الأحد، 4 ديسمبر 2011

أنتصار روح



صعد درجات السلم بصعوبة ووهن ، لم يعد حتى عُكازه يساعده على تحمل الألم ، دقات قلبه تتباطيء ، ويديه ترتعشان ،،
جلس على أخر درجات السلم بجوار باب شقته واضعاً عُكازه بجواره ملقى على الأرض ، استعاد توازنه وبدأ قلبه يعود الى طبيعته ،،،،
أخرج مفتاح شقته ووقف كي يفتح الباب ثم انتظر قليلاً  ، لا يوجد في الداخل سوى الوحدة ، زوجته ماتت منذ ست سنوات وابنه وابنته تزوجوا وهاجروا الى كندا ، وأصبح هو وحيداً يُحادث التلفاز ويستمع الى الراديو ، يلتهم الجرائد ويجلس طيلة النهار في المقهى ،،،
وضع مفتاح شقته في جيبه وأنحنى ليمسك عُكازه وهبط الى الشارع ،،،
خرج الى الشارع ، مزيج من صوت السيارات والمارة وثرثرة الزبائن في المقهى وأغنية لأم كلثوم تأتي من مذياع ليس ببعيد ،،،
نادي على صبي المقهى وطلب منه أن يأتيه بكرسي يجلس عليه ،،،،
جلس على الكرسي واضعاً يديه ورأسه على العكاز ، تذكر مرضه ووحدته ،،،،
أصبح المرض كبرزخ بين الأمس واليوم ، الماضي والحاضر ، اللحظة الفارقة بين الضوء والظلام ، مهزوماً أمام اتحاد الوحدة والمرض ، لا يتضامن معه سوى عُكازه ،،،،،
انتشله من ظُلمات التفكير صوت الفتى يناديه بأن التاكسي وصل ،،
جلس بجوار السائق وقال له : اطلع على سيدنا الحسين .......
توقف السائق فجأة وقال : صعب ياحج المظاهرات قافله شوارع وسط البلد .....
نظر من الشباك وبعد تفكير قال : طيب اطلع على اقرب شارع لميدان التحرير .....
أعاد السائق تشغيل سيارته وقال : توكلنا على الله .....
الزحام خانق ، وراديو السيارة يُطرق عقله بموسيقي صاخبة ، الى جانب ثرثرة على فترات من جانب السائق يرد عليها بكلمات قليلة ، ثم ينظر من الشباك فتدور عينيه في دوامة البشر اللامتناهية ،،،،،،
توقف السائق واخبره ان هنا اقرب مكان لميدان التحرير ، ثم ابتسم السائق وقال : خلي بالك من نفسك بقى ........
كانت رائحة الغازات المسيلة للدموع تنبعث من الشوارع المحيطه بالميدان وأصوات سيارات الأسعاف لا تتوقف ، أحس يالخوف والتردد لكنه أستكمل سيره يسنده عُكازه ،،،
الميدان ككعبة يطوف حولها المتظاهرون ينشدون اناشيد الحرية ،،،،
وصل الى احد الخيام المُقامة في الميدان وجلس بجوار أحدى الفتيات ، كانت تعمل طبيبة متطوعه لعلاج الجرحى ، وبجواره على الجهة الأخرى مدون وناشط سياسي ،،،،
وفلاح يحمل السندوتشات والشاي ويوزعها على من في الخيمة ،،،،
كان صامتاً لا يتكلم ,,,,
أحس بأنه استعاد عائلته ، روحه انطلقت في حرية بعد أن خنقها المرض وتكالبت عليها الوحدة ،،،
كان يذهب الى بيته في المساء ويعود الى الميدان في الصباح ،،،،
ظل مواظباً على الميدان حتى لو لم يوجد اعتصام أو تظاهر ,,,,,,,,

ليست هناك تعليقات: