السبت، 24 أبريل 2010

غزل البنات

بعد ان انتهي من اعداد العشاء لاخيه وقام بترتيب غرفته لكي ينام وتأكد من انه غسل اسنانه قام بالاتصال بحبيبته كي يطمأن عليها ,,,,,,
كان هو واخوه كل ماتبقي لبعضهما من الدنيا فهما يتيمان فقدا الاب والام منذ اعوام قليلة وتركا لهما هذا البيت وبعض الاموال في البنك كي تكون لهما حصن ودرع من غوائل الحياة ,,,,,
كان قد تجاوز الرابعه والعشرين من عمره منذ بضع شهور ويعمل في الصباح بأحد المستشفيات الحكومية وفي المساء في احد الصيدليات القريبة من البيت ,,,,,
أما اخوه  ققد اقترب عمره من الخامسة عشر عاماً لكن نموه العقلي قد توقف عند الاربعة اعوام فقط ،،،،،،
وبذلك تكون زادت عليه اعباء الحياة والمسؤلية ورغم ذلك فهو يعتبره كل حياته ويحبه حباً شديداً فكان يقوم علي رعايته بشكل كامل ، يأكله بنفسه ويقوم علي استحمامه ، يتركه في اوقات عمله عند حبيبته وجارته في البيت المقابل ،،،
كان الفتي شقياً ومرحاً ، وسيم الشكل ، يألفه كل من يراه ، عنده قط صغير لا يفارقه ابدا قد اهداه اياه اخوه في عيد ميلاده منذ عامين ,,,,,,,,,
اكثر ماكان يحبه ويجذب اهتمامه بائع غزل البنات بالزماره ذات الصوت العالي والعصا المتدلي منها اكياس غزل البنات الملونه ، فكلما مر البائع تحت البيت يخرج الي الشباك ويظل ينادي عليه ويصيح ويحاول ان يقلده ومرات كثيرة ينزل الي الشارع كي يركض خلف دراجة البائع ،،،،

ربما سر حبه  لها  هو الزمارة والالوان الجميله لغزل البنات !!!!!
يجد متعته ويبقي دائما هادئاً مع جارته وحبيبة اخيه ، فكانت تعطف عليه وتحبه وتقرأ له القصص المصورة وتعلمه بعض الكلمات وتصحح له بعض الحروف التي يخطيء فيها ، الا ان ابوها كان دائما ماينهره بشده ويقسو عليه ، فكان الفتى يخاف منه ويختبيء عندما يراه ، لكن كانت تأتي الفتاه وتأخذه الي غرفتها وتتركه يلعب في هدوء من قِطه الصغير .......
مرات كثيرة تاخذه معها عندما تخرج لتشتري بعض مستلزمات البيت فيخرج معها ويظل يسألها عن السيارات ، وكثيراً يجري منها كي يجري خلف السيارات ، لكن ماكان يلفت نظره دائماً اطفال يلعبون في حديقة خلف احد الاسوار ، فترك يدها ذات مرة وذهب الي السور الحديدي وظل ينظر الي الاطفال وهو يضحك معهم وينادي عليهم ،،،،

كانت هذه احدى دور الايتام القريبة من البيت ، تقف بجواره الفتاه ويقول لها بكلمات متقطعه وحروف غير منتظمه اريد ان ادخل والعب معهم !!!!
في يوم ذهب مع اخيه الي الصيدلية التي يعمل بها كان يريد اخوه ان ينهي بعض العمل ويعود الي البيت فقرر ان يأخذه معه ، وبينما هو كان مشغولا عنه وجده قد ذهب الي احد الاركان الزجاجيه الجذابه التي عليها العلب الخاصه بالبان الاطفال وقام بالتسلق عليها حتي وقعت كلها وسببت خراب كبير ، لم يتمالك اخوه نفسه من الغضبه فقام بضربه بشدة حتي احمر وجه الفتي الابيض الرقيق واختنق البكاء داخله وحاول أن يمنع ضربات اخيه علي وجه بيديه ، وبعدها ركض بسرعه واختفي ,,,,,
جلس الاخ الاكبر مندهشاً من نفسه كيف يقوم بهذا وكيف يجروء ؟؟؟
اخوه وكل ماله من الحياة وصديقه الوحيد  !!!
عندما استعاد توازنه قام سريعا وظل يجري وينادي عليه لكن الفتي قد اختفي .....
لم يدري ماذا يفعل قرر ان يذهب الي بيت جارته فوجده هناك نائماً عند حبيبته .....
عندما رأه  ظل يبكي  وقال لها لقد ارتكبت جريمه عندما ضربته !!

جاء اليوم عيد ميلاده ، ذهب الاخ الاكبر واشتري الملابس الجديدة وتورته كبيرة وعلب جاتوه كثيرة وبالونات لا حصر لها !!!
كانت حبيبته قد اخبرته انه يعشق كثيرا دار الايتام القريبة من البيت ويحب الاطفال الموجودين بها ، فقررا ان يحتفلا بعيد ميلاده بين الاطفال فذهبا واتفقا مع المسؤلين ان يسمحوا لهما بذلك ووافقوا ،،،،
ارتدي ملابسه الجديدة واخذه اخوه وحبيبته الي دار الايتام ، وعندما وصل اليها كاد ان يجن ، اخيرا اخترق وتجاوز هذا السور واصبح بين الاطفال الذين دائما اشتاق ان يكون معهم ,,,,,
كانوا قد اعدوا كل شيء حتي الهدايا ، في حديقة الدار بين الاشجار والعشب الاخضر والشمس ساطعه وكان يوم بارد ورياح هادئه وجميله ظل يلعب مع الاطفال وكلُ يأتي اليه بالهدية الخاصه ،،،،
حبيبة اخيه اهدته بيانو ،،،،
واخوه اهداه جهاز بلاي ستيشن ،،،،،
كل طفل امسك بالونه في يديه وجاء موعد اطفاء الشموع ورددوا جميعا اغنية عيد الميلاد ،،،،
ومع اطفاء الشمع ، سمع صوت زمارة بائع غزل البنات فترك التورته والجميع وجري علي السور ينظر من خلفه الي غزل البنات بألوانه الجميله ،،،،
انفلتت البالونه من يديه فحلقت بعيدا ماره من فوق سور الحديقة  ،،،،
جري خلفه جميع الاطفال وتركوا بالوناتهم تنفلت منهم و تحلق في السماء مكتازة سور الحديقة محلقه بألوانها وانعكاس اشعة الشمس عليها ، فوق أكياس غزل البنات،،،،

هناك 3 تعليقات:

غير معرف يقول...

مازلت اتنفس الهوا الجميل من مدونتك ومقالاتك بصمت وهدوء وسكون

Unknown يقول...

وجودك في المدونه يزيدها اشراقاً وجمالاً

الحمد لله انها تنال اعجابك

fatima suliman يقول...

قصة جميلة ذات معنى