الثلاثاء، 1 يونيو 2010

الحلم الطويل

وصلت الي الرواق الأبيض الطويل الممتد و علي جانبيه ابواب مغلقه ، كان الهدوء يخيم علي المكان لا تسمع الا اصوات خطواتها واصوات بعض الممرضات يتهامسن في غرفتهم الخاصه ، تمر بجانبها احدى الممرضات في زيها الابيض تحمل جهازا للضغط وتمشي سريعاً .....
وصلت الغرفه التي يرقد فيها ، كان المكيف باردا الي حد ما وصوت المونتور واجهزة رصد نبضات القلب والضغط والاوكسجين تخلق مزيدا من التوتر ، كانت جالسه علي كرسي بجواره احدى الممرضات فلما دخلت استأذنت علي الفور وقالت لها لو احتاجتيني في شيء اضغطي علي الجرس ....
كان غائباً كالمعتاد في غيبوبته الطويله مرسومة علي وجهه تلك الابتسامة التي لم تفارقه منذ ان دخل في رحلته الأزلية منذ شهور ، لا احد يعلم ان كان يدرك ما حوله أم لا ، لكنه قرر تجاهل هذا العالم أم انه في رحلة مجهوله لا يعلمها الا الله وهو ولا احد يعلم كيف ستنتهي هذه الرحلة ..........
جلست بجواره علي كرسيها الخاص نظرت اليه وبدأت حديثها معه ،،،،،،،
اعذرني يا حبيبي لقد تأخرت عليك اليوم ، كنت في العمل واشتريت بعض احتياجات البيت اعلم انك انتظرتني كثيرا لكني اعتذر اليك وارجو ان تسامحني ......
أتعلم ؟ وقفت في المطبخ وصنعت تلك المكرونة والبيتزا التي تحبها كم اود لو تأكل منها!!
اتتذكر عندما كنت تخبرني اننا عندما نكون في بيتنا سوف تجعلني اطبخها لك بأستمرار ،،،،،
بكيت بشدة حتي سألتني امي عن سبب بكائي لكني لم استطيع ان اخبرها....
متي ستأتي كي اصنع لك ما تحب ,,,,,,,
حبيبي أعلم اني قسوت عليك كثيرا وأعلم اني ضيعتك مني لكن هل من سبيل للغفران
هل من سبيل للعودة ؟
لا اعلم من اضاع الثاني لكنك الان في رحلتك المجهوله لا اعلم منذ سنين ام منذ شهور لم استطيع ان اعد الايام والشهور من بعد ان تركتني .......
اتسمعني ؟
لا اعلم سر ابتسامتك اهي صفح وغفران ام استهزاء من العالم ام وداع ام هي سر كأبتسامة الموناليزا ،،،،،
كنت تقول لي ان ابتسامتي احلي من ابتسامة الموناليزا !!
وانا اقول لك ان ابتسامتك محيرة و اكثر غموضا  من ابتسامة الموناليزا ......
امسكت يديه بكلتا يديها وضغطت عليها بشدة فزادت دقات قلبه في جهاز المونيتور وهو مازال علي ابتسامته !!
كنت تحتملني كأنني طفلة تدللها وتستمتع بذلك وكنت انا اتمادي كي انعم واغرق في حنانك ،،،،،
سامحني عندما ضيعتك مني لم استطيع ان احميك واحمي نفسي ،،،،
لكنك وعدتني انك لن تعاقبني ابدا وها انت تُخلف وعدك وتعاقبني بقسوة ,,,,,,,
اخرجت صورا من حقيبتها الصغيرة ومسحت دموعها .........
انظر ياحب عمري أعلم انك دائما كنت تُحب صورنا والصور التي اخذتها لي ....
هذه عندما كنا علي الشاطيء في الشتاء وكانت تمطر علينا وجرينا سوياً واصررت ان تصورني تحت المطر ،،،،
قلت لك لا سأكون علي غير جمالي المعتاد ......
فضحكت وقلت لي ستكونين اجمل النساء تحت المطر ....
انظر لهذه عندما كنا سوياً في القلعة وطلبت من احد الاطفال ان يصورنا وعلمته كيف يقوم بالتصوير ،،،،
أتعرف حاولت ان اقطع كل تلك الصور حتي لا اتعذب لكني لم استطيع خفت لتحزن وتغضب مني ,,,,,
عندما ذهبت في حلمك الطويل وبدأ مرضك في درجاته المتاخره كنت انا يالا حسرتي بعيده عنك وبدأت انت رحلتك المجهوله وحلمك الطويل ، دعوت الله ان اكون معك وانام بجوارك في هذه الغرفة ، قد اكون في نفس الحلم وفي نفس الرحلة المجهوله قد اترك عالمي القبيح واكون معك في عالمك الجميل .....
لكني ضيعتك في واقعي ودنيتي وانت بين يدي فكيف اجدك وانت في حلمك الطويل ؟؟
حبيبي لقد قال لي الطبيب انه قد يكون هناك أمل ان تعود لكنه أكد لي انه كلما مر الوقت الامل في العودة ضئيل هل هذا صحيح اخبرني وقل لا !!
لماذا لا تصحو الان حتي ولو لحظات تقول انك سامحتني وانك تحبني .....
امسكت يديه ووضعت يديها الاخري علي شعره ....
لو لم تسمعني فقد تحس بي بلمساتي أمازلت لا تحس بي وتغفر لي ...
بالأمس اشتريت لك الكتاب الذي اخبرتني انك سوف تشتريه ، كنت سأقره لك اليوم لكني نسيته !!
وعدتني انك انت الذي ستقرأ لي وخلفت وعدك معي ،،،،
لن أسامحك لو لم توفي بوعودك لي !!
اه لو تعلم كم اتعذب لقد اصبحت طفلة حمقاء وللعجب اصبحت عجوز خِرفه
اعيش الماضي وفقدت الحاضر والمستقبل ،،،،،
انت ذهبت في حلمك وغيبوبتك ،،،،،
وانا ضعت في يقظتي وجنوني ،،،،
الا آن الاوان ان نلتقي في طريق تنتشلني وتأخذني في حلمك الطويل ،،،،
أم اسحبك بيديا من اعماق ذلك الحلم المجهول ،،،،
حبيبي ألم تشتاق لي كنت اغيب عنك ليوم وتشتاق لي كطفل تائه من احضان ام رؤوم ،،،،،،،،،
وانت الان غائب عني منذ زمن لم احدده بعد ومازلت تبتسم لي ،،،،،،
وقفت وتمشيت قليلا في الغرفة بدأت تحس بالبرودة المنبعثه من جهاز المكيف ونظرت من الشباك المطل علي حديقة المستشفي ولفت يديها علي صدرها وكتفيها ....
انني في اشد الاحتياج لتدفئني لقد عشت شتائا وبردا طويلا منذ ان تركتني لعالمك المجهول ،،،،،،،
لا اعلم الي متى سيمتد هذا الشتاء والي متى سأحتمل ؟
رجعت مرة اخرى اليه ولملمت الصور الملقاه علي صدره ووضعتها في حقيبتها الصغيرة ..
سأتي اليك غداً مبكراً باذن الله الا تريد مني شيء ياحبيبي ؟؟؟
نظرت له ومسحت دموعها واستدعت الممرضه وطلبت منها ان تخفف من برودة جهاز المكيف ...
وخرجت عبر الرواق الابيض الطويل لا تسمع غير اصوات الاجهزة الالكترونية وبعض همسات الممرضات وصوت قدميها .....
وهو مازال مبتسماً لها وللعالم اجمع لا يعلم متى سيعود او ربما لا يعود
قد يكون عالمه الجديد وحلمه الممتد اجمل واحلي من هذا العالم البغيض
لكن لا يعلم سر عالمه الغامض غيره هو !!!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللوحة لسلفادور دالي


ليست هناك تعليقات: