الاثنين، 12 يوليو 2010

المُطارد

المشهد الأول

غرفة استقبال في فيلا متوسطه  ، غرفة المكتب مؤسسه بأثاث فخيم وفي الواجهة مكتبة مليئة بشتى أنواع الكتب والمؤلفات ، بجوارها مكتب كلاسيكي الطراز ...
يجلس طاهر  متوتراً ودقات قلبه متسارعه ، ينظر الي السيد مصطفى المحامى ...
المحامى يراجع بعض الأوراق التى أمامه ثم يلتفت لطاهر ويقول : لا تقلق حضرتك انها ليست أول مرة التى تجيء فيها الينا بعض الاسر لكي يتعرفوا عليك ويتأكدوا انك من عائلتهم أو لا فلماذا انت متوتراً هذه المرة ؟ ، كل شيء سيمر بسلام ان شاء الله .
يحاول طاهر ان يهدأ قليلاً ويقول : لقد اصررت علي والدي رحمه الله ان لا يفعل ذلك وان لا ينشر ذلك الأعلان في الجرائد لكنه اصر واقرها في وصيته لانه احس ان ذلك سوف يطمئنه علي ، رغم انني لا ابحث عن ذلك ورضيت بما قسمه الله لي من فقدان للذاكره منذ سنوات ورغم بحثى عن جذوري وعائلتي الا عندما فشلت رضيت بذلك ...
يتمشى المحامي ويجلس بجوار طاهر ويقول له : انت تعلم انه منذ خمسة عشر عاماً عندما وجدك كامل بيه رحمة الله عليه في الطريق  وانت فاقد الوعى ومُصاب بجروح خطيرة وهو اتخذك ولداً له عوضاً عن حرمانه الذرية والسند في الحياة وانت حفظت له ذلك الجميل وساعدته في اعماله وكنت خيرٌ من الولد له ، لكنه كان دائم الاصرار علي انك لابد ان تبحث عن اسرتك ، واوصى لي قبل موته منذ سنتين ان ننشر قصتك في الجرائد وصورتك واختفائك عن ذويك منذ ذلك الوقت ، فلنسعى ونعمل كما اوصى الرجل حتى يطمئن عليك في قبره ...
يتهند طاهر ويقول له : حسناً ، اعطنى معلومات عن تلك الأسرة  الجديده وماذا ارسلوا لك من معلومات ؟
يخرج المحامي ورقه من احدى الاظرف ويقرأ منها : هي اسرة ميسورة الحال ، الأب كبير في السن كان يعمل طبيباً لكنه توقف الان عن ممارسة المهنه ، الأم  اصغر منه بقليل ولا تعمل ، توجد اختاً واحده يقولون انها اكبر منك بثلاث سنوات ، جذور العائلة من الصعيد ألا انهم مقيمين في القاهرة منذ زمن بعيد ، يقولون انك اختفيت عنهم في نفس الفترة الزمنية التى وجدها فيك السيد كمال كما اوضحنا في القصة التي نشرناها ، ومن الصورة التي نشرناها لك يؤكدون انك تشبه ابنهم بشكل كبير جدا ، ووقت اختفائك عنهم كنت في الخامسه والعشرون من عمرك أي نفس السن تقريبا ، هذه كل المعلومات التى ارسلوها لنا ...
ينظر طاهر للساعه ويقول : اممممم لي اخت واحده واب كان يعمل طبيباً واصولي صعيديه  طيب ، كم من الوقت تبقى علي مجيئهم ؟
يرد المحامي ويقول : المفترض بعد عشر دقائق من الأن حضرتك ...

المشهد الثاني

الخادم يطرق الباب فيقول له طاهر : تفضل
الخادم يقول : الدكتور احمد الصاوى واسرته في الخارج ويطلبون مقابلة حضرتك ..
يرد عليه طاهر : قدم لهم العصير وانا سوف اتى حالاً .
يجلس الدكتور احمد وهو رجلٌ قارب علي السبعين من عمره وبجاوره زوجته اصغر منه قليلاً لكنها اكثر صحه منه وعلي المقعد المجاور تجلس سهير وهى في منتصف العمر متوسطة الجمال في الرابعه والاربعين من عمرها تقريباً ...
تتهامس سهير مع أمها وتقول لها : ياااه انه  بيتٌ جميل  واثاثه فاخر ، تُرى سيكون هو سيف أخى أم لا ، انتي المفروض أم  وعندك نوع من الحدس داخلك يقول لكِ هو أم لا ..
ترد عليها الأم : سنرى عندما يأتي ، لكنى متوترة لا أدرى ان احدد لكن قلبي يقول انه سيف ، لكن لا أعلم لو هو فعلا هل سيتذكرنا ؟؟
 يدخل طاهر قادماً من مكتبه ، وعندما يرونه جميعاً يصيبهم الدهشه والفرح  لكنهم يثبتون في مكانهم ..
تقول سهير هامسه لأمها : انه سيف يا أمي لكن كبر قليلاً ، انه اختلاف خمسة عشرة سنه لكنه هو ، نفس أنف اسرتنا والعيون وحتى نفس لون الشعر المائل للبني ، حقاً هو ..
ترتبك الأم وتقول لها : نعم نعم انه يشبهه تماماً  لكن هل ياتُرى سيتذكرنا ويعرفنا أم لا ؟
يلقى طاهر السلام ويطلب منهم الجلوس ويرحب بهم بالأب اولاً ثم الأم وبعد ذلك الأخت ، بعد ذلك بدأ حديثه معهم
وقال : معذرة ارجو اولاً ان تنادوني مبدئياً بأسمي الذي اعرفه وهو طاهر حتى يتثنى لنا التأكد من اني سيف ابنكم أم لا ، حتى لو كنت اشبه السيد سيف تمام الشبه فربما اكون هو وربما اكون شخصٌ اخر ويصدق المثل يخلق من الشبه اربعين ، فأرجو ان نتعامل رسمياً حتى يتضح كل شيء ...
ينظر له الأب ويقول : اتفق معاك يا بنى لكنى أؤكد لك انك سيف أبنى حتى نبرات صوتك الأن لم تتغير منذ خمسة عشر عاماً ، غير الشبه في الملامح والنظرات لكننا سنلبى طلبك علي الفور ، لكن لي طلب ان تجيء معنا الى بيتك أقصد بيتنا حتى يساعدك ذلك علي استعادة ذاكرتك ومعرفة كل شيء علي ارض الواقع فأعتقد ان هذا سيسهل الامور كثيراً ...
تدخل الأم باكيه وتقول : حقاً يا سيف لابد ان تأتي معنا الى بيتك ، الا تتذكرني انا أمك وهذه اختك ، ألم تحس بأي شيء تجاهنا ؟؟
يرد طاهر بهدوء : انا اوافق تماماً علي مبدأ الزيارة ولكن يا سيدتي انا الى الان لست سيفاً ولدك فأرجو ان تناديني بطاهر ...

المشهد الثالث

منزل الدكتور احمد الصاوى ، بيتٌ كبير في حى راقٍ ، البيت متسع به غرفة استقبال كبيرة واربع غرف مؤسسه جيداً ، غرفة خاصه بسيف ، وغرفة لسهير وغرفة مكتب وغرفة خاصه بألاب والأم ...
يجلس في غرفة الصالون او الأستقبال طاهر والسيد مصطفى المحامي ، يستأذن المحامي من طاهر ويقول له : لابد حضرتك ان ارحل الان حتى تكون علي راحتك  ولو فيه اي شيء اتصل بي علي الفور في مكتبى ..
يرحل المحامي ويظل طاهر مع الاسرة لوحده في المنزل ....
تنظر له الأم وتقول : هذا بيتك ومحل ذكرياتك كلها ، ياما جلست هنا أمام التلفاز وياما تشاجرت انت واختك عندما كنتم صغيران ، وهذة البلكونه الكبيرة التى كنت تحب ان تجلس فيها وعادة ماتعاكس بنات الجيران  ...
تضحك سهير وتقول : لقد كنت شقى جدا ولك قصص غرامية مع اغلب بنات الجيران وياما تسببت في مشاكل بيننا وبينهم
ينظر طاهر الى البلكونه ويقول : انا كنت افعل ذلك ، ربما انتم مخطئون فأنا كثيرا ما اشمئز من تلك الافعال ، بالتأكيد كنت صغيراً في السن وتوقفت عندما نضجت ؟؟
تقول الأم وهي تبتسم : لم تتوقف ابداً عن ذلك ، تعالى كي ترى غرفتك ..
يتوجهوا جميعاً الى غرفة سيف وهي في اخر الطُرقة علي اليمين ، تفتحها الأم ويقف طاهر ينظر اليها ...
سرير في المنتصف بجواره دولاب متوسط الحجم ، معلق علي الحائط صور للمصارعين وصور اخرى عارية لبعض الممثلات والمطربات ، في وسط الحائط معلق رأس ذئب محنط  ، مكتب صغير علي اليسار فوقه مكتبه صغيرة عليها العديد من شرائط الكاسيت وجهاز كاسيت متوسط الحجم ...
يحس طاهر بالضيق وينظر لأمه ويقول : اهذه غرفتي انا ؟ أكنت احب تلك الشخصيات المعلقه صورهم علي الحائط ؟ لم احس ابداً بميل لتلك الاشياء ...
تضحك الأم وتقول : لقد كانت متعتك سماع الاغاني الصاخبه بصوت مرتفع ومزعج لدرجة ان اختك كانت لا تستطيع الاستذكار ولا يستطيع أبوك ان ينام ، لقد كنت شاباً مندفعاً جدا ..
يجلس طاهر علي السرير ويقول للأم : اليس لي ذكريات طفوله تحكي لي عنها ، هل كان لي صديق مقرب عزيزٌ علي ، اخرج معه ونذهب للنادي سوياً ، احكي له اسراري واكون مستودع اسراره الخاصه ..
تتلعثم الأم وتقول : بالتأكيد نعم قد كان لك الكثير من الاصحاب والزملاء في مراحل عمرك المختلفه
يرد طاهر عليها في اصرار : انا لم اقصد زملاء الدراسه لكني اقصد صديق مقرب لدى ، بالتأكيد لم اكن وحيداً وكان لي صديق !!
تدخل الأخت وتقول : نعم لقد كان لك صديق ..
ينظر لها طاهر ويقول : وماذا حدث ؟ ، اين هو لماذا لم تخبروه عنى ؟
تقول الأخت : لقد حدث بينكم سوء تفاهم وتشاجرتما علي اثره وانفصلتما عن بعضكما ...
يزداد توتر طاهر ويقول : وماهو السبب ؟ ، لماذا لا تخبراني ؟ ، انا هنا لكي اعلم كل شيء عن ماضيا ولا ان ننتقى احداث الماضي السعيد ومعاكسة بنات الجيران وسماع الموسيقي ، لكني أريد ان اعرف كل الاحداث حتى اتذكر كل شيء ...
تقول الأم في انكسار : لقد فهم بالطريق الخطأ انك كنت تواعد اخته بشكل سرى وهذا كل مافي الامر وكثيرا مايحدث مابين الشباب ..
يرد عليها في عصبية ويقول : ومادام هذا يحدث مابين الشباب لماذا لم اخبره بالحقيقه واوضح له الامر فقد كان بالتأكيد اعز اصدقائي ؟
تقول الاخت : سأقول لك انا ، لقد ظبطك انت واخته في البيت لوحدكما في وضع صعب بين شاب وفتاه وتشاجرتما وضربته انت ضرباً مبرحاً وهربت قبل ان يأتي أبيه ، وهو ضرب الفتاه المسكينه حتى دخلت المستشفي ومن وقتها وعلاقتكما انقطعتا تماماً ...
ينظر طاهر الى الارض ويقول : واضح ان سيف هذا لم يسلم احدٌ قط من اذاه حتى صديق عمره خانه في اخته ..
تبكي الأخت وتقول : لم يكن هو وحده فأنا خسرت خطيبي بسبب فعلتك هذه ، خطيبي الذي احببته ثماني سنوات وكنا علي وشك الزواج ، لقد كان اخو الفتاه وأخو صديقك الأكبر ، لقد أمر ابوه بفسخ الخطبه وخسرت انا حبيبي الى الأبد ، كنا نحب بعضنا من الطفوله وجئت انت بأنانيتك وضيعت كل شيء وقضيت علي حبي ، انا اكرهك اكرهك وابغضك ، لانك دائماً ماكنت تسبب لي الألم وحتى عندما عدت فليس بداخلي أي حبٌ لك  ...
يبكي طاهر ويقول لها : لكنى لست انا هذا الشيطان اخوكي ، لماذا تكرري دائما وتقولي انت انت انت ، انا لست هو ولا يوجد شيء في يشبهه ، انا مخلوق مختلف عنه تماماً ، لا احب الغدر ولا احب ذاتي علي حساب الاخرين ، احب الهدوء ولا استمع الى تلك الموسيقي الصاخبه ، قد اشبه ذلك السيف اخوكي في ملامح الوجه او نبرات الصوت لكني بعيد عنه كل البعد ، انا بعيد عنه كل البعد ....
تخرج الأخت من الغرفة مسرعه وهي باكيه ، ويجلس هو وحيداً مع أبيه الذى جاء الأن ..
ينظر له الاب بعد ان جلس علي كرسي المكتب الصغير وقال له : هدىء من روعك ، لقد كنت فتى صغيراً وقتها وكنت طائشاً ومندفعاً جداً مع الجميع ، حتى مع أمك التي بالغت في تدليلك ، فقد كانت دائما تراك علي انك طفلها المدلل حتى بعد ان كبرت ، وانا لم يكن يعجبني هذا الحال فواجهته بالشدة معك ، فأصابك هذا بالعند اكثر ...
يهدأ طاهر قليلاً ويقول : ارجوك لا تحدثني علي اني سيف هذا فأنا لست هو ، لكن صحيح أخبرني لماذا ترك سيف المنزل في تلك الليله التي لم يعود بعدها لمدة خمسة عشر عاماً ؟؟
يقول الاب : ومن اخبرك انك تركت البيت غاضباً ؟؟
يقول طاهر : لقد سمعت سهير وهي تتحدث مع أمها وتقول لو لم يخرج غاضباً في تلك الليله لما حدث كل ذلك ، فأعتقدت انها تقصد بكلمة ذلك هو فقداني للذاكرة وضياعي لكل تلك السنين ؟؟
يتنهد الأب ويقول : نعم هذا ماحدث ، في تلك الليله كنت اخذت سيارتي بدون اذني وخرجت بها مع اصدقائك ، وكنت تقودها بسرعه كبيرة حتى صدمت سيارة اخرى في احدى الشوارع وهشمتها تماماً ، عندما عدت للمنزل من عملي وعلمت بما حدث ، ثار جنوني تماماً وعنفتك بشدة ، فقمت بالرد علي فضربتك وطردتك من المنزل ، ولم اعالج الأمر بحكمه وانت لم تعتذر لي عما بدر منك ، ظللنا نبحث عنك في كل مكان ولم نعثر عليك ابداً من ليلتها ...
يضحك طاهر ويقول : هاهاهاهاها تطرد ابنك الطائش في ليلة متاخره وتضربه رغم انكم السبب فيما وصل اليه من انانية واندفاع ، أم تلبي جميع رغباته وأب يعامله بقسوة شديدة كي يعدل الميزان معتقداً انها اصول التربية السليمة ، تطرد ابنك في ليل الشتاء القارس وهو مازال ابن الرابعه والعشرين لا يعلم اين يذهب ، لقد كان له الحق تماماً ان يصبح هكذا ، حتى بكل افعاله وانانيته ووحشيته لكنه كان صغيراً يحتاج علي الاحتواء والمعامله السليمه ، ارجوك اتركني يا سيدي لقد سئمت تلك الذكريات والاحاديث البطولية عن ابنكم هذا ، ارجوك لا اريد ان اتحدث الأن ....
يقوم الأب وهو يخرج يقول : ارجوك ان تعلم اني ظللت ابحث عنك طويلاً فأنت ابني الوحيد واحبك جداً ، واعترفت بخطئي كثيراً في التعامل معك ، واود ان تعلم ايضاً انك لست شريراً لتلك الدرجة فكما اخبرتك كانت هناك افعالاً نتحملها نحن معك بسبب اخطائنا ، فقد كنت صغيراً ...

المشهد الرابع

تأتي الأم الى الغرفة التي يجلس بها طاهر وتقول له : ابنة عمك تريد ان تراك فهى كانت صديقتك ايضاً وكانت تحبك وهى مصره انها ستساعدك علي استعادة ذاكرتك ..
يبتسم ويقول لها : وماذا فعل ابنكم لها هي الاخرى ؟؟ ، ادخليها لو سمحتى ....
تستأذن ابنة العم للدخول ، هي سيدة في السادسه والثلاثون من عمرها ، تتمتع بجمال كبير وكانت تنظر له بلهفه شديده ...
تقول : أيمكنني ان اجلس معك يا سيف
يرد عليها : الى الان لست سيف ولكن اتفضلي فهذا بيت ابن عمك
تنظر له في حنان وتقول : الا تتذكرني يا سيف انا ابنة عمك وصديقتك وحبيبتك ، لقد كنت تحبني حباً شديداً وانا لم اكن اقل منك حباً لك ، ان ملامحي لم تتغير كثيراً فأنا كما تركتني منذ خمسة عشر عاماً ، زاد عليا فقط بعض الكبر لكني كما انا ، ألم يمثل لك ذلك الوجه شيئا وتلك العيون التي طالما ذابت فيك عشقاً ...
ينظر لها في هدوء ويقول : لا ياسيدتي انا لم اتذكرك اطلاقاً
بدأت تتوتر قليلاً : لكني متأكده تماماً انك انت سيف ، فأنا مستحيل ان اتوه عنك ابداً ، فنحن روح واحده تعيش في جسدين ، لقد عشنا سوياً اجمل لحظات الحب وكنا دائما نهرب بدون علم اهلنا ونذهب الى شقتنا في الاسكندرية
مستحيل تنسى كل هذا ...
يسألها طاهر ويقول : يخيل الى انك متزوجه فأنت تلبسين خاتم في يديكي اليسرى !!
ترتبك ابنة العم وتقول : اااااه نعم انا متزوجه وعندي طفلين  لقد تزوجت بعد اختفائك بخمس سنوات بعدما انتظرتك كثيراً ، ومازلت الى الان انتظرك يا سيف
ينظر لها في استهزاء ويقول : تنتظريني لماذا ؟ ، وزوجك واطفالك فهما احق بذلك الوقت الضائع في الانتظار !!
تقول له في عصبية : انا لا احبه تزوجته رغم عني بعد اصرار أبي ، نعم انتظرك انت ، ولعلمك انني سأتطلق من زوجي قريباً ...
يضحك طاهر ويقول : هاهاهاهاها عندما علمتي بوجودي طلبتي الطلاق ، يالا الذنوب التي مثل زبد البحر التي تطوق رقبة سيف ، ياسيدتي حافظي علي بيتك وزوجك واولادك فأنا لست ابن العم المنتظر والمنشود وحتى لو كنت هو فأنا لست لكِ ولا اود ان ارتبط بأنسانه علي انقاض بيت اخر وسعادة زوج مخدوع ...
تضحك أبنة العم وتقول : لا تمثل علي دور القديس والطفل البريء انت في داخلك تعلم انك انت سيف لكنك تحاول الفرار من ماضيك وذكرياتك ، لكن حتى لو فررت من كل ماضيك ومن كل الناس فلن تستطيع ان تهرب منى ،
فلا تدعى السذاجه والبرائة ، انا لا احب زوجي وتزوجته رغم عني وكنت انتظرك كل تلك السنين واعلم انك ستعود في يوماً ما وهاقد عدت لي فلا سبيل أمامك وأمامي ألا ان نعود كما كنا ، أما انك تحاول ان تهرب مني فأنا لن اتركك ..
ينظر لها ويصمت قليلاً ثم يقول : رغم كل ماتتكلمين عنه من حب وذكريات وأيام فأنا لم اتذكرك او لا اريد ان اتذكرك ، انا احمد الله انه اخرجني من عالمكم هذا واعطاني ميزة لم يعطها للكثير من الناس وهي اني اصبحت كالطفل الذي ولد فقط منذ خمسة عشر عاماً بعد ان نسيت تماماً من انا ، واصبحت حراً كي ابدأ حياتي من جديد كما أريد وكما أود ان اعيشها ، وصدقيني فأنا متمسك بحريتي وبتلك الهبة الربانية ولن أفرط فيها ..
تزداد عصبيتها وتقول : ااااااه انت تعترف الأن انك سيف ، مهما حاولت ان تهرب من ماضيك سيطاردك اينما تكون ، لا يستطيع احد ان يختار ذكرياته ويختار عائلته وماضيه كل هؤلاء سيطاردونك أينما ذهبت ، حتى لو اخترت عائلة اخرى فما يدريك بماضيهم وبماضي ابنهم ، دائما الانسان يكره مشاكله واحزانه واحياناً تصرفاته لكن عندما يُخير له ان يمد يديه في صندوق الدنيا ويختار مشكلة اخرى او ذكريات اخرى فأنه للعجب يختار ايضاً نفسه ، وانت تريد ان تظل طفلاً ساذجاً خائف من ذكرياته وماضيه ..
يرد عليها في عصبية : لست حبيبك وابن عمك وحتى لو كنت أنا فأنا لا اريدك ولا اريد تلك الذكريات والعائلة ، ساذهب بعيداً ، يكفيني ان اعيش حياتي في هدوء كما كنت اعيشها  اتركيني وشأني واتركوني جميعاً ....

المشهد الأخير

في منزل طاهر ، صباح اليوم التالي ، يوماً ربيعياً جميلاً والشمس مشرقة مع بعض النسمات الخفيفه ..
يجلس مع المحامي ، ويخبره المحامي : اليوم ستأتي اسرة الدكتور احمد الصاوى لتعرف ردك النهائي وسيأتي من الاسكندرية الرجل والصبي الذى اخبرتك عنهم ...
يرد عليه ويقول : أي صبي وأي رجل ؟؟
يقول المحامي : انهم أيضاً يدعون انهم من ذويك واقاربك ومصرين علي مقابلتك ..
يقول طاهر : ومتى سيأتون ؟ ، أقبل ام بعد عائلة الدكتور
يرد عليه المحامي : اعتقد في نفس التوقيت بعد الظهر ان شاء الله
تأتي اسرة الدكتور جميعها ، الأب والأم والأخت و أبنة العم ، جميعهم في غرفة الاستقبال
يجلس هو في مكتبه ويستأذن عليه الأب في الدخول ، يدخل الأب ويقول : يابنى ان كان  اغضبك ماتحدثنا به اليك فأنت من طلبت ذلك وكان ذلك ايضاً سيساعدك علي استعادة ذاكرتك ، لكن سواء انت أبنى أم لا فلك ان تعلم أن كل انسان يوجد فيه الخير والشر قد يغلب احياناً جزء علي الاخر في شخصية الأنسان لكن يظل الأنسان ضعيفاً ، فكر قليلاً وتذكر انك ايضاً انسان ، انا وانت والاخرين بشر ولسنا ملائكه ..
لا يستطيع ان يرد عليه طاهر ، ألا ان يستاذنه ويخرج يتمشى قليلاً خارج البيت ...
كان المحامي يجلس مع ذلك الرجل القادم من الاسكندرية ويطلب منه الانتظار حتى ينتهى طاهر من ضيوفه واحس الصبي بالملل فترك المكان وذهب الى الخارج ...
كان صبياً في السادسه عشرة من عمره وسيم الوجه وهاديء الملامح ، يقف وحيداً اسفل شجرة التوت ..
فرأه طاهر من بعيد فتقرب منه وسأله : ماذا تفعل هنا ؟
رد عليه الصبي : انا جئت مع عمي كي نتعرف على ذلك الرجل الذي يقول عليه انه عمي
يقول طاهر : وهذا الرجل الذى بالداخل هو عمك وجاء يبحث عن اخوه او عمك الأخر ؟؟
يقول الصبي : لا حضرتك الرجل الذي بالداخل ليس عمى انه جار قديم لنا عندما كنا نعيش في القاهرة قبل ان نذهب الى الاسكندرية ، والرجل الذي نبحث عنه هو عمي اخو ابي ..
يقول طاهر : وأين ابوك وبقية اهلك ؟
يرد الصبي : انا ليس لي اهل تقريباً ، لقد مات ابي وامي وجدى وعمتى واخي الاكبر في الزلزال ، ونجوت انا بأعجوبه ، كنت طفلاً صغيراً عندى سنة وبضعة شهور ولكنى كنت في المستشفى مريضاً ، فسقط البيت علي اهلى ونجوت أنا لاني كنت في المستشفي ، كان هذا قبل ان يختفي عمي بسنة او اثنين ، فأخذني ذلك الرجل جارنا وعمل على تربيتي ولم يتخلى عني واخذني مع اولاده عندما انتقل للاسكندرية ، وعندما نُشرت حكاية ذلك الرجل في الجرائد جاء بي عمى الى هنا حتى يتعرف عليه وقال لي انه عمي ولابد ان يجتمع شملكم من جديد واعيش معه ..
يفرح طاهر ويقول له : أحقاً ما تقول انك انت وحيداً وليس لك احدٌ في الحياة ؟؟
يندهش الصبي ويرد عليه : انا لا اعلم لي اهل فليس لي اخوال وخالات اتذكرهم ..
يبتسم له طاهر ويقول : اننا نشبه بعض تماماً ياصديقي فأنا وانت  اسرة واحده حقاً ...
ارسل طاهر للمحامي ، فجاء اليه وقال له : لقد وجدت اسرتي وتذكرتها ، هذا الصبي هو اهلي واسرتي ، وارجو ان تعتذر للدكتور احمد ، معذرة اريد منك ان تبعث لسهير ابنتهم لانني أريدها ...
جائت سهير في حديقة المنزل وهي تنظر له بحنق ، فنظر لها طاهر في حنان وقال : يا أختاه ارجو ان تسامحي اخوكي فهو صغير وضعيف ، قد يكون الأن في مكان ما وربما يكون ميتاً لكن بالتأكيد نال مايستحق من عقاب ، بالتالي لابد ان يستحق مننا كل الغفران والخير .....
ينظر طاهر الى الصبي ويقول له
هيا بنا يا صديقي كي نبدأ حياة جديدة سوياً ,,,,,,,,,

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللوحة لفان جوخ 

هناك 4 تعليقات:

eman said يقول...

يعنى مش عاوزة أكرر كلامى فى التعليق على البوست السابق ...لكن بجد الحس الدرامى كويس ...عندى سؤال بالخصوص ده ..
يا ترى جربت تكتب رواية ...؟

Unknown يقول...

انا بعتذر عن عدم الرد علي التعليق السابق غير دلوقتي

انا بكرر شكري لحضرتك لاهتمامك ومتابعة اعمالي الصغيرة ..

انا لي بعض التجارب في الرواية الطويلة لكن ماقدرتش انشرها ان شاء الله اسجلها وارسلها لحضرتك ..

وان كانت تجارب بسيطه لكاتب هاوى لسه مانتقلش للاحتراف

eman said يقول...

ومن منا انتقل للإحتراف بعد ...ما زلنا جميعا هواه ..ولكن للأمانة نصيحة ان كنت ترغب فى الكتابة كمحترف لابد وان تنتبه لذلك ..وتتخلى عن عالم التدوين..قليلا فقط فهو عالم واسع ..يخطف الجميع ..ويسير بهم بعيدا عن الكتابة الإحترافية قليلا ..

Unknown يقول...

عندك حق بس المدونة في الاول وفي الاخر متنفس والكتابه والقصص تعتبر متنفس حتى ننتقل لعالم الاحتراف