الخميس، 29 يوليو 2010

اللقاء الثاني

قد عاد أخيراً الى بلدته بعد ان غاب عنها خمسة عشر سنة من الدراسة والعمل ،،
جلس في المطعم القديم المفضل لديه ، كان المكان له نفس الرائحه والخصوصية رغم بعض التجديدات التى طرئت عليه ،،
جائه النادل فطلب منه القهوة ، واخذ يُمعن النظر في كل ما حوله من زبائن وينظر جانباً عبر ستائر الشباك الى الشارع والمارة والمطر القليل الذى بدأ غيثه علي البلده ،،
رأها تدخل من باب المطعم ومعها الرجل العجوز ، شديدة الجمال والروعه ، العيون السوداء  التى طالما اعتبرها ليلُ عظيم الاسرار ،،
احس انها تبتسم له وتبحث عنه فأصابته نفس الهزة الداخليه والرعشة التي احس بها منذ خمسة عشر سنة ،،
يمر دائما وهو عائد من مدرسته من امام مساكن المهاجرين الذين هاجروا من المدن الساحلية وقت الحرب ، كانت مدرسته بالقرب من تلك المساكن ،،
لا يزال صبي أراد ان يبحث في العالم عن الأشياء المفقوده داخله من حب وصراع ومغامره وكسر لقيود عزلته التي طالما انتصرت عليه ،،
يضع كتبه في حقيبته الجلدية ويربطها في دراجته ، ويمر مرتين من امام ذلك البيت لكي يراها مطله من الشباك او جالسه مع جدها امام المدخل ،،
يرن جرس دراجته جيئة وذهابا امام بيتها فتطل عليه يبتسم لها وتبتسم له ،،
لم يجروء علي تجاوز تلك الابتسامات ،،
جاء نهاية العام الدراسي وكان مقدر له ان يسافر بعدها وقد يعود او لا يعود ،،
نزل من علي دراجته عندما رأها بمفردها في مدخل بيتها ،،
وقف صامتاً أمامها يتصبب عرقاً ويبتسم خجلاً ،، ضحكت هي بصوت منخفض ومدت يدها فلمسته ، قشعريره تدفقت بقوة الى قلبه ثم عقله ،،
عيناها السود كانت تنطلقان بحرية الى افق ممتد لا تعوقها حواجز ولا عقبات ،،
وهو لا يدري أوجد مايريد أم احس فقط انه لم يصبح وحيداً فوق تلك الارض واسفل هذه السماء الممتده ،،
وقف مستغرقاً في تسائلاته لم يدري أكانت لحظات أم دقائق ، كان يبحث عن الأجابات داخله وربما في عينيها ،،
امسكته من يديه وقالت له تعالى لا تقف هكذا !!
نزع يده من بين يديها وقال لا استطيع لقد تأخرت الأن وانطلق بدراجته ،،،
جائه النادل بقهوته ووضعها علي طاولته ،،
ينظر اليها وقام واقترب منها ،،
فأشاحت بعينيها السود عنه في قسوة وأهمال ،،
فلا يوجد سبيل الأن للصفح والغفران بعد خمسة عشر سنة ،،
وعاد وحيداً مرة اخرى الي طاولة عزلته  كي يشرب قهوته ،،،،،،،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللوحة لفان جوخ

هناك 4 تعليقات:

eman said يقول...

بدأت جملك تأخذ الشكل التلغرافى قليلا ..
حلوة ليل عظيم الاسرار ..
بس طبعا ما ينفعش كده تعليق يفوت من غير حتة نقد صغيرة ...بس .
فكرة القصة الجوهرية لابد وان (لا ...لا ) تعرض بشكل مباشر فى الحوار او الاحداث وخاصة ان كان لا داعى لذلك ..لانها تضعف من قوة الجمل ..وقوة تركيز القارئ ليكتشف بنفسه ما المراد من تلك القصة ..
يعنى هنا ...مثلا .لم يكن من الضرورى من الجملة .."فلايوجد سبيل للصفح والغفران بعد خمسة عشر سنة "..ثم انها جملة خطابية الى حد ما ..

مع تمنياتى بالتوفيق

على فكرة انا براجع التدوينات القديمة وان شاء الله قريب هأكتب تعليق واحد عليهم جميعا وحتى لا يكون مربك أومشوه لشكل الرسائل ..سأسجله على رسالة منهم

مع تحياتى .

Unknown يقول...

اتمنى فعلا انك تراجعي التدوينات القديمه لان يهمني رأيك فيها ...
عندك حق انا كتير بعرض بشكل مباشر الفكرة ال جوايا ممكن يكون قصور في التعبير بس يعني بحاول ومش بيكون باستمرار
فيه برضو فكرة بس انا ماعرضتهاش بشكل مباشر وهي العزلة وعرضها بشكل عجله تدور والانتهاء من حيث البدء
دخول الشاب المقهى وحيداً ومحاولة تغلبه علي العزله في صباه وانتهائه وحيداً علي طاولته
رغم اني برضو ذكرت العزله في اخر سطر
بشكر حضرتك جداً علي تعليقاتك وتوجيهك دايماً

eman said يقول...

شوف /يا picasso

هو مش قصور ولا حاجة هو بس سيطرة الفكرة على الكاتب الى ان تنتهى بالخروج من ذهنة فى شكلها الاخيرعند الكتابة كنص قصصى او غيره...هنا وان كانت العزلة والوحدة مصاحبة للشخصية من البداية للنهاية الا أن الفكرة الرئيسية من وجهة نظرى ولا اعلم هل هى المقصودة أيضا وعلى وجه التحديد من وجهة نظرك أم لا وهى فكرة الغفران ...سؤال ببساطة ....هل يجوز أن يهجر انسان الآخر بلا مبرر لأعوام ثم يعود ويطلب الغفران فيمنح له ..؟وان كانت فكرة بسيطة ..فى عرضها الى انها بتترتب عليها مجموعة تساؤلات اخرى ..منها تساؤلات خاصة بالوحدة وبالتكرار للمشاهد ...الخ .
الموضوع كبير يعنى .

Unknown يقول...

حي فكرة الطريقة المباشرة بتختلف من قصة لقصة حسب الهدف والقدرة علي الصياغه سواء بشكل مباشر او لا وممكن تبقي واضحه في موضوع وقصه وتختفي في اخرى ....
لا خالص انا فكرة العفو والغفران ماكنتش في بالي خالص لان في الأصل جايز تكون الفتاة ال دخلت المطعم تكون نفس الفتاة ال كان بيشوفها في صباه وممكن لا
هو كان ينتظر الأبتسامه مش اكتر
فكرتي الأساسيه هي البداية والنهاية مستمرة بالنسباله انه في عزله
وعدم قدرته من البداية علي الشجاعه وتجاوز الحاجز ده
ترك فتاته في الاول وانطلق وحيداً
وتركته هي في النهاية واصبح وحيداً برضو
فهى عبارة عن دائرة انتهت كما بدأت