السبت، 26 فبراير 2011

الثورة المضادة " من الداخل والخارج "

تاريخ الثورات في العالم يؤكد بأنها دائما ماتواجه مقاومة وتحديات وهو مايسمى بمفهوم الثورة المضادة ، دائما مايقوم بها المتضررين من التغير او المنتفعين من الأنظمة الديكتاتورية السابقة ،،،
وينقسم هؤلاء المقاومين او الرافضين للثورات الى قسمين ، مقاومين في الداخل وهم دائما من فلول النظام السابق والمنتفعين ماليا وسياسياً من وجود ذلك النظام ،،
والقسم الثاني وهو مرتبط بالمقاومين من الخارج وهم من لهم مصلحة سياسية كبرى مع ذلك النظام والقسمين قد يتساويان في الخطورة على الثورة ،،
وقد يكون بينهما تنسيق وتوحيد للاهداف والأساليب كتبادل الدعم والمعلومات وتحويل الارصدة المالية وماشابه ،،،،

نبدأ أولاً بالمخططات الخارجية لأفشال الثورة ,,,,,

في مقالة مطولة في صحيفة يديعوت احرونوت الأسرائيلة كتب الأعلامي والصحفي الاسرائيلي الشهير " ايتان هاربر " بعنوان دموعي على مبارك : أن الرئيس المصرى السابق حسنى مبارك شخصية لا تعوض، وأن الشعب المصرى أخطأ خطاً فادحاً عندما تسرع وأصر على الإطاحة بمبارك الذى كان يحكم مصر منذ 30 عاما، مبررا ذلك بأن مبارك كان الحائط المنيع الأخير الذى يقف فى وجه انتشار الإرهاب والتطرف والإسلام الراديكالى بمنطقة الشرق الأوسط ،،،،،
ثم استكمل ايتان مقالته : مبارك كان "طاغية"، ولكنه كان رئيساً شديد الولاء لإسرائيل وللولايات المتحدة الأمريكية التى ساعدت شعبه فى زلزلة عرشه، كما أنه كان متعاون مع إسرائيل وحافظ على معاهدة السلام، وفتح قصره بترحاب وكرم لقادة إسرائيل، ويصدر لنا الغاز المصرى الجيد بـ "ثمن بخس"، حتى أنه شارك فى جنازة رئيس الوزراء الإسرائيلى المغتال إسحاق رابين ،،،
أما الوزير الأشهر والنائب العمالي واكثر القادة الاسرائيلين قرباً من مبارك وصديقاً شخصياً  "بنيامين بن اليعازر "  فقد قال في حديث للتلفزيون الاسرائيلي يوم جمعة التنحي : مبارك رئيس لا يعوض وقدم خدمات كبيرة لبلاده لمدة 61 عاماً، ولكن فى النهاية الجميع تخلوا عنه فى مصر، واضطروه إلى قرار التنحى الذى اتخذه فى محاولة أخيرة للخروج من السلطة "بشكل مشرف.." ،،،
بالمناسبة بن اليعازر هو قائد وحدة شكيد الاسرائيليه للمشاه في سيناء عام 1967 وقد أشرف بنفسه على اعدام العشرات من الاسرى المصرين بدم بارد وهذة الحادثه موثقه ،،،
هذة الجٌمل المقتطفه من الأعلام الاسرائيلي توصف مدى حرص اسرائيل على الأبقاء على نظام مبارك لأنه اكبر حليف استراتيجي لها وصمام الأمان للجبهة الجنوبية الاسرائيليه ، وعند سقوط مبارك بالتالي سيسعون بكل قوة للوصول الى صنع حالة من عدم الأستقرار في مصر من أجل انشاء نظام جديد موالي لهم ويحقق على الأقل الحد الأدني من الدعم الذى كان يحققه مبارك لهم ، سيسعون الى عدم وجود مناخ ديمقراطي حر ينشأ عن رغبة الشارع المصري الذي من اولوياته عدم التطبيع مع الكيان الاسرائيلي ووجود مواقف مشرفه وداعمة للقضية الفلسطينيه ،،،،
اسرائيل تراقب بقلق وحذر مايحدث في مصر وبالطبع لا تكتفي بالمراقبة بل انها بالتأكيد تتدخل في الخفاء بالتعاون مع حلفائها من النظام والحزب الوطني ، وهذا مادأبت دائما على ممارسته في مصر ،،،
في محاضرة في شهر سبتمبر 2008  بتل أبيب القاها وزير الأمن الداخلي الاسرائيلي أفي ديختر : قد ركز على نقطتين  " أن من مصلحة إسرائيل الحفاظ على الوضع في مصر بعد رحيل الرئيس مبارك، ومواجهة أي تطورات لا تحمد عقباها، بمعنى حدوث تحولات مناقضة للتقديرات الإسرائيلية، الثانية أنه مهما كانت الظروف فإن انسحاب مصر من اتفاقية السلام وعودتها إلى خط المواجهة مع إسرائيل يعد خطا أحمر، لا يمكن لأي حكومة إسرائيلية أن تسمح بتجاوزه، وهى ستجد نفسها مرغمة على مواجهة هذا الموقف بكل الوسائل .
 اعتبر الرجل أن العلاقات بين إسرائيل ونظام الرئيس مبارك أكثر من طبيعية 
أضاف ديختر في محاضرته : "  إسرائيل تعلمت دروسا لا تنسى من حرب عام 1967، لذلك فإن سيناء أصبحت مجردة من السلاح ومن المحظور على الجيش المصري الانتشار فيها، وتلك هي الضمانة الأقوى لاحتواء أي تهديد افتراضي من جانب مصر، إسرائيل لن تتخلى تحت أي ظرف عن تمسكها بتجريد سيناء من السلاح، مضيفا أن مصر حين طلبت إدخال 600 من أفراد الشرطة -حرس الحدود والأمن المركزي- للتمركز على حدود قطاع غزة، فإن الطلب دُرس دراسة مستضيفة من جانب الطاقم الأمني، ومرت الموافقة عليه بمخاض عسير داخل الحكومة " 
                          أفي ديختر وزير الامن الداخلي الاسرائيلي السابق
كل هذا يجعلنا في وضع ان الثورة في مواجهة داخليه وخارجية ، وكيف جعلت الثورة اسرائيل نفسها في مأزق تبحث بكل قوة عن كيفية الخروج منه ،،،،


ثانيا المخطات الداخلية لأفشال الثورة ,,,,,


مازال النظام يتحرك بجسده وربما حتى برأسه للعودة للمربع رقم واحد او المناورة والألتفاف رغم بعض الانجازات التي تحققت ، الا أنها هي الحد الأدني لمتطلبات الشعب والتي من أجلها استشهد المئات من الشباب ،،،،
لم تحدث محاكمة فعلية للرئيس وعائلته رغم طلب الحكومة بتجميد ارصدتهم ، فلماذا لا يقدمونهم للمحاكمة ،،،
محاكمة جهاز امن الدولة وعلى رأسه حبيب العادلي بتهم القتل العمد والشروع في القتل والخيانة العظمي بسحب قوات الشرطه من جميع المدن المصرية ، أنهم فقط يحاكمون حبيب العادلي على تهمة اهدار المال العام وكأن المال العام أهم من دماء المصرين !! 
خلق الفتن الطائفية بتخطيط من أمن الدولة نفسه ونشر شائعات المساس بالمادة الثانية من الدستور الخاصه بهوية مصر الأسلامية ،،،

خلق فتنة بين المصرين جميعهم وظهور دعوات التكفير مرة اخرى بوصف الأحزاب المدنية بأنها علمانية وكافرة وكأنهم يريدون أن نعود للعصر الدموي أواخر الثمانينات وبداية التسعينيات ، يتمثل هذا بأنتشار الأخوة السلفين الذين حرموا المظاهرات والخروج على الحاكم ووصف التظاهر بالفتنة ، وبعد رحيل مبارك قالوا سقط الطاغية ونبدأ الان العمل السياسي ووصفهم لكل الاحزاب المدنية بالعلمانية والكافرة ، تحت شعار " لا مدنية ولا علمانية " واحد الشعارات " يكذبون عليكم بأن الدولة المدنية هي عكس عسكرية لكن المدنية هي الدولة التي لا دين لها وكافره " ،،،
وضع الجماعات السلفية في مواجهه مباشرة مع الاخوان المسلمين وتزكية الخلافات الفكرية والمنهجية وهذا خطير جدا للاسف ،،،
ليس لي اعتراض على عمل الأخوة السلفيين بالسياسه والدعوه وأن ننتفع بعلمهم الجليل ، لكن اعتراضي أن يكون بتوجيه وأرشاد من جهاز أمن الدولة ،،،،
الغرض من كل هذا هو صنع حالة من الفوضى العارمه تضع الشعب أمام خيارين أما النظام السابق وأما الفوضى ، وتضع مصر أمام العالم بأن مصر ستكون حماس وايران والفزاعه الأسلامية المعتاده ،،،،
كل ماسبق يؤكد ما تواجهه الثورة من مقاومة شرسه سواء في الداخل او من الخارج ,,,,,,,,



الأحد، 20 فبراير 2011

الثورة مابين أشكالية الأحتفال والاستمرار

واهم من يظن ان نجاح الثورة يتمثل فقط في سقوط رأس النظام وأبعاده عن الحياة السياسية ، رغم أنه نجاح بالفعل لكنه ماهو الا بداية خطوات الأصلاح ، وأنتصار رمزي ومعنوي على رمز النظام فقط ،،،
لكن المؤكد أن الرأس قد قُطع لكن مازال الجسد يتحرك ويتشبث ويدافع ، بل أنه يُعيد استنساخ نفسه ليطل علينا برأس جديد واقنعه جديدة ، تحت مايسمى بالثورة المضاده ،،،،
لم يكن خروج الملاين واستشهاد العشرات بل المئات من اجل رحيل رجل فقط يجلس الان يستجم او قد يكون حزينا او ياخد الدواء او لا يأخذ الدواء ، فهذا ليس الهدف الأكبر لكنه البداية فقط ،،،،
الحكومة الحالية او حتى المجلس العسكري يقوم بمبدأ رد الفعل وهذا في حد ذاته ميوعة في القرارات واستحقاقات الثورة المطلوبه منهم ، بمعنى كان الأولى القيام بحزمة قرارات ومتطلبات الثورة منذ البداية ، ليس في شكل خطوات وكل خطوة سنرى ان كان الشعب سيرضى أم لا ....
بدئاً من .. خطاب مكنتش ناوي أترشح ثم تغير الحكومة ، سنقوم بتعديل الدستور ولا نية لحل المجلس ، تعين نائب ، تفويض صلاحيات للنائب ، ثم التخلي عن المنصب ،،،
استمرت الحكومة التي عُينت من الأصل على يد الرجل المتنحي في تلك الطريقة ، تعديل وزاري أخر منتظر وقبله قرار  حل مجلسي الشعب والشورى وعد بألغاء قانون الطواريء وملاحقة بعض كباش الفداء ،،،
لكن السؤال الأهم ؟
لماذا لم يطلب المجلس العسكري من الحكومات الاجنبيه والخليجيه بتجميد ارصدة مبارك وعائلته ؟؟
ماذا يفعل زكريا عزمي في القصر الجمهوري ولماذا لم تُجمد ارصدته ؟
ما سبب وجود صفوت الشريف وفتحي سرور في المجلسين المنحلين وبأي صفه ولماذا تم مصادرة بعض المستندات التي كانت بحوزتهما من قبل الشرطه العسكرية وما مصير باقي المستندات ، ولماذا ايضاً لم يتم الكشف عن ارصدتهما وتجميدهما ؟؟
ماسر الحركه الدئوبه مابين القصر الجمهوري وشرم الشيخ وبأي صفه هؤلاء مازالوا بالقصر ؟
لماذا لا يتم فتح تحقيقات بخصوص ميزانيات رئاسة الجمهورية وسيطرة الرئاسه على عائدات قناة السويس ؟؟
لماذا لم يتم الأعلان عن ملاحقة وتجميد ارصدة منير ثابت الأخ الشقيق لسوزان وحسين سالم الصديق المقرب للرجل المخلوع والمتصرف في ثروة مصر القومية من الغاز الطبيعي بدون وجه حق ؟؟
لماذا لا يتم الأفراج عن المعتقلين السياسين المقدرين حسب تقديرات اولية بحوالي خمسة عشر الف معتقل تحت مسمى قانون الطواريء والمحاكم العسكرية ؟؟
مازال النظام يدافع عن وجوده ويختبيء تارة ويظهر اخرى ويناور ويقاوم ويحاول أن يستنسخ نفسه ،،،
وهنا الأشكالية مابين الاحتفال وهى بنا نعود لقد سقط رأس النظام ونكتفي بهذا القدر ، ومابين الوعى والترقب والانتظار وتوجيه رسائل متعدده الى النظام وفلوله أن الشعب اصبح الان يراقب ويعي مايحدث وسيقرر ان كان يوافق على اجرائات وغيرها أم يرفض ،،،
لن يتم بناء وزراعه في تربة فاسدة وعفنه ، فكيف أبدأ بالبناء والزراعه بدون تنظيف تربتي من الأفات والحشرات ثم تجهيزها لأرمي فيها بذور الخير المنتظر ، واضع فيها أساس بيتي القوي !!
خطأ من يحتفل الان وواهم من ظن أن كل شيء انتهى ..
مازال أمامنا الكثير فنحن فقط على أول درجات السلم ,,,,,




الأربعاء، 16 فبراير 2011

حكاية من الميدان " رومانسية الثورة "

كانت الثورة او هدف التغير في حد ذاته خيال بعيد المنال عند بعض الشباب ، ورومانسية مفرطه ان يتخيل شاب مننا انه يقف في ميدان التحرير تحت سماء القاهرة وفي شتائها البارد ممسكاً بعلم بلده ويقول لقد انتصرت الان وحققت أول خطوة واصعب الخطوات على طريق التغير ،،،
لو فضفض أحد منا بتلك الخيالات الى صديقه لقال ياااه انه حلمٌ جميل ليته يتحقق ، أو ربما ضحك أخر وقال كفى هراء هذا لن يحدث ولو بعد قرن ان الشعب لم ولن يثور أبدا ،،،،
لكنها تحققت واصبح ماكان بالأمس خيالاً وأحلام ، أصبح الأن واقع ملموس في أياماً معدودات لم تتعدى الثلاثة أسابيع ،،،،
أنها ثورة رومانسية ونبيلة لم تماثلها أي ثورة في العصر الحديث سواء في أوروبا أو اميركا اللاتينيه ، تلك الثورات المفعمه بالعنف والدموية الشديدة ،،،
ثورتنا كانت أشبه بالملحمة الشعبية ، لوحة فنية ، قصيدة شعر ، لحن مصري جميل ،،،،
محاور الثورة الأكثر أهمية :

 
كانت أولاً في السويس التي من دونها لم تكن الثورة لتستمر أكثر من يوم الثلاثاء الخامس والعشرون من يناير ،،،
سقوط ثلاثة شهداء في أول أيام الثورة بالسويس كان هذا هو الفتيل الحقيقي لتلك الثورة ،،،،
غباء النظام البائد ساعد على ذلك ، فهو لم يتعلم ماحدث في تونس أن مايزيد الأحتقان هو سفك الدماء ، فتفنن جهاز الأمن في السويس في سفك دماء الشباب واستفزاز الأهالي بعدم السماح بدفن الشهداء ، مما تسبب في حالة من الغليان ،،،،
فخرجت السويس كلها عن بكرة أبيها انتقاماً لسقوط أبنائها وكلما سقط شهيد جديد تأججت مشاعرهم للخروج ومحاصرة قمع وفساد جهاز الأمن ،،،،
كان الأربعين وشارع الجيش والأسعاف والشهداء ، أشبه بحرب الشوارع وخرجت قوات الأمن مذعورة رغم التعزيزات الأمنية التي كانت تأتي من جميع مدن القناة ، السويس رسمت لوحة ملحمية في الصمود ضد الظلم والقمع ،،،،

من السويس الى الأسكندرية ،،،،

الأسكندرية صاحبة التنوع الثقافي الفريد في مصر ، شهدت أكبر المواجهات واكثر المدن التي سقط فيها شهداء للثورة ،،،،
الأسكندرية كانت اكثر المدن احتقاناً ضد النظام فهي من شهدت سقوط الشاب خالد سعيد أحد ايقونات تلك الثورة وحادث تفجير كنيسة القيدسين وغضب الأخوة المسيحين واتهام وزارة الداخلية بالتقصير والأشارة بأصبع الأتهام الى أجهزة الأمن نفسها ، وأخيراً مقتل الشاب سيد بلال من التعذيب على يد اجهزة الأمن ،،،
الأسكندرية هي أكبر معاقل التيارات الأسلاميةالمختلفة في مصر ومعقل الكنيسة المرقصية غير الطوائف الشعبية العادية والكل العلاقة متوترة بينه وبين النظام ، فكان خط المواجهات في الاسكندرية ممتداً وعنيفاً من المنشية ومسجد القائد ابراهيم الى سيدي جابر وشارع 45 وسيدي بشر وصولا لأبو قير ،
يوم الجمعه الثامن والعشرين من يناير اختفت اجهزة الامن بكل فئاتها سواء الشرطه أو الشرطه السرية أو البلطجية من بعد العصر ، بل كان الأهالي يتحفظون عليهم ويأمنوهم في البنايات ونادي الأتحاد السكندري ،،،

من الأسكندرية الى ميدان التحرير وعبد المنعم رياض ،،،

رمز الثورة وأيقونتها الكبرى ، قبلة الثوار في مصر والميدان الذي أسقط النظام في فترة قياسية ،،،
رومانسية الثورة تجسدت في ذلك الميدان ،،،
رغم ماتعرض له الشبان من قتل بكل أنواع الطرق سواء الرصاص الحي والمولتوف والسيوف لكنهم أبقوا على شعارهم سلمية سلمية ،،،،
حتى وهم معتصمين والبلطجية يرجموهم بالحجارة فمنهم من ينادي أنها سلمية ولن نرد الحجارة بالحجارة ولا السباب بالسباب ، بل كانوا يصفقون لهم ،،،
رغم ماتعرضوا له من كل الأساليب القذرة الا انهم صمدوا وأصروا على هدفهم الذي دفعوا الدماء من أجله وظلوا معتصمين في العراء من أجله ،،،
حتى عجز النظام ونفدت حيله أمام هذا الصمود المثالي والنبيل ،،،
مصر كلها توحدت في ذلك الميدان ، عامل وفلاح وطبيب وشاب وفتاة ، مسلم ومسيحي ، كهل وأمراة ،،،
جرافيتي مصري رائع لم يتكرر في أي بقعه في العالم ،،،
شيوخ يلقون بالمواعظ والخُطب ، شباب يلقون بقصائد الشعر ، سيدات وفتيات يوزعون الطعام ، فنانون يرسمون بلوحات مختلفه توثق يوميات الثورة ، وهذا يمسك بعوده ويعزف الحان الشيخ امام وسيد درويش ،،،
شباب من جميع الطوائف السياسية ، أخوان مسلمون  ، يسارين ، ناصرين ، ليبرالين وعلمانين ، اناس ليس لهم أي انتمائات سياسيه ، كل هؤلاء امتزجوا مع بعضهم البعض فخرج ميدان التحرير الذي رأيناه ،،،
لو نظرنا لميادين الثورة المصريه من أعلى لشاهدنا ذلك المشهد الرومانسي للثورة المصرية ،،،
الثورة مازالت وليدة وفي اولى خطواتها ومازال أمامها الكثير لتنجزه ،،
المهم أن نتمسك بأخلاقياتها ونلتحم ببعضنا البعض ونشرع في بناء مصر الجديدة
,,,,,,,

السبت، 12 فبراير 2011

حكاية من الميدان ( الفتى الأسمر النحيل )

يجلس وحيداً في احدى زوايا ميدان التحرير الفسيح ، يضع عبوات المناديل الورقية أمامه منتظراً احد الماره أن يشتري منه عبوة أو اثنين حتى يستطيع بثمنها ان يسد جوعه ،،،
أحساس بالوحده في هذا الميدان الفسيح وكلما نظر حوله الى الوجوه الجامده البارده يحس اكثر بالتضائل والوحده ،،،
أنه طفل مصري صغير ، اسمر الوجه ونحيف ، نشأ وحيداً لا يدري اين ابوه واين أمه ، هل له أخوه وعائلة أم لا ،،،
انفاق محطات المترو وجدران الأكشاك والمتاجر هي بيته ، ميدان التحرير الفسيح هو مدينته الواسعه الذي مازال يتسع عليه وهو يتضائل داخله ،،،
اشكال وانواع من البشر ، الغني والفقير ، الشاب والفتاه ، الكهل والطفل ، كلهم يمرون عليه ويدورون حوله ولا يبالون به ،،،
الشتاء قارسٌ عليه هذا العام ، يبحث في عيون الجميع عن الدفء والأمان والأحساس بالغد البعيد ،،،
مازال الميدان الفسيح يزداد اتساعاً ، وهو يتضائل ويتضائل داخله ،،،،
في ذلك اليوم أستيقظ في الصباح ، لم يكن مثل أي صباح أطلت عليه شمسه من قبل ،،،
أحس بشمس حنونه تداعب وجنتيه تتسلل اليه من خلف أحد القضبان المحيطه بمدخل من مداخل محطات المترو ،،،
هواء ورياح ناعمه ، تلامس بشرته السمراء فكانت برداً وسلاماً ،،،
ما أعجب هذا اليوم ، لماذا تحنو عليه الطبيعه بهذا السخاء ،،،
خرج الى ساحة الميدان ، وجوه الاخرين متبدله الى حد ما ، خاليه من القسوة والجمود ،،،
أنه صباح يوم الخامس والعشرون من يناير !!
بدأ الميدان يعج بأناس لطفاء يبتسمون أليه ويشترون منه عبوات المناديل بكثرة حتى نفدت منه فأشتري غيرها من تاجر الجمله حتي يبيع ويكسب ،،،
الميدان يزداد ازدحاماً ، كأنهم يهبطون من السماء ومن كل النواحي ،،،
تُري من يكون هؤلاء القوم ولماذا يزدادون ويلتفون حوله ،،،
اخذ يقفز بينهم بخفة ويبيع اليهم عبوات المناديل والحلوى ، والجميع يشترون منه ،،،
الميدان يزداد ضيقاً عليه ، والطفل الصغير يزداد أحساسه بالأمان ،،،،
بدأ الجميع يهتفون هتافات الحرية ومحاكمة الفساد واسقاط النظام ،،،
لم ينتبه لمعاني تلك الهتافات أنه لم يعتاد عليها من الأصل ، لكنها هتافات مجلجله اهتز لها قلبه ، فأخذ يهتف بينهم ،،،
في المقابل بدأت تظهر وجوه غليظه وشرسه ، أنه يعرفها جيداً ، منهم ذلك الشرطي الذي دائما يعتدي عليه بالضرب وكثيراً ما يأخذ منه نقوده ، وتارة يهدده بالحبس والاعتقال ،،،
دقات قلبه تزداد تسارعا خوفاً ، اقتربت منهم تلك السيارات المصفحه المرعبه ، عليها أشخاص يخفون وجوههم تحت دروع معدنيه ثقيلة وقاسية ،،،
أشخاص يلبسون السواد ، صيحاتهم كأنها طبول الحرب ،،،
يقف بين جبهتين ، أين يذهب ، يختبيء ، أم  يحتمي بين الأناس اللطفاء الذين ابتسموا في وجه أبتسامه لم يشهدها من قبل ،،،
تحرك خوفاً من تلك المصفحات القاسية من أن تدهس جسمه النحيل ووقف بجوار عائلته الجديده ،،،،
هتافات الحرية ترتفع الى عنان السماء وتتردد في جنبات الميدان من المجمع الى المتحف ومن الجامعة الأمريكيه الى ناصية طلعت حرب وعبد المنعم رياض ،،،
هتافات الحرية في مواجهة قنابل الدخان والرصاص المطاطي والرصاص الحي ،،،،
يهتز قلب الفتى النحيل ويبكي خوفاً ،،،
سيارات مصفحة عمياء تدهس الناس ، لا تفرق بين طفل وكبير ،،
رصاصات تأتي من كل مكان تصيب في طريقها كل شيء ،،،
أُصيب الطفل الصغير في رأسه وفقد وعيه وغمضت عيناه ،،،،
حملته أحدى الفتيات وهو ينزف دماً ، قطرات دمه تختلط مع دماء العديد من الشباب والشهداء التي روت ارض ذلك الميدان الفسيح ،،،
أصبح الفتى في حضن عائلة تتجاوز الألاف ،،،،
 استيقظ من غيبوبته فوجد له أمهات كُثر وأباء واخوة،،،،
لم يعد يبيت لياليه وحيداً في جنبات الميدان وينزوي في احد أركانه ،،
الميدان لم يعد حتى يستوعب عائلات اخرى تريد أن تسكن ذلك البيت الكبير المسمى بميدان التحرير ،،،
الفتى وقف يدافع مع اهله عن البيت ضد البلطجية ،،،،
الفتى يغني ويرقص ويرسم  مع أخوته الجدد ،،،
الفتى يصلي ويبسط يديه مع الاف المصلين ،،،
الفتى يرنم مع اخوته المسيحين ترانيم الحرية والسلام ،،،
الفتى الأسمر النحيل يرفع علم مصر عاليا فوق احدى دبابات الجيش ،،،
الان يحتفل بغيث امطار الحرية مع سقوط النظام الذي ساهم في أن يصبح يتيما ووحيداً في مصر الكبيرة عليه ،،،،
الان اصبح له الحق يحلم بغداً افضل لا تُهدر فيه كرامته وانسانيته ،،،
الميدان يحتضنه ويزداد حنانا عليه ، وهو ينعم الان بين عائلته الكبيرة ,,,,,

الأربعاء، 9 فبراير 2011

يا مصر قومي وشدي الحيل



كنت قد كتبت اني متوقف عن التدوين والكتابة لحين انتصار ثورتنا ، ثورة شباب مصر العظيم ،،،،
توقفت عن التدوين لحين النصر وحتى يرتاح شهدائنا وجرحانا ولن يرتاحوا غير بالنصر ومحاكمة كل من اشترك أو امر او علم بأراقة قطرة دم واحده من دمائهم الزكيه الطاهرة ،،،
لكن مادفعني للكتابه الان شيء واحد هو أن مصر محتاجه لكل ابنائها الان ، وعسى كلماتي المتواضعه تصل حتى لشاب واحد او فتاة ،،،
خوفي على الثورة من شعب الثورة نفسه قبل خوفي من مبارك او سليمان او غيرهم ،،،،
اكبر خطر على هذة الثورة المباركه هو البعض من الشعب نفسه الذي يرى ان نجاح الثورة هو انهاء الثورة ، ويالا العجب من هذا المنطق ،،،
نظام ظل يخدعهم ثلاثون عاماً ، فصدقوه الان بل ووثقوا به لسبع شهور قادمه ،،
تنحي مبارك هو نجاح معنوي لتلك الثورة ، وعبرة لأي حاكم ظالم تسول له نفسه العبث بهذا الشعب ،،،
تنحي مبارك وازاحته هو مطلب فوري وحتمي لسقوط شرعية من هو ابشع من مبارك وهو نائبه عمر سليمان ، مهندس العلاقات المصرية الاسرائيليه وهو من يوصل الغاز لكل مواطن اسرائيلي في منزله ، وهو المهندس الاول لحصار اخوتنا في فلسطين ،،،
بقاء مبارك سيكون بمثابة توطيد ركائز الحكم والسيطرة لذلك الرجل العسكري الشرس ، وسننتقل من اسرة فرعونيه الى اسرة فرعونية اشد ظلماً وقمعاً ،،،،
من يخشى من الفوضى وجدالات الدستور السفسطائية ، فتلك هي الفزاعة التي يصدرها ذلك النظام لشعبه ، بمعني أما نحن وأما الفوضى والترويع ، وذلك ماحدث يوم جمعة الغضب ، عندما اختفى جهاز الشرطه العميل وظهر بدلاً منه في دقائق البلطجية والمساجين وافراد الشرطة السرية لينقضوا على ذلك الشعب وترويعه ، فأي هذا الحاكم الذي يروع شعبه ويرهبه ، فلم يكفيه ترويع وفساد لمدة ثلاثون عاماً ، فظل يروع فيه ويرهبه حتى انفاسه الاخيرة ،،،،
فات الكثير وبقى القليل ان شاء الله حتى يشرق فجرٌ جديد على تلك الامة جمعاء وليس مصر فقط ، اشد لحظات الليل سواداً وحلكة هي ماقبل بزوغ الفجر مباشرة ، سيكون هذا الفجر بأيدينا نحن بأيد هذا الجيل العظيم من الشباب ،،،
مع شروق شمس الحرية والكرامة وانحصار ليل الظلم والذل والفساد ، سنبدأ سوياً ان شاء الله بناء وطن ومستقبل جديد لنا وابنائنا ،،،،
بسم الله الرحمن الرحيم 
"ولكم في القصاص حياة يا أولى الألباب لعلكم تتقون " 
صدق الله العظيم 
أنما نحن نريد القصاص لكل مامضى ،،
ونريد الحياة والكرامة والحرية لما هو أتي ،،
بعد انتصارنا ان شاء الله سأدون ملاحم وبطولات تلك الثورة ،،
واخيراً ......
يامصر قومي وشدي الحيل ،،
كل اللي تتمنيه عندي ،،
لا القهر يطويني ولا الليل ،،
يامصر لسه عددنا كتير لا تجزعي من بأس الغير ،،
يامصر ملو قلوبنا الخير وحلمنا ورد مندي ،،