لابد أن تأكل قبل أن تنام ،،،
قال الفتى : تفضل ياجدي الطعام ، ياجدي لا تخف من الأشياء هكذا ، يمكنك ان تكون حريصاً ، لكن لا تعتزل العالم حتى لا تصبح اكثر هشاشه وخوفاً ،،،
من تلك الليلة اصبح العجوز صديقاً للفتى والفتاة ، رغم انه رجل عنيد ، ولم يكن ليتنازل عن عزلته التي فرضها على نفسه بسهولة ، لكن رضخ أخيرا لرغبة الصغيرين ،،،،،
نظرا الفتى والفتاة لبعضهما وقالت الفتاة للرجل العجوز : نريد أن نطلب منك شيء ياجدي ونأمل ان تحققه لنا ؟؟
نظر اليهما بأرتياب وحيرة وقال : ماذا تريدان ، أن كنت استطيع أن افعله سأفعله على الفور .....
قال الفتى : نريد أن تذهب معنا الى السينما ...
ضحك العجوز وقال : انا اذهب الى السينما وأخرج ، أنني لو اصتدمت بأي شيء ولو صغير في الشارع او أي مكان سوف أنكسر على الفور ....
قالا في نفس الوقت : لا لا تخف سنكون حذرين جدا ، أرجوك أخرج معنا ياجدي أرجوك ....
قال العجوز بكل حزم : لا لا يمكن ....
أمسك العجوز عكازه وتدرج درجات السلم وهو خائف ، كانت انفاسه تتسارع وينظر أسفل قدميه خوفا من أن ينزلق ويقع ، والصغيرين يمسكان بيديه ويقولا له لا تخف نحن معك ....
نظر الى الشارع والناس والسيارات ، واستنشق هواءً جديداً ، لم يستنشقه منذ سنين عديدة ،،،،،
في المركز التجاري ،،،
وقف الرجل الزجاجي وكأن العالم كله يتحرك حوله ، السلالم الكهربائية في كل اتجاه صعوداً وهبوطاً ، حركات الناس السريعة ، الأضواء المبهرة ، الاطفال والشباب يلعبون ويتزلجون على الجليد الصناعي ، الصخب حوله في كل مكان ، حقاً أنه عالم صاخب وغريب لم يراه وكان لم يكن ليراه لولا هاذين الصغيرين ،،،
أحس بالمتعه والسعادة ،،،،
لم يبالي بعظامه الضعيفه الهشه ،،،
حتى لو لم يتبقى للرجل الزجاجي أيام وسنون أخرى ، فيكفيه أحساسه بالسعادة للحظات ، وخروجه أخيراً للعالم الصاخب ،،،،،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللوحة لبول سيزان
هناك 3 تعليقات:
من الجميل الشعور بالاخرين وعطف الصغير على الكبير
جميلة قصتك وجميلٌ معناها تحياتى لقلمك :))
fatima soliman
الف شكر يا فاطمة على تعليقك ومتابعتك
ربنا يخليكي وتحياتي ليكي ،،،
إرسال تعليق