الأربعاء، 24 نوفمبر 2010

الدائرة المغلقه

ازدادت ضربات قلبه بشدة وتسارعت انفاسه ، واستيقظ فجأة من نومه وهو غارقاً في عرقهِ ، وسادته كان يبللها العرق بشكل كبير ،،،،
أنه نفس الكابوس الذي يطارده بأستمرار ،،،،
حاول ان يتنفس بهدوء ويأخذ نفسٌ عميق ، ظل جالساً على سريره واضعاً رأسه بين كفيه ، بحث عن زجاجة المياه بجوار السرير فشرب منها قليلاً ثم أفرغها على رأسه ،،،
وقف والماء يبلل شعره ويتساقط منه ، ثم نظر الى الصور المعلقه على الحائط والموضوعه في براويز صغيرة على مكتبه ، كانت جميعاً له هو وزوجته الجميله ،،،
واحده على البحر واخرى لها وهي في مدينة الملاهي واخرى على سفح الجبل ،،،
ذهب الى الحمام وفتح صنبور الماء الساخن وظل تحته كثيراً يغسل افكاره وقبلها يحاول ان يغسل احزانه ،،،،
خرج من الحمام وصنع لنفسه كوب القهوة وارتدى ملابسه الثقيلة وخرج من بيته ،،،
كان الجو بارد والمطر لم يتوقف منذ الليلة السابقة ، فأحس بثقل قطرات المطر على رأسه ،،،،
ميعاد التجمع في مركز التأهيل النفسي مابعد الأدمان !!!
تردد ان يذهب هذا اليوم ، فقد مل الذهاب وسماع قصص المرضى ، لكنه ذهب ليتحاشى اتصالهم المستمر ،،،
تجمعوا في القاعه الكبيرة وجلس المعالج النفسي في أولها ، وجلس هو في اخر الجانب الايمن من القاعه وظل يستمع لاعترافات المرضى واحزانهم وخوفهم من الانتكاسه والعودة للأدمان ،،،،
جاء الدور عليها لكي تتحدث ، فتاة جميلة في الثلاثين من عمرها ، يظهر عليها بعض الهزال والتعب مازال في عينيها لمسة من الوهن والضعف  ،،،
أبتسمت ابتسامة رقيقة وتحدثت ، القت السلام ثم عرفت بنفسها وسنها وقالت : اقلعت عن الادمان منذ عامين بعد معاناة شديدة وتجربة مريرة عشتها لكي ابرأ منه ، فقدت أمي وانا في العاشرة من عمري ولي أخ واحد يكبرني بخمس سنوات ، كان أبي يعمل في الخارج وبعد وفاة امي تزوج واصطحب زوجته الى البلد التي يعمل بها وتركني انا واخي في رعاية خالتي التي لم تتزوج ، واغدق علينا الكثير من المال ، وكانت خالتي تسيء استغلال هذا المال ، كانت خالتي شديدة الاستهتار ولا تجيد التعامل معنا ولا الحزم  في هذة السن الخطرة ، لم يكن لي غير أخي يوجهني ويعلمني الصواب من الخطأ ، الي ان فقدته في حادث سيارة رحمه الله وهو في سن الثانية والعشرين وكنت أنا في السابعة عشرة ، لم يكترث أبي لما حدث ولم يقرر حتى ان يعود الي او يأخذني معه ، بل تركني لخالتي ، واحسست وقتها بالمجهول والوحدة ، الي ان تصاحبت على اصدقاء السوء وبدأت بالتدخين ثم السهر كثيراً والأدمان ، كنت أريد ان اموت وارحل عن هذا العالم ، ادخلني أبي اكبر مشفى للعلاج من الأدمان وبدأت رحلة العلاج المضنية والصعبه ، اكثر من ساعدني وأدين له بالفضل بعد الله هو المُعالج النفسي ، كنت كلما اعاني من النوبات والتشنجات يأتيني بعدها ويسمعني القرأن على شرائط الكاسيت ويذكرني بأخي ، وفي يوم وجدته في المشفى .......
كانت وهي تتحدث تنظر له بين الحين والأخر وهو واضعاً خده على يده يستمع اليها ، ناظراً الى عينيها ،،،
ثم استكملت : وفي يوم وجدته في المشفى ومعه طفلة صغيرة وجميله ، قال لي انها طفله يتيمة أسمها على أسمك ، وهي مسؤلة منك منذ الان ، لو تركتيها قد تصبح هي الأخرى مدمنه مثلك ، لقد فتح لي افاق جديدة للحياة وهدف اعيش من أجله ، أصبحت طفلتي هذه هي حياتي ، كلما تنتابني الرغبة في المخدر وادخل في النوبات الشديدة اجدها أمامي تنظر الى وتستحلفني أن اقاوم من أجلها ولا اتركها وحيدة ويتيمه كما عشت انا  ،،،،،،
بدأت الدموع تنزل من عينيها ، فمسحتها وابتسمت ،،،،
جاء الدور عليه كي يتكلم لكنه اعتذر في هدوء وقال ليس عندي رغبة في الكلام ، وهم بالأنصراف ،،،
عندما خرج من القاعة ، خرجت خلفه واستوقفته وقالت له : لماذا لم تتحدث ؟ كنت أريد أن اسمعك ...
احكم اغلاق معطفه بسبب البرد وقال : ليس عندي ما أقوله ...
ابتسمت له وقالت : لا يوجد أحد ليس عنده كلام ، حتى في اكثر لحظات صمتنا يوجد داخلنا ما يمكن ان نتحدث عنه ....
تمشا سوياً وخرجوا الى الشارع ، كان المطر قد توقف لكن الجو مشبعاً بالضباب ، والشوارع مازال بها اثار المطر ،،،
كانا قد تعرفا على بعضهما في مركز التأهيل النفسي ونشبت بينهما الصداقه ،،،
كانت من داخلها تحبه ، وهو لا يدري أيحبها فعلا أم انه يطارد فيها شبح زوجته التي فقدها واتجه بعدها للأدمان والعلاج منه ،،،،

بعد مرور عام ,,,,,,

كان يصرخ صرخات شديدة وهيستيريه ، ومعه الطبيب ، والمساعد يحكم قبضته عليه ، كان يبكي ويقول : انها دائرة مغلقه وأنا اجري داخلها ، اعود لنفس النقطة التي بدأت منها ولا استطيع الخروج أبداً ،،،،
يهدأ قليلاً ويذهب في نومُ عميق ، ويتصبب عرقاً اثناء نومه ويصحو من نفس الكابوس مرة اخرى ،،،
كان قد انتكس علاجه من الأدمان وعاد له مرة اخرى ، فقد تركته فجأة واحس بالوحده بعدها ، لقد استدعاها أبوها الى الخارج كي يزوجها ،،،،
أحس انه فقدها وفقد طريقه للخروج من دائرته المغلقه التي كانت  تزداد احكاماً عليه ،،،،
لم يستطع أبوها ان يرغمها على الزواج والبقاء في الخارج ، فعادت من جديد لطفلتها اليتيمة التي تكفلتها ، وعادت اليه لكي تنتشله مما هو فيه ،،،
ظلت بجواره هي والطفلة يساعداه على الشفاء ،،،،
تعبت معه كثيراً ، ولا تتركه ابداً ، تأتيه بالطعام وتتابع علاجه وتذهب به الى الطبيب ، الى أن بدأ في التماثل للشفاء واسترداد صحته تدريجياً ،،،
وبعد مرور عدة أشهر كانت أول جلسة له في مركز التأهيل النفسي ،،،،
ذهبا سوياً ومعهما الطفلة وجلسا في القاعة ، في المنتصف ،،،
وبدأ بالحديث : القى السلام اولاً وقام بتعريف نفسه وقال : لم أتكلم كثيراً ولكن سأحكي عن الكابوس الذي ظل يطاردني الى ان انتصرت عليه مؤخراً ، كنت أجد نفسي في مكان متسع على هيئة دائرة مغلقه ، جدرانها مرتفعه كأنها عبارة عن جبل دائري وانا في وسطه تماماً ، والظلام يغطي المكان ، وانا اجري داخل الدائرة وأبكي ، احاول ان اتسلق الجدران فأجد رجلي ثقيلة لا تساعداني ولكني احاول ، وكلما اتسلقها اجد زوجتي رحمها الله بجواري تتشبث بي ثم تسقط وتختفي ، وفجأة أجد الجدران اصبحت ملساء واهوي مرة اخرى على الارض ، وكلما أهوي اجد الدائرة تضيق ،،،
ظل هذا الكابوس يطاردني الى ان وجدت الأنسانة التي اخرجتني من تلك الدائرة ، وفتحت لي باباً داخلها ، فلا أعود الى دائرتي مرة اخرى ،،،،،
خرجوا سوياً هو وهي والفتاة ،،،
كان الجو ربيعاً والسماء صافية والنجوم تتلألأ فيها ،،،
أمسكا بيدي الطفلة وانطلقوا سوياً ،،،،،


هناك تعليقان (2):

غير معرف يقول...

رائعة اتمنى ان تكون حقيقية

Unknown يقول...

شكرا جدا على التعليق
القصه مش حقيقيه
هي من وحي خيالي فقط