الخميس، 22 سبتمبر 2011

ثلاث ثواني


تناثرت فُتات الطعام الصغيرة من بين أصابعها ، وتساقطت وأصتدمت بهدوء بسطح الماء ،،،

سرعان ما أحست السمكة الزرقاء بأهتزاز الماء في صورة أمواج صغيرة حتى ألتفت بعينيها الصغيرتين واتجهت لسطح الماء والتهمت فُتات الطعام ،،،،،
أمسكت الحوض المكوّر الصغير وذهبت به الى المطبخ ، وقفت تعد لنفسها الغذاء حسب وصفة الرجيم التي اعتادتها منذ سنوات ،،،،
انتهت السمكة من فُتات الطعام وبعد ثلاث ثواني لم تُسعفها ذاكرتها انها قد أكلت للتو فنسيت انه كان هناك طعام ، ونسيت من وضعه لها ، فحركت ذيلها ورأسها ونظرت للخارج عبر الزجاج الشفاف لتستكشف هذا السجن الذي تعيش فيه ،،،،
تذكرت الان وهي تعد الطعام أنها أكملت الثانية والثلاثون من عمرها منذ عشرة أيام ، فسقط رغيف الخبز السن من يديها وقالت وهي تنظر لسمكتها الزرقاء : يااااه اكثر من ثلاثين سنة مرت من عمري كأنها ستون عاماً ، اتدري ؟؟ ، كان أبي وامي يعدان الأحتفال بيوم مولدي قبلها بأسبوعين بعد ماتوفيا منذ عشر سنوات ، لا أحد يتذكر هذا اليوم لا انا ، ولا اخي وأختي ، كان هو فقط بعد أبي وأمي من يحتفل معي بيوم مولدي ، تُري أين هو الأن امازال يتذكرني ، أيحبني ، تزوج وعنده أطفال ، زوجته أحلى مني .......
تتحرك السمكة الزرقاء بشكل فُجائي وتدور داخل الحوض الزجاجي ، يبدو أنها نسيت للتو من يكون هذا الكائن ،،،،،،،،
التقطت رغيف الخبز السن من على الأرض ووضعته في الصينية ثم جلست على المنضدة الصغيرة وبدأت تتناول غذائها ، ثم قامت بسرعة لتلحق قهوتها قبل الفوران ، فصبتها وعادت تستكمل طعامها من جديد ،،،،
كانت السمكة تلامس سطح الماء برأسها تحاول أن تقفز ثم تتردد ، ذاكرة الثلاث ثواني تخبرها  بأن هذا العالم لايصلح لها ، خطأٌ فادح أن تخرج وتهرب لهذا العالم ،،،،
أمسكت كوب القهوة بيديها كي تستمد منه الدفء في هذا الصباح الشتوي البارد ، ونظرت لسمكتها وهي تبتسم وتقول : ليتني مثلك ياصديقتي سمكة صغيرة ، اعيش على فُتات الطعام اعود الى البحر واختبأ انا واصدقائي من الأسماك الكبيرة هاهاهاها ، استعيض بذيلك عن أرجلي ، وبخياشيمك عن صدري وقلبي ،،،،
تنظر لها السمكة الزرقاء بأستخفاف وبعينها الجانبية ، ثم تمر الثلاث ثواني فتنسى هذا العالم وماذا يكون ،،،،
تمسك الحوض الصغير مرة أخرى وتذهب الى البلكونة الكبيرة المطلة على الكورنيش والبحر ،،،،
البلكونه مرتفعه تنتشر العمارات حولها بكثرة والسيارات والمارة في الشارع يظهرون أصغر ، والبحر ممتد الأفق يختفي مع الغيوم البعيدة ،،،،
وضعت الحوض المكوّر على الطاولة الصغيرة وجلست أمام سمكتها ، اقتربت ونظرت الى الحوض الزجاجي فأنعكست عيناها الجميلتين على المياه ، ثم ظهرت العمارات الكثيرة المنتشرة مقلوبة ، ومتعرجه تهتز بأهتزاز الماء وحركة السمكة الزرقاء الصغيرة ،،،
كانت السمكة الزرقاء قد وصلها رائحة البحر ، فتحركت بقوة الى سطح الماء حاولت تقفز ، هنا تذكرت ، أن عالمها قد اقترب ، ذاكرة الثلاث ثواني تُخبرها بأن هذا عالمها الصحيح ،،،،
ضحكت وهي تنظر لسمكتها وقالت : اُتريدين أن تذهبي للبحر ؟؟؟
نظرت السمكة الزرقاء نظرة جدية  واستمرت بهز ذيلها ،،،،،
أمسكت الحوض المكوّر وخرجت من شقتها ، وهبطت في المصعد وابتسمت للفتاة الصغيرة التي كانت تركب معها ،،،،
عبرت شارع الكورنيش والسيارات تمر بجانبها مسرعة لا تبالي بها ولا تبالي هي بالسيارات ، تنعكس السحب البيضاء الصغيرة والسيارات المسرعة على الحوض الزجاجي ،،،
تتحرك السمكة بتوتر كلما اقتربت منها رائحة البحر ،،،،
تصل الى الكورنيش وتمر من الحاجز ، ثم تمشى على الرمال ، هواء الشتاء يحرك شعرها بقوة فيتطاير بحرية ، تحس بثقل الرمال ، فتنزع نعليها من قدميها فيذهبا بعيداً ،،،،
تلامس قدميها الموج البارد ،،،،
تنظر الى السمكة ، فتلامس السمكة سطح الماء وتهز ذيلها ،،،
تقترب من الموج ثم تضع الحوض المكوّر في مواجهة الأمواج القادمة من البحر ، فتقفز السمكة الزرقاء قفزة سريعة وتنطلق بحرية داخل الامواج وتختفي بلونها الأزرق داخل البحر ،،،،،،
تقف حافية على الرمال الباردة  ناظرة الى البحر ويلامس الموج قدميها وشعرها يطير بحرية ،،،،،
وخلفها الشارع المزدحم بالمارة والسيارات والعمارات المرتفعة ، يتداخل صوت الزحام مع هدير الامواج ورياح البحر ,,,,,,

ليست هناك تعليقات: