الأربعاء، 16 فبراير 2011

حكاية من الميدان " رومانسية الثورة "

كانت الثورة او هدف التغير في حد ذاته خيال بعيد المنال عند بعض الشباب ، ورومانسية مفرطه ان يتخيل شاب مننا انه يقف في ميدان التحرير تحت سماء القاهرة وفي شتائها البارد ممسكاً بعلم بلده ويقول لقد انتصرت الان وحققت أول خطوة واصعب الخطوات على طريق التغير ،،،
لو فضفض أحد منا بتلك الخيالات الى صديقه لقال ياااه انه حلمٌ جميل ليته يتحقق ، أو ربما ضحك أخر وقال كفى هراء هذا لن يحدث ولو بعد قرن ان الشعب لم ولن يثور أبدا ،،،،
لكنها تحققت واصبح ماكان بالأمس خيالاً وأحلام ، أصبح الأن واقع ملموس في أياماً معدودات لم تتعدى الثلاثة أسابيع ،،،،
أنها ثورة رومانسية ونبيلة لم تماثلها أي ثورة في العصر الحديث سواء في أوروبا أو اميركا اللاتينيه ، تلك الثورات المفعمه بالعنف والدموية الشديدة ،،،
ثورتنا كانت أشبه بالملحمة الشعبية ، لوحة فنية ، قصيدة شعر ، لحن مصري جميل ،،،،
محاور الثورة الأكثر أهمية :

 
كانت أولاً في السويس التي من دونها لم تكن الثورة لتستمر أكثر من يوم الثلاثاء الخامس والعشرون من يناير ،،،
سقوط ثلاثة شهداء في أول أيام الثورة بالسويس كان هذا هو الفتيل الحقيقي لتلك الثورة ،،،،
غباء النظام البائد ساعد على ذلك ، فهو لم يتعلم ماحدث في تونس أن مايزيد الأحتقان هو سفك الدماء ، فتفنن جهاز الأمن في السويس في سفك دماء الشباب واستفزاز الأهالي بعدم السماح بدفن الشهداء ، مما تسبب في حالة من الغليان ،،،،
فخرجت السويس كلها عن بكرة أبيها انتقاماً لسقوط أبنائها وكلما سقط شهيد جديد تأججت مشاعرهم للخروج ومحاصرة قمع وفساد جهاز الأمن ،،،،
كان الأربعين وشارع الجيش والأسعاف والشهداء ، أشبه بحرب الشوارع وخرجت قوات الأمن مذعورة رغم التعزيزات الأمنية التي كانت تأتي من جميع مدن القناة ، السويس رسمت لوحة ملحمية في الصمود ضد الظلم والقمع ،،،،

من السويس الى الأسكندرية ،،،،

الأسكندرية صاحبة التنوع الثقافي الفريد في مصر ، شهدت أكبر المواجهات واكثر المدن التي سقط فيها شهداء للثورة ،،،،
الأسكندرية كانت اكثر المدن احتقاناً ضد النظام فهي من شهدت سقوط الشاب خالد سعيد أحد ايقونات تلك الثورة وحادث تفجير كنيسة القيدسين وغضب الأخوة المسيحين واتهام وزارة الداخلية بالتقصير والأشارة بأصبع الأتهام الى أجهزة الأمن نفسها ، وأخيراً مقتل الشاب سيد بلال من التعذيب على يد اجهزة الأمن ،،،
الأسكندرية هي أكبر معاقل التيارات الأسلاميةالمختلفة في مصر ومعقل الكنيسة المرقصية غير الطوائف الشعبية العادية والكل العلاقة متوترة بينه وبين النظام ، فكان خط المواجهات في الاسكندرية ممتداً وعنيفاً من المنشية ومسجد القائد ابراهيم الى سيدي جابر وشارع 45 وسيدي بشر وصولا لأبو قير ،
يوم الجمعه الثامن والعشرين من يناير اختفت اجهزة الامن بكل فئاتها سواء الشرطه أو الشرطه السرية أو البلطجية من بعد العصر ، بل كان الأهالي يتحفظون عليهم ويأمنوهم في البنايات ونادي الأتحاد السكندري ،،،

من الأسكندرية الى ميدان التحرير وعبد المنعم رياض ،،،

رمز الثورة وأيقونتها الكبرى ، قبلة الثوار في مصر والميدان الذي أسقط النظام في فترة قياسية ،،،
رومانسية الثورة تجسدت في ذلك الميدان ،،،
رغم ماتعرض له الشبان من قتل بكل أنواع الطرق سواء الرصاص الحي والمولتوف والسيوف لكنهم أبقوا على شعارهم سلمية سلمية ،،،،
حتى وهم معتصمين والبلطجية يرجموهم بالحجارة فمنهم من ينادي أنها سلمية ولن نرد الحجارة بالحجارة ولا السباب بالسباب ، بل كانوا يصفقون لهم ،،،
رغم ماتعرضوا له من كل الأساليب القذرة الا انهم صمدوا وأصروا على هدفهم الذي دفعوا الدماء من أجله وظلوا معتصمين في العراء من أجله ،،،
حتى عجز النظام ونفدت حيله أمام هذا الصمود المثالي والنبيل ،،،
مصر كلها توحدت في ذلك الميدان ، عامل وفلاح وطبيب وشاب وفتاة ، مسلم ومسيحي ، كهل وأمراة ،،،
جرافيتي مصري رائع لم يتكرر في أي بقعه في العالم ،،،
شيوخ يلقون بالمواعظ والخُطب ، شباب يلقون بقصائد الشعر ، سيدات وفتيات يوزعون الطعام ، فنانون يرسمون بلوحات مختلفه توثق يوميات الثورة ، وهذا يمسك بعوده ويعزف الحان الشيخ امام وسيد درويش ،،،
شباب من جميع الطوائف السياسية ، أخوان مسلمون  ، يسارين ، ناصرين ، ليبرالين وعلمانين ، اناس ليس لهم أي انتمائات سياسيه ، كل هؤلاء امتزجوا مع بعضهم البعض فخرج ميدان التحرير الذي رأيناه ،،،
لو نظرنا لميادين الثورة المصريه من أعلى لشاهدنا ذلك المشهد الرومانسي للثورة المصرية ،،،
الثورة مازالت وليدة وفي اولى خطواتها ومازال أمامها الكثير لتنجزه ،،
المهم أن نتمسك بأخلاقياتها ونلتحم ببعضنا البعض ونشرع في بناء مصر الجديدة
,,,,,,,

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

من الواضح انك لم تقرأ الخبر الذى ارسلته لك مسبقا الخاص بحبيب العادلى ويؤسفنى ان اعتقد بوجود جسر للحوار مع الطرف الاخر فى حين ان الجسر وهمى وان الحوار لم يكن متبادل بين الطرفين