الجمعة، 10 فبراير 2012

شمسك هتطلع من جديد




سرد أول : المدرج

مازال ينظر بفخر الى قميص الفريق للموسم الجديد ، قد اشتراه بالأمس لكي يحضر بهٍ مبارة اليوم ، ضيقاً عليه بعض الشيء لكن هذا أفضل فهو يفضله دائماً مُقسّم على جسمه ،،،،
يضحك الى صديقه الذي يجلس بجواره بينما الأخر يطلب منه التقدم بعض الشيء لأسفل حتى يمسك علم الرابطة الكبير ولا يشوش على البانر الخاص للرابطة ،،،،
صوت هتاف القائد الواقف على السماعات بتمكن يدوي ببدأ رفع الصور الخاصة بدخلة المبارة عند دخول الفريق أرض الملعب ,,,,
صورته أسفل قدمه ينتظر الأمر برفعها , فجأة يأتي الأمر برفع الصور وظهور الدخلة مع النشيد والهتاف ....
لون واحد وهدف واحد واجتماع على قلب رجلٌ واحد لا فرق بين كبير وصغير فقير وغني .....
يرفع اللافتة المعتادة في كل مبارة  " يوم ما ابطل اشجع هكون ميت اكيد "
مازال على ضحكته التي لا تتوقف رغم نظرات ذلك الظابط اليه ، يشاهده كثيراً في اغلب المباريات التي تجرى هنا في القاهرة ، يبتسم الظابط   فتظهر أسنان صفراء غامقة ، مع نظرات حاده ، أيمكن أن يتذكرني حين طاردنا في الشوارع الجانبية للأستاد بسيارته وهربنا منه ، ربما لم ينسى من الأصل ....
يستأذن من صديق في الصف الأمامي بأن يعطيه زجاجة المياه ، فيطلب منه الأخر : سيبلنا شويه ,,,,
بدأ الهتاف مرة أخرى : قلنا زمان للمستبد .. الحرية جاية لابد
لابريتا كانت مكتوبة ....
يا حكومة بكرة هتعرفي .. بأيدين الشعب هتنضفي
والأية الليلة مقلوبة ...
قالوا الشغب في دمنا ! ... وازاي بنطلب حقنا ؟
يا نظام غبي .. افهم بقى مطلبي ....
حرية .. حرية .. حرية .. حرية
من الموت خلاص مابقتش اخاف ..
وسط ارهابك قلبي شاف ....
الشمس هتطلع من جديد ......
اسرق امان .. خرب بيوت .. ده كان زمان وقت السكوت ..
الحلم خلاص مش بعيييد ....
قال النظام ايه العمل ؟ .. كده النهاية بتكتمل ...
افهم بقى .. ارحل بقى .. سقط الطاغوت !!
حرية .. حرية .. حرية .. حرية
خارج الملعب الأحتفال بفوز الأهلي كالمعتاد مع أغاني وأناشيد ، السماء كانت حُبلى بالغيوم فبدأ الغيث بقطرات من المطر القليلة ثم انهمرت بغزارة ،،،
ضحكات لم تنتهى ، رقصات وتلويح بالأعلام تحت المطر ......

سرد ثاني : الشارع

أنطلق بدراجته يجوب شوارع الحي والأحياء المجاورة فرحاً بأنتصار الأهلي ، يحمل علماً احمر كبيراً يرفرف بحرية فوق الدراجة ، فهو أهلاوي مُتعصب منذ نعومة أظفاره ، تعلم تشجيع الأهلي من أبيه وأخوته ، فأصبح يسرى في عروقه سريان الدم ،،،
جلس على الرصيف سانداً بظهره على سور المدرسة الثانوية التجارية التي يدرس بها عامه الأخير ، كان ينتظرها ان تنتهى من يومها الدراسي كي يتمشيان سوياً ويقوم بتوصليها الى بيتها ،،،
أصغر منه بعام ، لها ثلاثة أخوة أكبر منها كانوا يعارضون كثيرا تعليمها ، لكنها أصرت أن تستكمل تعليمها وتأمل أن تدخل كلية التجارة ،،،
خرجت من بوابة المدرسة بملابسها المدرسية ذات اللون الكٌحلي ، والحجاب الأبيض ، وحقيبتها الصغيرة تُثقل كتفها الرقيق ، تضحك مع زميلاتها ،،،،
يجلس ينتظرها ، ثم أخرج من حقيبته اسبراي الألوان ثم رسم على الجدران " أعظم نادي في الكون " ونسراً يرفرف بجناحيه ،،،،
فأنتظرته حتى أنتهى ثم ضحكت وقالت : لن تُشفى أبدا من هذا الجنون ،،،،،
أخذ منها حقيبتها ووضعها على الدراجة وتمشيا سوياً حتى الحي الذي يسكنان فيه ،،،،،
وجدت أمها تستقبلها بوجه بشوش وفِرح وأمسكتها من يديها وأخذتها على غرفة نومها ، وقالت لها وهي تضحك : مبروك ، تقدم اليكِ عريس ، وأباكِ وافق عليه ، أنه الشيخ ابو العزم ، صديق أبوكِ ،،،،
أندهشت الفتاه ، توقفت عن الكلام للحظات ثم قاطعت أمها وقالت : انه أكبر مني بثلاثون عاماً ومتزوج وله أولاد وبنات أكبر مني ،،،،،
نظرت لها الأم بأستخفاف وريبه وقالت : وما العيب في ذلك الشرع يحلل له اربع ، وابوكِ واخوتك وافقوا ولن يستطيعوا رد كلمة الشيخ ،،،،
بكت الفتاة وقالت : لماذا ، أريد أن استكمل تعليمي ومجموعي يؤهلني في سنوات دراستي أن التحق بكلية التجارة ،،،
يدخل الأخ الاكبر بعد أن سمع حديث أخته مع أمه ونظر بأستهزاء لأخته وقال : هذة الأمور لا يتناقش فيها النساء ، لقد وافقنا وحددنا ميعاد عُرسك ، الرجل يريدك كما أنتي ، وأياك أن اسمعك تتناقشين في هذا الأمر ،،،،،،
مازال الفتى ينقش على الجدران حبه للأهلي ، الحرية للألتراس  ، هفضل وراه فين مايروح  ،،،،
في الميدان كانت التظاهرة قد وصلت وعدد غفير من الشباب والفتيات يحملون لافتات ، لم يكن ليهتم بها  ، هتافات مدوية تحاكي تلك التي يهتف بها في الأستاد ،،،،
وقف من بعيد ينظر ويراقب ،،،،،
لافته كبيرة مكتوب عليها " لا للمحاكمات العسكري " واخرى تحملها فتاة " يسقط قانون الطواريء " ولافتات اخرى مكتوب عليها الحرية لأشخاص لا يعرفهم ،،،،،
انطلق بدراجته خلف التظاهرة ، واقترب منها ،،،،
شاب يعطيه ورقه بها الكثير من الكلام فنظر الى الشاب وقال ما معناه ،،،،،
فأبتسم الشاب وظل يتكلم معه ويشرح له عما تحتويه تلك الورقة ،،،،
نظر الفتى الى الشاب والتظاهرة الكبيرة وقال : لقد فهمت الأن ،،،
وضع دراجته فسقطت على الرصيف وجلس بجوارها أسفل سور المدرسة ينتظر صديقته ، ظل ينتظر ، حتى خرج زميلاتها ، فتقدم وسأل احدهن عن صديقته فأخبرته أنها لم تأتي الى المدرسة منذ يومين ،،،،
لم يراها منذ أسبوع ، كل يوم يذهب الى المدرسة وينتظرها ،،،
خرج بعد الفجر وظل يجوب كل مدارس الحي وجدران العمارات ، يٌخرج الأسبراي الملون والورنيش ،،،،
جعل من الجدران تغريدة يتردد صداها ، يسمعها ويراها الجميع " لا لمحاكمة المدنين عسكرياً " على جدار المصلحة الحكومية رسم باللون الأحمر وجه شاب ممن راهم على اللافتات وكتب أسفلها  " الحرية لأصحاب الرأي " على سور المدارس صرخ " لا لقانون الطواريء " وأمام احدى مراكز الشرطه كتب على الرصيف بخط عملاق " نعم للدولة المدنية وتسقط الدولة العسكرية " ،،،،،،
الفتاة تقف في وجه أبيها وتقول له : أريد أن استكمل تعليمي ، حرام تزوجني لرجل يكبرني بثلاثون عاماً ،،،
يشتاط الأب غضباً ، فيضربها ضرباً مبرحاً فتسيل الدماء من جبتها وتسقط على الأرض ،،،
وفي الشارع تصرخ أم الفتى !!
لقد اُلقى القبض عليه من قبل الشرطة العسكرية ،،،،
الفتى يبتسم للشرطي ويُخرج له علم الأهلي من الدراجة ، فألقاه الشرطي في وجهه وأقتاده الى سيارة الشرطة ,,,,,,,

سرد ثالث : المدرج

جلسا سوياً في القطار المتجه الى بورسعيد ، أحدهما يطلب من الأخر : نام يابني عشان ورانا يوم مايعلم بيه الا ربنا ، اسند دماغك على الشباك ونايمني على كتفك التخين ده ، انت بتربيه منين يخرب عقلك ..
فيرد عليه : اتخمد وانت ساكت ،،،،
اخر يتصل بحبيبته ويخبرها : هقابلك بكرة في نفس المكان مش هتاخر عليكي ، بحبك ....
في الكرسي المقابل في القطار يتكلم بصوت منخفض : معلش يا حاجه والله ماتخافي هنرجع على باليل زي الفل انتي بس طمني أبويا وقوليله كله تمام ومش هيتاخر هبقى معاكي على تليفون كل شويه ، تحبي اجيبلك معايا ايه ؟
تُجيبه الأم  : ارجعلي بالسلامة انت واصحابك وربنا ماهخليك تسافر تاني .....
نشيد الحرية لا يتوقف ، صور شهداء سقطوا ترفعها سواعدهم بدون كلل اوملل ،،،
في الأسفل ظابط أخر يبتسم بحذر ، ربما نشوة ، ربما انتظار وغدر ...
في المدرج يبتسم بُحسن ظن وثبات ...
انتهت المبارة ، وهم يهتفون للأهلي رغم الهزيمة ،،،
والمنتصر يهتف بالدم رغم الأنتصار ،،،،
خوف على اللاعبين ونظرات ريبه وشك ،،،،
أنطفاء للأنوار وظلام وسفك دماء ، يحمي صديقه الذي نام على كتفه في القطار لكنه سقط من أعلى المدرج ،،،
يُخرج التليفون كي يتصل بأمه لا يستطيع ، شيء ثقيل ضرب رأسه فيسقط فلا  فرق بين دمائه ولون قميصه الأحمر ،،،
يحمي علمه الذي لم يفارقه فيُطعن من الخلف ...
بوابة مغلقه يتساقط أمامها المئات ، وفي الخارج يقف عليها عساكر يعطون ظهرهم حتى يكتمل القتل ،،،،

يتوقف السرد ,,,,,,,

الأم يديها لا تتوقف عن الأتصال بأبنها حتى تُكذّب كل شيء وانه لا يوجد هذا الهراء والجنون في بورسعيد ،،،
يُقال أن الفتاة التي قال لها أحبك توجد الان  في المستشفى ، سقطت مغشياً عليها في حالة هذيان ...
والصديق الذي لم يستطيع أن يلحق بهم ، يجلس على الفيس بوك شاخصاً ببصره كل دقائق يرسل لصديقيه : هترجعوا امتى والله ماهزعلكم طيب انا غلطان ، هترجعوا أمتى  .... 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أهداء الى أرواح شهداء الألتراس الأطهار...
الألتراس لن يموت ...
يسقط يسقط حكم العسكر ,,,,

هناك تعليقان (2):

غير معرف يقول...

مدونه رائعه كلمات واختيارات تنم عن شخص عظيم بوركت

Unknown يقول...

الف شكر لحضرتك على التعليق