الخميس، 17 يونيو 2010

مشهد عبثي ( الأشجار المتساقطة )

المكان لا ادري بالفعل اين هو المكان؟ لكنه منزل ريفي وسط الغيطان الزراعية و يحاوطه الكثير من اشجار الكافور والثرو ....
البيت المكون من دورين يملكه المهندس بالمعاش مدكور زكي ، كان يعمل مهندساً بالري ، ليس بالنحيف ولا الثمين ، تجاوز الستين عاماً بخمس سنوات ، شارك في شبابه في حرب اكتوبر وعبر للضفة الشرقية مع الجنود البواسل آن ذاك ، وبعد ان خرج للمعاش ابتعد كثيرا عن صخب المدينه وقرر ان يعيش في هذا البيت الريفي البعيد ،،،،،،
زوجته السيدة فاطمة  ربة منزل متعلمة ، لكنها قررت الاكتفاء بالتعليم وعدم العمل رغبة منها في تربية ابنتهم الوحيدة ، ومن جهه اخرى حبها الشديد للبيت وعدم الالتزام بأي عمل قد لا تستطيع انه تقوم به فهي كسولة بعض الشيء !!
الأبنة هي شريفة مدكور فتاة رقيقه وحالمة ، في منتصف العشرينات ، يعيبها التردد والاندفاع ، لا تستطيع ان تقرر ماتريد ،،،،،
الجده العجوز ضعيفة البصر ، هي ام المهندس مدكور وصلت لارزل العمر تجاوزت الثمانين من عمرها ، ثرثارة جدا وان لم تجد ماتحدثه فأنها تحدث نفسها ، في بعض الاحيان تتحدث بالصدق وفي البعض الاخر بالخزعبلات ،،،،،
الضيف الدائم علي البيت هو الخال الشيخ حلمي ، يؤم المصلين في المسجد المجاور للبيت ، رجل شديد الطيبه لا يلقي بالاً لاي شيء في العالم سوى انها ارادة الله فقط ،،،،

الغرفة الكبيرة في البيت التي دائما ماتجمع كل هؤلاء ، في الواجهه نافذة مطلة علي الارض الزراعية الشاسعة واشجار كثيفه من الكافور والثرو ، بجوار النافذة جهاز راديو قديم معلق علي احد الارفف ،،،
وصالون كبير من الطراز القديم في الناحية اليمنى للغرفة ، أما الناحية اليسرى فهي عبارة عن بعض الاساس الريفي المكون من اريكتين من ذواتا  المساند ، و في المقابل جهاز تلفزيون ، علي الحائط صورة زفاف قديمة بالأبيض والاسود لمدكور وزوجته وصورة اخري لمدكور وهو بالملابس العسكرية وصورة اخري لشريفه وهي طفلة تركب دراجة ،،،،،

تقف شريفه تطل من النافذه وهي تتأمل قطة صغيرة ترضع صغارها ، ازعجها صوت قادم من بعيد من وسط الغيطان يبدو كسقوط اشجار وصوت مناشير كهربائية ، ازداد الصوت عند سقوط شجرة كبيرة فأنزعجت وقالت لأبيها انه صوت سقوط شجرة كبيرة من الذي قد يفعل ذلك ؟
فرد عليها الاب بدون اهتمام : لا تلقي بالاً لهذا ربما احدهم يقوم ببناء بيتاً ......
واستكمل في قلق بعد ان اخذ دواء القولون العصبي : يا الهي كيف اقضي علي هذة الفئران اللعينه التي دائما ماتهاجم مستودع الغلال في البيت ، لقد فعلت معها كل شيء بداية من استخدام المبيدات والسُم حتي اجهزة الصعق ، انها تحاربني بشدة وانا كالعاجز امامها ولا ادري ماذا افعل ......
تجلس السيدة فاطمه وهي تقوم بتنقية الارز امام التلفاز تتابع المسلسلات كالعادة بتركيز واهتمام شديد وفجأة صرخت وقالت : لا هناك حل !!
فيلتفت اليها السيد مدكور في ردة فعل سريعه ويقول لها : ارجوكي ائتني به حالاً ....
لكن يبدو ان زوجته كانت لا تقصده هو فقالت وهي محملقه في التلفزيون : لابد ان يتزوجها اولاً حتي يستطيع ان يضمن حقه في ميراث العائله !!
فنظر لها في حنق وغضب وقال : كم اتمنى ليلغوا هذه المسلسلات التافهه اللعينه !

كانت الجدة العجوز جالسه تصنع القهوة فضحكت وقالت : طالما  يوجد من يذبح الاشجار التي تحيطنا ستهجم الفئران والقوارض الاخرى علي البيت ، وربما تلتهم اساس البيت القديم وتلتهمنا هاهاهاهاهاهاها

كان يصعد درجات السلم الشيخ حلمي بمسبحته الطويله ذات التسع وتسعون حبه وبجلبابه الابيض وعندما دخل القي السلام فردوا عليه جميعا دون ان يتحرك احدٌ من مكانه ، فجلس بجوار مدكور وقال له : امازلت علي قلقك وتوترك المعتاد ؟
ترك مدكور المجلة الزراعية التي كان يقرأ فيها عن كيفية مكافحة الفئران ، خلع نظارته الطبيه ذات السلسلة وقال : لا ادري ماذا افعل ؟ في الصباح دخلت المستودع وجدت الاشولة كلها مقطوعة ووجدت خشب الباب والنافذه مقروض , لقد جن جنوني ، اعلم اني دائما ما اصدعك بهذا فأنت ليس لك ذنب ، لكن انت صديقي ولا اجد احد اشكو له همي وحزني ، لماذا تهاجمني الفئران انا وحدي دوناً عن بقية البيوت ، انها لا تهاجم منزلك يا شيخ حلمي أليس هذا صحيح ؟
الشيخ الضيف ينظر للسماء ثم ينظر الي مسبحته ويقول له : اتركها علي الله كل شيء بيديه  انها مشيئته سأدعو لك الله كي يفرج كربك وهمك .....
في تلك اللحظه كانت شريفة تحدث خطيبها في التليفون وتقول : لا استطيع ان اسافر هذا الاسبوع انني في حالة نفسية سيئة وتصيبني هواجس غريبه وخوف ، اتركني لكي اهدأ قليلاً مع نفسي ....

يزداد صوت المناشير الكهربائية اقتراباً وسقوط الاشجار شجرة تلو شجرة ، كان الامر مجهولاً لاهل البيت او ربما هم لا يفكرون فيه ,,,,

كانت تقف شريفة في النافذه كالمعتاد وتمشط شعرها لكنها لم تستطيع ان تستمر فكان صوت المناشير قوياً والشجر يسقط قريباً من البيت لدرجة أن مع سقوط كل شجرة يهتز البيت معها فصرخت وقالت : البيت سينهد ويقع علينا يا أبي !!
كان الأب يجري خلطة من سُم الفئران القوى قد استنبطه من المجلة الزراعية فرد عليها وقال : كفى مزاح ألا يكفي ما أنا فيه الان ...........
أما الام فكانت امام التلفزيون تبكي لموت احد أبطال المسلسل الذي تشاهده : مات وهو في مقتبل عمره وشبابه يالا حزن امه وحبيبته عليه ........
والجدة جالسه علي الأريكه تضع خدها علي يديها : صدقتي يا ابنتي سيقع البيت علينا قريباً وستأكلنا الفئران وفجأة تبكي بدون سبب محدد ....
كان مدكور يأخذ دواء القولون ويحدث الشيخ حلمي : معقوله يا حلمي انا من حارب وعبر وكنت قائداً يُشار له بالبنان اعجز عن مواجهة الفئران ، اتهزمني تلك الكائنات الحقيرة الدُنيا لقد واجهت العدو بكل قوة وشجاعة وانتصرت عليه ، اقف حائراً هكذا ؟
مازال الشيخ حلمي يسبح بمسبحته فوقف وقال له : كله بأمره انها ارادته هو ، سبحان الله ولا اله الا الله ، سأذهب لأصلي العصر .....
يزداد اقتراب سقوط الأشجار حتي سقطت شجرة عالية شهدتها شريفة من النافذة وصوت المناشير اكثر قوة من ذي قبل ، والبيت يزداد اهتزازاً ...
شريفة تبكي وتقول : يا أبي البيت يبدو انه سيقع علينا الا تري تلك الاهتزازات ؟؟
يجلس مدكور ويقول لها : مازلتي فتاة صغيرة كما انتي لا تكبري ابدا ولا تنضجي ، تخافي من اقل شيء ، ان ماتقولينه هراء كيف لبيت يسقط من سقوط الاشجار او من الفئران كما تقول جدتك لا تصدقي جدتك انها لا تدري ماتقول ، أما الفئران سأنتصر عليها في الغد ....
في اليوم التالي بدأ العمال المجهولون ينشرون الاشجار القريبة من المنزل وسقطت شجرة الثرو القديمه ، فوضعت القطه ابنائها في فمها وذهبت بهم بجوار البيت ، وهربت الفئران من الجحور الموجوده في جذور الشجرة العتيقة  وبجوارها ودخلت علي بيت مدكور ، مع سقوط الشجرة القديمه اهتز البيت بقوة حتي حدث شرخٌ كبير في الجدار الجنوبي للبيت فسقط ، وبدأت الفئران في قرض الاساسات ....
العجوز تضحك وتقول : لقد قلت لكم ستأكلنا الفئران هاهاهاهاها
لكنكم لم تصدقوني وقلتم عجوز حمقاء .........
السيدة فاطمه تركت التلفزيون اخيراً لكن السبب كان في انقطاع كهرباء المنزل بسبب قطع الاسلاك فنظرت حولها وقالت : سأخذ ابنتي واذهب الي بيت اخي سألملم اغراضي حالاً ..........
أما مدكور فأحضر بندقيته القديمه وهبط علي المستودع الذي احتلته الفئران واصبح كالمجنون يطلق عليهم النار حتي سقط عليه احد الجدران الخشبية ......
وخلفه يهرول الشيخ حلمي ويقول : يا الله نجنا من الكرب يا رحيم ......

خرجت شريفة تبكي تبحث عن القطة واطفالها الرضع فوجدتهم بجوار البيت فأخذتهم بعيداً واحتضنتهم ووقفت تنظر للبيت المنهار وابوها الذي يعرج علي قدميه ، وامها تولول بشده ، وخالها يحمل جدتها ويذهبون بعيدا بعيدا ,,,,,,,,,

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللوحة لمونيه  
 

هناك 3 تعليقات:

سمــاء نافـــذ يقول...

جميلة جدا هذه اللوحة الفنية

نص راقي

وحلو بمذاق السكر

للأمام

Unknown يقول...

الف شكر ليكي يا سماء على تعليقك الجميل ،،،،
والحمد لله انها عجبتك واتمنى تقري باقي التدوينات والقصص وتقوليلي رأيك ان شاء الله
الف شكر مرة تانيه واهلا بيكي صديقة في مدونتي ،،،،

elbshyar يقول...

شركة مكافحة حشرات بمكة
أذا كنت تبحث عن شركة مكافحة حشرات تقوم بأستخدام المبيدات الاّمنة على أطفالنا
وتقوم بأستخدام المبديات التى تقضى نهائيا على الحشرات و تمنع تكاثرها
شركة صقر البشاير مكافحة حشرات بمكة
تقدم أفضل الخدمات فى مكافحة حشرات
حيث تستخدم المبيدات الامنة والتى تقضى تماما على الحشرات
فهى تعتبر من أفضل الشركات لمكافحة الحشرات
ويتوافر لديها عمالة متخصصة ومدربة جيدا يقدموا أفضل عمل لديهم
شركة صقر البشاير أسعارها فى متناول الجميع
شركة مكافحة حشرات بمكة
شركة مكافحة حشرات بمكة

اتصل بنا على0500941566
http://www.elbshayr.com/3/Pest-control