السبت، 10 أبريل 2010

المنديل

جلست مع نفسها في غرفتها واخذت تفتش في صندوق ذكرياتها بعض الصور القديمه والخطابات واجزاء من صحف مر عليها اكثر من ثلاثين عاما تحول لونها للاصفر وبين هذه الذكريات وجدت ذلك المنديل ,,,,,
اصبح لونه اقرب الي الاصفر الباهت وعليه بقع من الدماء تجمدت وتحول لونها للبني ....
مسكت المنديل وقربته من انفها لتشم فيه رائحة السنين وتسترجع ذكريات مضت عليها اكثر من اربعين عاما ،،،،،
كانت تسكن هي وزوجها وطفلتها الرضيعه  في احد المراكز القريبه من المدينة التي تبعد عنها بعض الاميال والمركز ليس بالقرية ولا بالمدينه او اشبه بالمدينه الصغيرة وكان المنزل صغيرا في بيتا مشتركا مع بعض الجيران الطيبين ,,,,,
كان الزوج يعمل في المدينه  وكانت هي تقيم في المنزل لوحدها مع طفلتها ودائما لا يخلو عليها البيت من بنات الجيران الصغيرات الاتي يحببن جداا ان يلعبن مع الطفلة الجميله ،،،،،،
كان يوما شتويا شديد البروده فرغ الزوج من غدائه وجاء موعد عمله الذي سوف يتاخر فيه لليوم التالي
قبل طفلته وحملها قليلا لكي يداعبها وودع زوجته وانصرف ,,,,,,,
ذهبت هي  لتنظيف البيت  وتركت الطفله الجميله نائمه كالملاك الصغير كانت دائما تشبهها بالممثلات الفرنسيات لانها كانت ذات عينين زرقاوين شديدتا الجمال وشعر اصفر مسترسل علي وجهها الابيض وعلي عينيها رغم صغر سنها  كانت عندما تبكي يشتد احمرار وجهها وتلمع عينيها  مما يفزع الام ويجعلها تخاف عليها,,,,,
انشغلت عنها وتركتها نائمه في سبات عميق وبعد فترة من الوقت جائتها احدي بنات الجيران كانت معتادة دائما ان تأتي اليها ليلا كي تؤنس  الام في وحدتها وتلعب مع الطفله الجميله ،،،،،
دخلت الفتاه عليها وسألتها اين الطفله أمازالت نائمه اود ان العب معها !!
قالت لها انها نائمه منذ فترة طويله ولم اسمع لها صوت تعالي نذهب لنوقظها ......
دخلت علي طفلتها ذات التسعة اشهر  فوجدتها في حالة غريبه الدموع تمليء عينها وتنتفض بشدة  ولا تكاد تقوى علي البكاء ,,,
فزعت اشد الفزع علي طفلتها وهي وحيدة غير قادرة علي التصرف حملتها في حضنها وذهبت الي جيرانها كي يذهب احد يحضر الزوج من عمله ,,,,,
حضر الاب  واخذ زوجته وطفلته الي اقرب طبيب والطفله تذوي وتضعف ويزداد حالها سوءا ...
نظر الطبيب الي الطفله وفحصها وقال لا استطيع ان اميز مابها انها حاله غريبه !!
بكت عليها واحتضنتها بشده وبدأت الطفله تنزف دما من انفها وهي ترى طفلتها الجميله ترحل في هدوء رويدا رويدا بعيدا عنها ,,,,
مسكت منديلها الممزوج بدموعها ومسحت به هذه الدماء الملائكيه
وماهي الا لحظات  ورحل الملاك الصغير مودعه هذه الدنيا بخيرها وشرها بأفراحهها واحزانها كي تنعم في حياة اخري ليس بها مكان للحزن والشقاء والشر ,,,,
اخذها الاب ومعهما طفلتهما وذهبا الي قريتهم الصغيرة كان الوقت ليلا وقد بدأت السماء تنزل غيثها القليل من المطر ابتهاجا بالطفله  وعزائا للام واستبشارا ,,,,,
دخلوا عليها واخذوا الطفله بعيدا عنها بعد ان ودعتها كي يبعدوها عنها ويخففوا من حزنها ،،،،
فتمسكت بمنديلها الذي كان في حضن الطفله ولم تتركه لهم ،،،،،

فما تبقي منها سوي صورة جميله وهذا المنديل
حملوا المصابيح الليليه،،،،

ازداد غيث السماء رويدا ، واودعوها الي جوار من سبقوها في القبر  ,,,,,,,,,
امسكت المنديل وتنهدت قليلا وارجعته الي صندوق الذكريات ،  واغلقته ووضعته في مكانه مرة اخري ,,,,,,,

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللوحة لريمبرانت

ليست هناك تعليقات: