الجمعة، 21 مايو 2010

سفر الأحلام

كان يمشي بسرعة لكي يلحق ميعاد القطار الذي قد حان ميعاده بعد خمس دقائق ، ظل يمشي ويخترق الزحام الكثيف في مثل هذة الساعة التي تشهد عودة الموظفين الي مدنهم القريبة من العاصمة ...
كان الجو خريفياً جميلاً الشمس ساطعة تزاحمها في السماء بعض السحب الخفيفه التي تلطف من الجو مع نسمات باردة تأتي كل حين ،،،،،،
كانت السيارات تقف مصطفه امام بوابات المحطة الكبيرة تنتظر من أتي وبعضها يودع من سيرحل ، الزحام اعاقه كثيراً للوصول في الموعد المناسب ، وصل الي باب المحطة راكضا في البهو المتسع لصالة الركاب وارصفة المحطة وعندما وصل الي الرصيف المطلوب وجد القطار قد رحل  مخلفاً في الأفق القريب دخانه واخر عربه فيه ،،،،
وقف ساخطاً وحزيناً لانه لم يصل في الوقت المناسب وعليه انتظار ساعتين لكي يلحق بالقطار الاخر ....
وقف حائراً ينظر حوله ماذا سيفعل في هذا الوقت ، تمشى قليلاً بأتجاه بائع الكتب والجرائد  وقف ينظر الي عنواين المانشيتات وبعض الكتب المعلقة في فاترينة الكُشك ....
كانت هي ايضاً قد فاتها القطار ربما نفس القطار الذي لم يلحقه وللمصادفه كانت تنتظر قطاراً اخر بعد ساعتين ربما ايضاً يكون هو القطار الذي ينتظر !!
اخذت جريدتين واحده مستقلة والاخرى مُعارضه ، اخرجت النقود ورقة بعشرين جنيهاً واعطتها للبائع فقال لها ليس معي فكة ...
وقفت محتاره وكادت ان تُعيد الجريدتين مكانهما لكنه سمعها هي والبائع وقال لها اعطيني العشرين جنيهاً انا معي فكه ،،،،،
شكرته وانصرفت وتمشيت قليلاً بأتجاه الرصيف لا تدري ماذا تفعل حتي ميعاد القطار ربما يتأخر والوقت يمر ببطء !!
كانت قد تجاوزت الثامنة والعشرين منذ ايام وجهها طفولي يخبر من يراه انه اصغر من ذلك بكثير وزاده الارهاق عذوبة ونظرتها كانت اقرب الي برائة الاطفال فكل هذا يعطي انطباعاً انها اصغر من سنها كثيراً ...
كان يقف بالقرب منها ينظر اليها احس من وقوفها وتململها وذهابها وايأبها كل حين انها قد تكون منتظرة نفس قطاره
كان هو تقريبا في نفس سنها لكن ملامح وجهه تدل علي انه اكبر من ذلك ربما الحياة قد تجعل الانسان يكبر قبل الاوان ....
تمشي اليها ووقف بجانبها وقال لها هل فاتك القطار الذي رحل منذ دقائق ؟
لم تنظر اليه انما نظرت لشريط السكك الحديديه وقالت : نعم اكيد واضح ان كل منا فاته القطار
فأبتسم ونظر الي ماتنظر اليه ورد عليها : واكيد كل منا ينتظر قطار اخر !
رجعت قليلاً للوراء مبتعده عن حافة الرصيف وقالت : لكن دائماً الثمن في الوقت الذي يضيع في انتظار القطار الجديد
اقترب منها قليلاً وقال لها : قد يكون التعويض فيما نقابلهم في الرحلة الجديدة ؟
نظرت للجريدة متظاهرة انها تقرأها لكنها طوتها مرة اخري وقالت : ربما لكنها ماهي الا رحلة وستنتهي !!
كان يحس بالعطش الشديد بعد مجهوده في محاولته للحاق بالقطار  وكان شديد التوق لكوب من الشاي يزيح عن كاهله بعض ارهاق اليوم فعرض عليها ان يعزمها علي الشاي فلم تمانع ....
جلسا سوياً في الكافتريا القريبة من الرصيف وضعت شنطتها الصغيرة بجوارها وهو وضع شنطته علي الكرسي المجاور له ...
كانت تحس بنسمة باردة اشعرتها بالبرودة مع ارهاقها الشديد فضمت الشاي بين يديها حتي تستمد الدفء منه واخذت تنظر علي مانشيتات الصحيفة التي امامها ...
فقطع عليها قرائتها وبادرها بالسؤال عن مدينتها المتجهة اليها وردت هي عليه بنفس السؤال واخذا يتعارفان علي بعضهما من اسامي وعمل ودراسة وهكذا ،،،،،،
كان ميعاد القطار قد اقترب كثيرا فبعد ان نظر الي ساعته قال لها : قد تكون الرحلة بداية لرحلة اخري اكبر ؟ 
فأبتسمت وهي تلملم الجريدة ونظارتها الشمسية استعدادا للذهاب الي رصيف القطار وقالت : لا احد يعلم ماذا يخبيء القدر للمسافرين ....
انطلق صوت السيدة في ميكرفون المحطة معلنه وصول القطار رقم كذا القادم من مدينة كذا والمتجه الي مدينة كذا ،،،،،،
فاتجها سوياً الي القطار وركبا معاً ،،،،،،،،
جلست بجوار الشباك وجلس بجانبها ،،،،،،
وانطلق بهما القطار  رويدا رويدا ،،،،،،،
مخلفا وجوهاً كثيرة علي جانبيه ،،،،،،،
وربما اخرين قد فاتهم هذا القطار ،،،،،،،،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللوحة لمونيه

هناك تعليقان (2):

بنت الشلبية يقول...

حياة الانسان عبارة عن قطارات اللى بتفوته و اللى بيركبها و اللى بيشوفها بس من بعيد

جميله اوى يا رامى

Unknown يقول...

ربنا يخليكي يا هدير

بالظبط حياتنا عبارة عن رحلات جوه رحلة كبيرة

فيه ال بيفوته قطر وممكن يعوضه

وفيه ال مابيقدرش يعوض

والمهم الشريك في الرحلة دي