الاثنين، 20 ديسمبر 2010

مجرد حكاية 4

مستوحاه عن قصة حقيقيه ,,,,,,

أجلس منزوية وحيدة أبكي ، لقد عاد مخموراً مثل كل ليلة ، وبدأ في ضرب وشتيمة أمي ،،،
أمي تصرخ وتستحلفه بالله بأن يتوقف ، لكنه يأبى أن يتوقف ،،،،
تحاول أمي الأنفلات من يديه وتخرج الى خارج البيت لكي تحتمي بالجيران ،،،
واخي الصغير صامت لا يحرك ساكناً كأنه لا يدري بما يحدث حوله ، واخي الأكبر نائم ،،،،،،
هكذا تعودت ان اقضي ليلتي  وانا طفله ، ثم اصحو في الصباح ناسيه كل شيء كما حال الأطفال دائما ، الا من بعض كوابيس اثناء نومي ،،،،
بيتٌ صغير في بدروم بأحد الاحياء الشعبية الفقيرة ، تكاد لا تدخله الشمس ولا يمر فيه الهواء ، فكنا نعاني من الرطوبة دائماً ،،،
أبي يعمل موظفاً بسيطاً في السكك الحديديه ، دائم شرب الخمر ولعب القُمار ، يضيع نقوده ويرجع في الليل فاقداً لعقله ،،،،
لكنه في احد اليالي انتظرناه كثيراً ، فلم يعود !!
انتظرنا يومين وأمي تسأل عنه اصدقائه بدون فائدة ،،،،
وخرجت أمي لتبدأ رحلة البحث عن أبي في اقسام الشرطه والمستشفيات ، ولم تصل الى شيء ،،،
واستسلمت أمي بعد أن انهكها البحث عن أبي ، ثم بدأت رحلة بحث أخرى ، وهي البحث عن العمل ، حتى استطاعت أن تعمل خادمه في شقق المغتربين والأجانب بالأحياء الراقيه ،،،،
أستمرت أمي في العمل سنوات حتى كبرت أنا واخوتي ، كنا في المرحلة الأبتدائية ، كان أخي الأكبر شديد العدوانية معنا وكثير الهرب من المدرسة ، أما اخي الاصغر فهو هادئاً وديعاً نكاد أن لا نحس بوجوده ، منطوي دائما وشارد الذهن لا يحب التحدث مع أحد ،،،
وفي يوم عاد أخي الاكبر من المدرسة وحيداً بدون شقيقه ، أعتقدنا أنه يلعب مع أبناء الجيران أو أنه غاضب من احداً منا ، لكنه لم يعود !!
لم أراه بعدها أبداً ، ولا نعلم ماذا حدث له ، او ماذا صنعت به الدنيا .....
وكما خرجت أمي ذات يوم تبحث عن أبي ، خرجت مرة أخرى للبحث عن شقيقي الأصغر ، ووزعت صور له في المساجد والميادين العامة ، لكن بدون فائدة ،،،،،
مرضت أمي فترة من الزمن حزناً على شقيقي ، وكنت أنا اقوم مكانها بمتطلبات بيتنا الصغير ، حتى استطاعت أمي المقاومة من أجل سد جوعنا أنا وشقيقي الأكبر ،،،،
مرت بضعة سنوات ، نسينا خلالها شقيقي الأصغر كما تلاشت من ذاكرتنا ذكري وملامح أبي ،،،،
وذات مساء أنتظرنا أمي كي تعود من عملها فلم تعد !!
لكن جائنا أحد جيراننا وأخبرنا أن أمي لن تعود هذة الليلة ، لقد قُبض عليها بعد أن قامت قوات شرطة الأداب بمهاجمة الشقة التي تعمل بها كخادمه فأخذتها هي واصحاب الشقة ، وتم الحكم على أمي بالحبس عامان رغم انها مظلومة ....
اصبحت انا وشقيقي وحيدين في الحياة ، يساعدنا جيراننا ببعض الطعام والنقود ،،،،
ترك أخي المدرسة والتحق بأحد الورش الحرفية بالحي ، كان مثل أبيه عدواني لا يعود الي الا متاخراً ، ترافق مع صبية السوء ، أحياناً يعود الي بالنقود وأحياناً لا ....
ثم اودعته الشرطه احدى دور الأحداث ، وبقيت انا بمفردي لدى جارة لنا كانت صديقة لأمي ، عشت فترة قصيرة مع أولادها ، ثم أخذني زوجها الطيب واودعني احدى دور الرعاية الخاصه بالفتيات ،،،،
واصلت تعليمي في الدار حتى حصلت على الأعدادية ، ثم توقفت عن الدراسة وبدأت أساعد في أعمال الطهي والتدبير المنزلي بالدار ، حتى وصلت لسن العشرين من عمري ،،،،
لماذا لم تبحث عني أمي بعد أن خرجت من سجنها ؟؟
لا أدري ،،،
لماذا لم يسأل عني أخي ؟؟
لا أدري ،،،
لم أبالي كثيراً بتلك الأسالة أو أحاول ابحث لها عن أجوبة ، فقد تعلمت أن اتقبل اقداري بالحياة في هدوء وسلام وعدم تمرد عليها ،،،،،
أصبح لي الأن اخوات وأمهات تعرفت عليهم طيلة سنواتي في الدار ، عوضوني عن ما أخذته الحياة مني من الاخوة والأهل ،،،،
كان دائماً ما يأتي الى الدار من هم راغبون في الزواج ، خاصة من الفتيات الاتي تعودن الكفاح ومصاعب الحياة مثلي ،،،،
فتقدم لي رجلٌ أرمل يكبرني بخمسة وعشرين عاماً ، الحق أنه رجلٌ طيب وشهم ، له أبن وحيد ،،،
تعهدني بالحب والرعاية وتقبلني أبنهُ كأخت له ،،،،
استكملت تعليمي وذاكرت ثانوية عامة من جديد ، حتى حصلت على مجموع عالي كان مفاجاة لي ولزوجي ، فقررت أن التحق بكلية الطب ،،،
ساعدني زوجي ووفر لي كل ما احتاجه للدراسة والنجاح ،،،،
لكنه رحل عن دنيتي في هدوء ، لقد توفي فجاة ،،،،
ترك لي ميراثي الشرعي وبيتٌ صغير اعيش فيه ، وتزوج أبنه الوحيد واصبحت انا وزوجته صديقتين الى الان ،،،،
مر بي الزمن وتخرجت طبيبة ناجحه وتم تعيني في احدى المستشفيات الجامعية ، واجتهدت حتى أثبت اقدامي واحضر للماجستير والدكتوراه ،،،
عاد من بعثته ، كان وسيماً ، يظهر عليه علامات الطيبه والهدوء ، تهافتت عليه زميلاتي الطبيبات ، حتى انهم كانوا يعاكسونه ،،،
لكني فوجئت بأنه يطلب مني الزواج ، فأندهشت وانعقد لساني ، لكني تماسكت وحكيت له كل ظروفي وحياتي ،،،
فزاد تمسكاً بي ، فتزوجنا وبدأت حياتي من جديد ،،،،

معذرة ,,,,,

لقد استيقظ طفلي من نومه وأسمعه يبكي ، لابد أن اذهب له وبعدها أحضر الغداء لزوجي ،،،،،
قبل أن اطوي حكايتي هذه  ،،،،
ربما يأتي يوماً عندما يكبر أبني ويجد تلك الورقة بين مذكراتي ، فيعرف كم عانت أمه وكافحت ,,,,,,  


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللوحة لسلفادور دالي

ليست هناك تعليقات: