الاثنين، 11 يونيو 2012

ابواب مجهولة



عازف الأكورديون العجوز بملابسه الملونة والمبهجة  في منتصف الطريق أمام القلعة القديمة المطلة على البحر ، يستعد لعزف الحانة مع صديقه الساحر والمهرج الشاب ، يضع الأصباغ على وجهه ويرتدي ملابس الساحر السوداء المنقطة بالأحمر والقبعة العريضة ، يجهز أدواته منتظراً وصول مجموعة الأطفال التي جائت في رحلة لزيارة القلعة القديمة المطلة على البحر .....
يبيع الهدايا على طول ممشى الطريق المؤدي للقلعة ، تماثيل صغيرة والعاب للأطفال ، يجلس بجوار الصخور الكبيرة التي تهاجمها الأمواج منذ قِدم ذلك البحر من بداية الكون ، يراقبها وينظر للأفق البعيد خلف القلعة القديمة .....
 قد لمحها اليوم وهي تمر أمامه مع أبنة أختها الصغيرة ، بملابسها الرقيقه الفضفاضة والشال الأحمر الذي يغطى صدرها ، مبتسمة دائماً كعادتها ، يكاد يسمع ضحكاتها وهمساتها مع أبنة أختها الصغيرة ....
خرجت مجموعة الأطفال من القلعة القديمة تتقدمهم مع أبنة أختها ، الأطفال يجرون ويلهون ضحكاتهم العالية تختلط مع تغريدات الطيور المهاجرة التي تُحلق حول القلعة والصخور في مثل تلك الأيام من أيام نوفمبر الخريفية ،،،،،
بدأ عازف الأكورديون عزف الحانه المبهجة والطفولية ، والساحر يقفز ويغني ويرقص ويُطلق الحلقات والكرات في الهواء ويصنعها منها العاب عجيبة تبهر الأطفال ...
انبهر الأطفال وتجمعوا حول العازف والساحر عيونهم صوب ذلك الرجل العجيب الذي يُخرج الأرنب من القبعة ويصنع من الخيوط الملونة كُرات أو عصي قصيرة لامعة ,،،،
كان مسؤل الأمن يراقب دائما العازف والساحر الشاب ولا يُرضيه تواجدهما ماداما لا يدفعان نظير الوقوف في الممشى ، لكنه انتظر حتى ينتهى ...
أقتربت مع بنت أختها التي شدتها من يديها كي تقترب أكثر وسط الأطفال ومن الساحر ...
ما إن لمحها تقترب وسط الأطفال ، أخذ بالونة زرقاء كالبحر ووقف بجوار الطفلة الصغيرة ، ثم مال اليها ووضعها في يديها ، كان كل الأطفال يحملون بالونات ماعدا هي ، فأخذتها الطفلة بفرح وأبتسامة شديدة ،،،
نظر لها ، فألتقت عيناهما سوياً في نفس نقطة الألتقاء المعتادة يتوسطها ذلك الموج والسحاب البعيد المتساقط في حدود البعيدة للبحر ....
كانت تنتظر في كل مرة أن يتكلم ، أن يتخطى ويقفز خلف تلك الأبواب التي يخشاها ، أبواب القلب والعقل والمستقبل المجهول ،،،،
كل مايخشاه مايوجد خلف تلك الأبواب ، أيقتحمها وينطلق الى ما خلفها ويسمع منها مايرضيه ، أم قد يسقط خلفها بعد أن يجد باب اخر مُغلق أمامه ....
قالت بعينيها والشال الأحمر يتطاير للخلف كجناح يأخذها لأبعد مايكون : اقتحمها لا تكن جباناً لا تستحق ما بعد تلك الأبواب من حياة أن كنت لا تستطيع تجاوزها ،،،،
رد بنظرة هادئة مترددة : قد أفقدك في النهاية ...
تألقت عيناها ولمعت مع سطوع الشمس بين السحاب : وقد تملكني الى النهاية ....
تتصاعد ضحكات الأطفال ، تتجاوز حتى تغريدات الطيور المهاجرة ، تنساب الحان عازف الأكورديون العجوز منتصرة على صوت أرتطام الأمواج بالصخور ، يقفز الساحر وينادي الأطفال يعطى لأحداهن الكرة ثم يخرجها من أذنها ، تنطلق حمامة بيضاء من القبعة فتطير بعيداً تعرف طريقها الى بيت الساحر .....
مع أنطلاق الحمامة من القبعة السوداء ، تنفلت البالونة من يد الطفلة الصغيرة ، فلا تسيطر عليها ، تذهب مع الريح بعيداً وبعيداً ، فتبكي الطفلة وعيونها معلقة بالبالونة الزرقاء ، يزداد بكائها مع ابتعاد البالونة بعيداً ,,,
ينظر لها الساحر بسخرية ويحملها بين يديه ، ويأخذ بالونة من أحد الأطفال وينظر لها ثم يُفلت البالونة من يديه فتطير بعيداً كي تلحق بالبالونة الزرقاء ، يأخذ بالونة أخرى ويتركها تلحق بأخواتها ،،،
ينظر الأطفال للبالونات السابحة بحرية في السماء ، فيفلتون بالوناتهم من يديهم ، فتلحق البالونات الملونة ببعضها البعض ، تتطاير جميعاً مع الريح خلف القلعة القديمة ، اسراب من البالونات تجعل الطيور تحلق بعيداً لا تدري أتلك اعداء أم اصدقاء ,,,,
ضحكت الطفلة وعيناها معلقة بأسراب البالونات الملونة  ....
نظر لها بعينيه وقال لها : احبك .... همست له وينعكس في لمعان عينيها الوان البالونات : احبك ...
ركض الأطفال بأتجاه البالونات يرفعون ايديهم في ضحكات صغيرة ،،،،
أقترب مسؤل الأمن متحفزاً وظل يبحث عن الساحر وعازف الأكورديون لكنهما أختفيا مع البالونات الطائرة ،،،،،،

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

دائما مبدع
ومميز فى اختيار افكارك