الأحد، 14 مارس 2010

الشال



بعد ان فرغت لتوها من ترتيب وتنظيف المنزل وطهي الغداء كالمعتاد ومساعدة امها في لم الاطباق بعد الانتهاء من تناول الطعام ، احست ببعض الارهاق .... وقفت ونظرت لأمها كأنها تقول هل يوجد شيء ناقص لم أقم به ؟؟
اذا لم تطلب الأم في وقتها فهي تعرف في الحال انها قامت بواجباتها كامله ،،،،
ذهبت الي غرفتها وهي في اخر الطرقه بعد غرفة المعيشه ، قبلها مباشرة غرفتين ، واحده متوسطة لامها وأبيها والثانيه كبيرة لاخويها ، أما غرفتها فهي صغيرة بها سرير مرتب ينام عليه دائما دب صغير كانت اشترته وهي في المرحلة الثانوية عندما ذهبت مع الاسرة الي الاسكندرية في احدى رحلات المصيف السنوية ، وبجوار السرير علي الحائط صورة كبيرة لطفل وطفلة يمسكان بيد بعضهما اثناء الغروب بجوار البحر ،،،
في مقابل السرير دولاب متوسط يحتوي علي ملابسها وبعض ادوات التجميل البسيطه ، وتذكارات قديمه من صديقاتها في الثانوي والجامعه ، وفي يسار الدولاب في ظهر الباب مرأة صغيرة ،،،،
نظرت للمرأة وفكت عقدة شعرها الذي تعودت ان تعقده كلما قامت بواجباتها المنزلية ، فانطلق شعرها الاسود بحريه علي كتفيها وظهرها ، وبعد ان مشطته ربطته علي هيئة ضفيره طويلة .....
اخرجت من درج الدولاب بكرتان من الصوف وابرتين طويلتين ودثار أسود لم يكتمل ، قد بدأت فيه لتوها من يوم او يومين ....
اخذتهم وذهبت الي غرفة المعيشه وهي متسعه قليلا في احد اركانها يوجد منضده للطعام عليها بعض الزهور الاصطناعية صنعتها هي بيديها ، كانت دائما تصر ان يكون لها لمسة خاصه في كل ركن من البيت ، وفي الركن الاخر يوجد اريكتين واحده كبيرة والاخرى اصغر منها بجوار كل واحده منها كرسين كبيرين وُضعوا جميعا علي شكل نصف دائرة مواجهه لمكتبة متوسطه بها بعض التحف الرخيصة والمقلده وفي وسط المكتبه يوجد التلفاز وفوقه مباشرة جهاز الاستقبال الفضائي ، وفي وسط دائرة الجلوس ترابيزة صغيرة من نفس طراظ ( الانتريه ) ،،،،
كان البيت قد استعاد هدوئه ، خرج الاب كما اعتاد ان يخرج بعد وجبة الغداء ، وخرج الاخوين ، كلٌ الي حياته الخاصه مع اصدقائه ، وبقيت هي لوحدها مع أمها ،،،،
كان الجو شتائاً والسماء قد بدأت في الخارج تدمع غيثها تدريجيا ، احست ببرودة قدميها فلبست جواربها الصوف التي صنعتها بنفسها ، وذهبت الي المطبخ كي تصنع كوبين من الشاي لها ولأمها ، وقفت تنتظر حتي غليان الماء في صمت وهدوء حتي انتهت ورجعت لأمها مرة اخري ، وضعت صينية الشاي علي ترابيزة مستطيله ومتوسطه الحجم ، وجلست هي علي كرسيها المفضل ورفعت رجليها ووضعتهما تحتها حتي لا تحس ببرودة البلاط ،،،،
نظرت للتلفزيون للحظات لتري ما تشاهده أمها فوجدتها تشاهد احدى القنوات الفضائية الدينيه لعلها الناس او الرسالة او اقرأ كلهم متشابهون ،،،،
مسكت الابرتين والدثار وبدأت تستكمل الدثار او الشال الأسود ،،،،
لا تعرف لمن تحيكه لكنها متأكده من داخلها انها تصنعه لشخص بعيد تنتظره ولا يأتي ،،،،

قد يأتي الليلة او غدا او بعد ايام او شهور ، ملت الانتظار لكنها لم تمل الامال والاحلام ،,,,
مع كل عقدة تعقدها من الخيط تطلق خيالها للعنان بلا حدود للأنطلاق وتكسير الاغلال والقيود ،،،،
لدنيا جديدة ، خلف الشواطيء البعيدة ، او حتي ما وراء النهر قد تكون في الجنوب او الشرق ، في الغرب او الشمال ليس مهم الاتجاه المهم انها بلا حدود ،،،،
ارض جديدة فضية وبيضاء كأرض المحشر لم يغتال عليها احلام فتاة من قبل ،،،،
عندما نظرت اليها رفت رموشها فرحا ودهشه ، انه الربيع ، والازهار تغطي الاشجار ، علي كل غصن عصفور يغني اليها ، وريح تهب فتنفض الزهور من علي شعرها المسدل علي كتفيها ، وهي تنظر لطريق طويل علي جانبيه اشجار زيتون ونخيل ، في اخره فتيات يمسكن باقات من الزهور والشموع ، ينظرن اليها بابتسامات وضحكات ، احست بالخجل لكنها مشت اليهن ، حتي عندما وصلت امسكن بيديها واخذوها الي قصر كبير تشدو من داخله موسيقي عذبه وجميله ، وهي مازالت علي اندهاشها لا تدري اين هي وماذا ينتظرها من مستقبل وحياة ،،،،
مازال في يديها الشال لم تتركه للحظه واحده كأنه امانة لابد ان توصله الي صاحبها
تُلبسه أياه ، كأنه ينتظر هذا الشال ، تحميه من البرد بكل لمسة من يديها ،،،،
تخبره حين تنظر له بحريه ، انها حاكته له وحده بأيامها ومشاعرها ، كل خيط بيوم وذكري وانتظار ، وكل عقدة بأمل وحلم في هذا الغد المنتظر ,,,,,,
فجأة قطع صوت الأم هذة الرحلة وعاد بها الي غرفة المعيشه مرة اخري وصوت الشيخ الصادر من التلفاز ،،،
وقالت لها : الشاي برد !!
ردت الأبنه : نعم لقد انتبهت له .....

واحست بالبرودة تسربت مرة اخري الي قدميها ، حركتهما بغرض التدفئه واستكملت عقد خيوطها واحلامها ,,,,
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللوحة لكارفاجيو

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

من اجمل القصص القصيرة المعبرة عن المشاعر الداخليه لفتاه تنتظر احلامها التي بدات تفقدها رويدا رويدا

شكرا علي القصه