الثلاثاء، 4 أكتوبر 2011

النظرة الأولى



وقف قليلاً على باب المقهى الفرنسي قبل أن يدخل ، يحمل بعض الأوراق  ويلبس معطفاً بني اللون ويلف حول عنقه وشاحاً أسود ، كان المطر قد توقف فقط منذ قليل ،،،،
أخذ يتفحص المقهى بنظره قليلاً قبل أن يختار طاولة يجلس عليها ، الجرسون يتحرك بشكل دئوب بين الطاولات ، تارة يحمل الأكسبرسو أو القهوة الشرقية أو النسكافيه ، وشاب وفتاه يجلسان سوياً يتهامسان ، وعجوزاً يجلس وحيداً ويشعل سيجاراً ،،،،
على اليمين لفتت نظره بشعرها الأسود الطويل وعيناها السود الواسعتان ، لم يدري كنه ذلك السحر والبريق الأخاذ الذي يشع من عينيها فوقف قليلاً يتأملها ثم أتخذ طاولة مقابله لها ،،،،
أمامها صندوق اسود مكسو بالجلد خاص بالكمان ، وكوب قهوة ممتلىء لنصفه فقط ،،،،
خلع وشاحه ووضعه جانباً ، ثم تخلص من معطفه بعد أن أحس بالدفء داخل المقهى المعبأ برائحة القهوة على مختلف أنواعها ،،،،
نادى الجرسون وطلب كوب من الكابتشينو ، ثم أمسك قلمه الرصاص ونوى أستكمال روايته ،،،،
لم يستطع الكتابة ، توقف عقله وعاصاه قلمه ، ظلت عينيه معلقة بصاحبة العيون السود ،،،،
عيناها الساحرتان لا تلتفت كثيراً ، ناظره أمامها مباشرة ، تحركت يداها ببطء وفتحت صندوق الكمان ، أخرجت الكمان وتحسست اوتاره برقه ثم وضعته أسفل ذقنها ، فسقط شعرها الأسود الطويل عليه ، فلملمته للوراء ، وبدأت تعزف مقطوعتها ،،،،،
حزينة وعذبه ورقيقه ،،،،،
أناملها لم تكن تتحرك على أوتار الكمان ، بل تلامس أوتار قلبه ،،،،
قلمه الرصاص لم يكن ليكتب لكنه بدأ في رسمها على لوحة بيضاء ، عيونٌ سوداء كليلة من ليالي ديسمبر الشتوية ، شعر أسود يسبح بحرية يتناغم مع مقطوعتها الحزينة ،،،،،
لم تكن حياته سوى تلك المقطوعة الحزينة ، عمره وذكرياته ، حبه وأمنياته ، خطاياه وحسناته ، أبحاره كمسافر لا يصل ابداً الى شاطئه وموطنه ،،،،،
من النظرة الأولى سحرته ، أكانت تنظر له  ؟؟؟ ، عيناها كأنها  تبحث دائما عن شيء ما فقدته ،،،،
مع انتهاء مقطوعتها الحزينة ، قد انتهى من رسم لوحته البسيطة ، كان سيكتب ، لكنه رسمها ،،،،،
تحسست بيديها صندوق الكمان ففتحته ووضعت فيه الكمان ،،،،،
قام من على طاولته واقترب منها ، فلم تلتفت له ،،،،
وقف أمامها وأثنى على عزفها الرقيق ،،،،
التفتت له وشكرته على ثنائه وهي لا تنظر الى عينيه ،،،،
أستأذنها أن يجلس معها ، فأخبرته أنها تنتظر صديقتها كي توصلها لمنزلها ،،،،
اصتدمت يداها بكوب القهوة الفارغ فسقط على الأرض ،،،،
وجهها الأبيض الثلجي اصبح وردياً من الخجل ،،،،
صاحبة العيون السوداء الساحرة عمياء ،،،،،
لبس معطفه البني ووضع وشاحه الأسود حول رقبته ، ولملم أوراقه في مقدمتها بورتريهاً لفتاة تعزف على الكمان ،،،،
أمسكت صندوق الكمان ، ووضعت يديها في يده وخرجا سوياً ، يخترقان زحام شارع الكورنيش المطل على البحر ,,,,,,,,,,,

هناك 4 تعليقات:

eman said يقول...

رااااائع رامى ..شاهدت اللوحة ...!؟

فتاة الليل يقول...

رائعه جدا تفوووق الروووووووووعه باحساس كاتبها

Unknown يقول...

eman said

الف شكر يا صديقتي العزيزة ،،،

Unknown يقول...

فتاة الليل ،،،

ربنا يخليكي والف شكر على تعليقكك الرقيق ,,,