الاثنين، 26 أبريل 2010

عاد بعد مائة عام

عاد اليوم لا يدري من أي مكان قد عاد ربما عائداً من عزلته في حياة اخري أو عائداً من موته قد تكون غيبوبه امتدت لعشر سنوات او عشرين او خمسين او مائة عام لكنه عاد ,,,,,
ولا يدري الي اين عاد......
ربما ارضه وبيته وملعب طفولته وموطن ذكرياته لكنه لا يعلم له ذكريات ,,,,
فقد ذاكرته وسقطت منه هويته ولا يعلم له اسماً !!
أين البشر لا يوجد احداً يسأله فقد حل الفراغ والسكون .....
ماوجد أمامه سوى بيتاً فارغاً حوله حديقة او قد كانت حديقة بها شجرتان جردوان امتد خريفهما طويلاً ينتظران ربيعاً لا يعود .....
اسفل واحدة منهما مصطبه اتخذها العنكبوت مملكة نشر عليها خيوط سيطرته
والشجرة الاخري تحتها ارجوحه بث فيها الصدأ سمه فأصبحت عاجزة عن الحركة .....
نظر الي البيت من الخارج فوجده محتفظا بجزء من كبريائه امام غوائل الزمن لكنه لن يصمد طويلاً ربما كان يصدر انيناً طويلاً من رياح الايام الطويلة ولا احد يسمعه ولا من مجيب سوى صدى هذا الانين ,,,,,
مد يده الي الباب الكبير مرحباً به تراباً مختلطاً بخيوط عنكبوت متناثرة في زواياه مجرد ماوضع يده انفتح الباب بسهولة كأنه ينتظر زائراً منذ سنين ولم يمل الأنتظار !!
دخل البيت فوجد الظلام معمراً وحفيف الرياح مرحباً لكنه وجد علي يساره منضدة صغيرة عليها شمعة بجوارها علبة كبريت كأن اخر زائر قد تركها مرشدا لزائراً اخر ...
أشعل الشمعة فبثت في البيت بصيصاً من الضوء وبقعة واسعة منه لا بأس بها كلما انتقل بحذر في المكان انتقلت معه مخلفة ورائه ظلاماً من جديد ....
يوجه الشمعة يميناً يجد صالوناً مغطى بقماش قد كان في الماضي ابيض لكن حوله التراب الي اللون البني الداكن مع بقايا خيوط عنكبوت متقطعه ....
يوجه الشمعه يساراً يجد منضدة للطعام مستديرة حولها ست كراسي شوه ثلاثه منها وكُسرت
بجوار المنضدة باب للبلكونه احكمت خيوط العنكبوت اغلاقه ...
وجه الشمعة للامام فوجد طرقة طويله نصفها مظلم لا يصل اليها ضوء الشمعه ، مشى اليها بحذر كلما تقدم اضائت الشمعه جزء منها حتي اظهرت علي اليمين باب وجده مفتوحاً كان هذا هو الحمام ...
مشي قليلاً فنظر الي اليمين فوجد باباً اخر مفتوحاً لغرفة اخري لكنها فارغه تماما
تقدم في الطرقه فوجد في نهايتها باباً ثالثاً لكنه مغلقاً !!
وقف أمامه ممسكاً بالشمعه فوجد المفتاح في الباب ففتحه اصدر الباب صوت حشرجة قوية ,,,,
بدأت دقات قلبه تتسارع لا يدري لماذا ؟
تنفس بعمق وتقدم داخل الغرفة فوجد بعض الاساس مركوناً علي يمينه وفي مقابله مباشرة وجد مكتبه محتفظه بكتبها ، قرب الشمعة من الكتب فلم يستطيع يميز ملامحها من التراب فمسح بيده التراب هذه مجموعة كتب في الادب العربي القديم واخري في الادب الغربي ومجموعة اخري في الاقتصاد والسياسه واخري في الفنون وتاريخها
في اليسار مجموعة كتب في التاريخ الاسلامي والفرعوني وبجوارها كتب في الفلسفة وعلم النفس
لم تهدأ بعد دقات قلبه فقد بدأت تعود ذاكرته من بعيد لكن ليس بشكل كامل في الماضي البعيد لا يدري كم من السنين بالظبط كانت هذه كتبه .....
بجوار المكتبه وجد مكتباً صغيراً عليه جهاز راديو سكنه التراب والنمل الابيض كان هذا جهازه ,,,
وضع الشمعة علي المكتب وجلس علي الكرسي ونظر علي أدراج المكتب فوجدها مغلقه لكن بدون مفاتيح ماعدا درج واحد به مفتاح ففتحه وسحب الدرج بصعوبه فوجد فيه مجموعة من الصور وميدالية واوراق صفراء ...
مد يده مخترقاً خيوط العنكبوت مخرجاً الصور والاوراق والميدالية
نظر اولاً الي الميدالية فوجدها علي هيئة تفاحه قلبها مفقود !!
مسك الصور واخذ يقلبها كانت الصورة الاولي له وهو طفل بين ابوه وامه نظر اليها وتذكرهما وتذكر من احبهمها واحباه بصدق من كانا له حصناً وسنداً من غدر الايام ,,,,
الصورة التاليه وهو فتي مازال صغيراً بين اولاد وبنات في بيت ريفي نظر اليها وقال هذا ملعب طفولتي الجميل وهؤلاء رفقاء الطفولة واحلي سنين العمر
الصورة الاخري كان قد كبر جالساً بجوار امه محاوطها بذراعيه نظر اليها انها الصديقة والحبيبة
صورة اخري لفتاة جميله شعرها اسود كاليل اختفي بدره جاعلاً من وجهها هذا البدر عيون صافية ونظرة طفولية بريئة نظر لها .. انها من كانت في يوماً حبيبة لكنها انسحبت متخليه عنه الي اين لم ترد عليه ذاكرته وتعطي له جواباً
صور اخري لشخصيات لا يعرفها او لم يريد ان يعرفها فرفضت ذاكرته ان تقبلهم !!
وضع الصور في مكانها وبجوارها الميدالية واغلق درج المكتب ...
أمسك الشمعة وخرج من الغرفة واغلقها ثانيةً وخرج من البيت ووقف وخلفه الباب في الخارج
ناظراً للفراغ وللعالم
لا يعلم من أين عاد ولا أين سيذهب ؟؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللوحة لفان جوخ

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

متابعه بصمت